مقالات

موسم الانتخابات في الشرق ….. الخبز vs الارقام الالوان الصور

 
في الشرق التجارة الاكثر رواجا هي الانتخابات وتحت سقف القانون الذي يصنع وفق معادلات وخطط تصب في صالح الجزء وليس الكل فكل المواسم تدور في فلك الفقر والجوع والحرمان واغتصاب الحقوق وانتهاك الكرامة بينما موسم الانتخابات يظهر بحلة اخرى المثالية تكون احدى قيمها المطلقة والخطب والشعارات الثورية تتخذ منحى وطني صرف ففي المواسم التي تسبق الانتخابات لا يظهر السياسيون على واجهة الحدث والسياسة ترقد في سبات وان وجدت فتأثيره شبه معدوم ولا يساوي صفرا على اليسار هنا يستفحل الجوع والمرض والبؤس والوجع في بطون وعقول المواطنين وان حدث واجهش احدهم بالبكاء فهذا لن يجدي نفعا وان ازدادت حالات الهجرة والانتحار والبطالة والتسول ….. الخ فكلمة الحق تزول في خانة خرساء وبكماء وصماء فالسياسة في الشرق مقدسة والسياسيون هم المختارون الذين لا يمكن بأي وسيلة كانت القاء اللوم عليهم لتدهور الاحوال والاوضاع وان حدث هذا فهي جريمة ترقى لمستوى الاهانة العظمى والتعامل معها يكون واضحا وصريحا الا وهو السيف …..
 
فالانتخابات في الشرق عبارة عن تجارة فيها غالب ومغلوب والتنافس والسباق يكون في اقصى حالاته وكل الاساليب والوسائل متاحة لفرض القوة والسلطة وكل هذا يحدث بحماية القانون الذي يتيح جميع الفرص لهكذا نشاط مشروع في ذات الوقت هنالك موسم محدد لها وهذا يختلف من بلد الى اخر فأمم الشرق لا تتفق على شيء حتى في الانتخابات كل امة وشعب ودولة لها خططها واستراتيجيتها لكن الشيء الذي يلفت الانتباه هو صعود موجة الحملات الدعائية بشكل جنوني في كل مكان بداية بالشوارع والازقة والجدران وعلى اعمدة الكهرباء والاشارات المرورية فاثار الحضارة المدنية تزول من المدن وتحل مكانها اليافطات الاعلانية بمختلف الاحجام وعليها صور المرشحين عن الاحزاب والالوان تختفي وتبقى الوان التيارات والحركات السياسية فهي براقة تجذب العيون لها ومشعة تجعل المواطن يقف امامها كي يتفحص البعد الفكري والفلسفي في ثناياها خلاصة القول ان مبالغ كبيرة تصرف على الدعاية والاعلان لمجرد الوصول الى مسرح السلطة المكتظ بفسيفساء الفكر والرؤى فالوصول لا يعني انتصار الانتخابات بل يعني حدوث صدوع وشروخ لا نهاية لها فكل فئة تعتقد انها على حق وتؤيد من تقف بجانبها انها على حق بالطرف الاخر يتكرر ذات السيناريو فالسنين تمضي والعقود تلاحقها والمواطن ما زال يحل مربع الكلمات المتقاطعة حيث تظهر كل الحروف وتهمل اخرى ويبقى الحق معلقا بجانب الباطل على شماعة ما يسمى بالانتخابات فما يصرف على الاعلانات الانتخابية في الشرق يكفي لشراء اسطول من الشاحنات المحملة بأطنان من الزيت والرز والسكر والطحين وتوزيعها على الفقراء والمساكين فالمواطن بحاجة للخبز فاعادة التوازن لطبقات المجتمع هو ما يهم الفرد البسيط الفاقد لابسط مقومات العيش فهدر المال يتخذ اشكال متعددة منها الانتخابات فطريقة صرفها بهذا التكتل المرعب من الارقام والالوان والصور لن يكون ذات فائدة وقيمة للفرد فحاجاته الاساسية والثانوية تترفع عن هذا الوهم والخيال فالحديث عن المال في ازمنة وامكنة تختزل الوقت كالحوار بين مثقف وجاهل يتخذ صفة بيزنطية بحتة بينما العنوان الاساسي للانتخابات هو المال فالمكان يتمحور في جميع الاتجاهات يقابله الزمن بزاوية اخرى …..
 
هنا لا حاجة للحوار ….. فالغاية تبرر الوسيلة
 
 
ايفان علي عثمان
 
شاعر وكاتب