مقالات

معرض «عشرات الآلاف» عن المخفيين في الحرب السورية

 
بيروت – رنا نجار
 
معرض «عشرات الآلاف» الذي تنظمه منظمّة العفو الدولية في بيروت، يلقي الضوء على قضية المختفين قسراً في سورية منذ اندلاع الأزمة في ٢٠١١، تبرز فيه قصص لأكثر الأساليب مأسوية في حرب فقد خلالها أكثر من 75 ألف شخص قسراً على أيدي الحكومة السورية فقط، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
القصص الموجعة ويوميات المعتقل، جزء أساسيّ من المعرض الذي تحوّل ليلة الافتتاح بالتزامن مع اليوم العالمي للمخفيين، إلى مكان حزن لما احتوى من حقائق موجعة ونصوص أدبية تضرب على الوتر الإنساني وأعمال فنية ومواد بصرية وسمعية وتجهيزات. هناك نساء حضرن المعرض بكين بعدما سمعن قصة كتبتها ديمة نشاوي بعنوان «سرّ حبات المطر» وقرأتها بأسلوب مجبول بالألم. وهناك سيدة غابت عن الوعي، بعدما سمعت شهادات من أفراد عائلات المختفين.
وفي المعرض أيضاً قصائد كتبها شعراء سوريون كانوا محتجزين مثل فرج بيرقدار الذي اختار له القيّمون على المعرض قصيدة بعنوان «أنقاض» كتبها في سجن صيدنايا في عام ١٩٩٥. وفي قسم آخر، رسومات عزة أبو ربيعة، لوجوه نساء معتقلات مثل سميرة الخليل ورزان زيتونة اللتين اختطفتهما إحدى الجماعات المعارضة المسلحة مع وائل حماده وناظم حمادي حين كانوا يعملون في مركز توثيق الانتهاكات في سورية. ومن أبرز الأعمال تجهيز بعنوان «جدار الهمس» يمشي الزوار فيه بين جدارين أبيضين يبدوان للوهلة الأولى خاليَين من أي معالم، وهو مصمم من وحي القول الشهير «الحيطان لها آذان».
أما تلك المزق من الحياة الشخصية للمعتقلين وأغراضهم، فهي الأكثر تأثيراً بالزوار وبأهاليهم. فقد بكت نور غازي الصفدي مطوّلاً، عندما رأت قبعة زوجها باسل خرطبيل معلّقة على أحد جدران المعرض. هي محامية حقوق إنسان سورية، تلقت في الآونة الأخيرة تأكيداً بمقتل زوجها. وقالت لـ «الحياة»: «الإخفاء القسري أسوأ من أي انتهاك آخر، إذ يستهدف العائلة بكاملها ومحبي المخفيين. فهو لا يحتجز فقط الحرية بل فيه إنكار وجود وحرمان من حق المعرفة، وحتى عندما يتأكد الأهل من الوفاة لا يتسلمون الجثة ولا يعطون وثائق تُثبت الوفاة». ونرى في المعرض شال عبدالله الخليل، ونظارات يوسف عبده ومحفظة عبدالعزيز الخير وغيرها من الأغراض التي تبقى من رائحة الأحباب.
وكانت فدوى محمود مثالاً للعنفوان خلال حضورها المعرض وإلقائها كلمة مؤثرة. وفدوى ناشطة ومعتقلة سابقة في سورية، سُجنت لمدة عامين في 1992 في ظل حكم حافظ الأسد. وهي اليوم تطالب بحق معرفة مصير ومكان زوجها عبدالعزيز الخير رئيس «حزب العمل الشيوعي» المحظور، وابنها ماهر طحان، اللذين احتُجزا قرب مطار دمشق في أيلول (سبتمبر) 2012. فدوى المقيمة في برلين حالياً والعضو في مؤسسة «عائلات من أجل الحرية»، قالت لـ «الحياة»: «هذا المعرض أهم من المحافل الدولية التي يجتمع فيها أصحاب ربطات العنق من المعارضة السورية أو من الموالاة».
يذكر أن المنظمة ستطلق موقعاً إلكترونياً مخصصاً لإلقاء الضوء على حالات فردية من الاختفاء القسري والاختطاف في سورية، وسيكون منبر دعمٍ للعائلات لمساندة جهودها الرامية إلى العثور على أحبائها المختفين والمفقودين.