منوعات

من “تيك توك” إلى “هواوي”… “نيران” الأمن التّكنولوجي تستعر مجدداً بين بكين وواشنطن

سيدة تستخدم تطبيق "تيك توك" على هاتف ذكي

بعد تراجع نسبي لتوتر العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في ما يخص الأمن القومي، وبالتحديد في مجال التكنولوجيا منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى سدة الحكم، عادت نيران التوتر لتشتعل مجدداً بمشهدين متزامنين.

في المشهد الأول، تدرس الولايات المتحدة فرض عقوبات على العديد من شركات التكنولوجيا الصينية، وأحدثها “سي أكس إم تي” لصناعة الرقائق، في محاولة لزيادة تقييد تطوير الصين لأشباه الموصلات المتقدمة، حسبما أكدت مصادر لوكالة “بلومبرغ” الأسبوع الماضي.

ويأتي التحرك الجديد بعدما قامت شركة “إس إم آي سي” الصينية، ومقرها شنغهاي، بإمداد شركة “هواوي” الصينية لتصنيع الهواتف المحمولة بشريحة متقدمة من نوعية “7 نانومتر” لصناعة هاتفها الثوري “مايت 60 برو” العام الماضي. لكن تحقيقاً أظهر أن “إس إم آي سي” استخدمت معدات من شركتي “أبلايد ماتيريالز” و”لام ريسيرتش كورب” الأميركيتين لصناعة الشريحة.

وأوضح التقرير أن الشركة الصينية حصلت على الآلات الأميركية قبل أن تحظر الولايات المتحدة مثل هذه المبيعات للصين في تشرين الأول (أكتوبر) 2022.

وتحركت إدارة بايدن بقوة في الأشهر الأخيرة لوقف شحنات رقائق الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً إلى الصين، كجزء من جهودها لمنع بكين من تلقي التقنيات الأميركية المتطورة التي يمكن أن تعزز التقدم التكنولوجي الصيني.

ويبدو أن الصين بدأت التحرك فعلياً لمواجهة الأمر الواقع، إذ إن تقارير أكدت أن بكين بصدد جمع أكثر من 27 مليار دولار لأكبر صندوق للرقائق في البلاد، في خطوة لتسريع تطوير التقنيات المتطورة لمواجهة القيود الأميركية المتزايدة في مجال الرقائق والذكاء الاصطناعي… حيث جعلت الصين من الاكتفاء الذاتي التكنولوجي أولوية وطنية.

أما المشهد الثاني، فيتصل بتطبيق “تيك توك”، والذي يترقب الأسبوع المقبل تصويتاً بمجلس النواب الأميركي على تشريع يمنح مالكته شركة “بايت دانس” الصينية ستة أشهر لسحب استثماراتها من التطبيق (أي بيع أصولها الأميركية) أو مواجهة حظر أميركي.

ويوم الخميس الماضي صوتت لجنة الطاقة والتجارة بإجماع 50 صوتاً على رفع القرار إلى مجلس النواب من أجل قرار نهائي بخصوص التطبيق الذي يضم نحو 170 مليون مستخدم أميركي.

ويأتي التصعيد الجديد بعد فترة هدوء عقب الحملة الشعواء التي حاول خلالها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حظر التطبيق عام 2020 دون أن يصل لنتيجة. لكن الخطة فشلت لأن المحاكم الأميركية قضت بأن حظر “تيك توك” ينتهك حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور الأميركي، كما تم تعليق قانون في ولاية مونتانا كان من شأنه أن يجمد أنشطة “تيك توك” على متاجر التطبيقات في الولاية.

وتشير المخاوف الأميركية إلى إمكانية وصول السلطات الصينية لمعلومات المستخدمين الأميركيين، بينما تنفي الشركة الصينية علاقتها بالدولة.

وسعت الشركة إلى الدفاع عن نفسها مراراً، وعلقت على تصويت يوم الخميس الماضي قائلة في بيان: “هذا التشريع له نتيجة محددة مسبقاً: حظر كامل لتيك توك في الولايات المتحدة. تحاول بذلك الحكومة تجريد 170 مليون أميركي من حقهم الدستوري في حرية التعبير. وهذا سيضر بملايين الشركات، ويحرم الفنانين من الجمهور، ويدمر سبل عيش عدد لا يحصى من المبدعين في جميع أنحاء البلاد”.

وأرفقت “تيك توك” بيانها بأرقام الاتصال بالكونغرس للاعتراض على القرار، وبالفعل تلقى الكونغرس آلاف المكالمات الهاتفية التي تطلب من المشرعين التراجع عن القرار.

وسيمنح مشروع القانون شركة “بايت دانس” 165 يوماً لبيع أصولها في “تيك توك”، وإذا لم يحدث ذلك، فلن تتمكن متاجر التطبيقات التي تديرها “أبل” و”غوغل” من تقديم التطبيق على واجهاتها قانونياً، أو تقديم خدمات استضافة الويب للتطبيقات التي تسيطر عليها “بايت دانس”.

وقالت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو، لـ”رويترز”، إنها تدعم جهداً تشريعياً شاملاً من الحزبين يسمح لنا بحل تهديدات الأمن القومي التي تشكلها التطبيقات المملوكة لأجانب، بما في ذلك “تيك توك”.

وينقسم الديموقراطيون في حزب بايدن بشأن “تيك توك”؛ فمن ناحية يريد الرئيس اتخاذ موقف صارم تجاه الصين؛ لكنه يصطدم بشعبية التطبيق الكبيرة بين المستخدمين الشباب، الذين يحتاج بايدن إلى أصواتهم لإعادة انتخابه لولاية جديدة.

ويوم الجمعة قال بايدن إنه سيوقع التشريع إذا أقره المشرعون، بينما أكدت وثيقة لوزارة العدل الأميركية، التي تحمل عنوان “التهديد الذي يشكله تيك توك”، أن أي مشروع قانون يحتاج إلى فصل الشركة عن بكين والشركة الأم التي مقرها في الصين، وأن سحب الاستثمارات له مزايا رئيسية مقارنة بالحظر.