مقالات

هل حان الوقت لمقارعة الولايات المتحدة؟ الوجه الآخر للتمدّد الاستراتيجي!!

 
د. نبيل نايلي
“إن البيئة الأمنية أصبحت اليوم أكثر تعقيدا مع سعي خصومنا الحازم لحيازة التكنولوجيات المتقدّمة في المجالات المتعدّدة، لتشمل الفضاء والفضاء الإلكتروني وأسلحة الدمار الشامل ومع تنامي الطموحات الإقليمية والعالمية والتهديد الخطير والمستمر من الإرهاب.” مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الجنرال روبرت اشلى، Robert Ashley.
هل حانت لحظة القطب الواحد بعد الحرب الباردة والهيمنة العسكرية الأمريكية المطلقة وأزفت وانتهت؟ وباتت الإمبراطورية المترنّحة تواجه على نحو متزايد عالما متعدّد الأقطاب حيث المنافسون لديهم القدرة العسكرية التي تتعاظم وتتزايد لمقارعة واشنطن في أكثر من مجال وميدان؟
أدلى مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الجنرال روبرت اشلى، Robert Ashley، بشهادته أمام لجنة الخدمات المسلّحة بمجلس الشيوخ، وصرّح معترفا: “لقد تحوّلت البيئة العسكرية من تصدّر الولايات المتحدة كقوة واحدة قادرة على السيطرة على المنافسين وردع العدوان من خلال الوسائل التقليدية إلى واحدة ضمن الجيوش الأجنبية الناشئة ذات القدرة العسكرية!” وأضاف: “لقد درس الخصوم الطريقة الأمريكية للصراع، وقد طوروها، وسيواصلون تطوير قدراتهم على التخفيف من هيمنة العسكرية الأمريكية الطويلة الأمد في جميع مجالات القتال، ممّا يزيد من تعقيد التهديد والبيئة والمخاطر التي ستواجه الولايات المتحدة. وستستخدم الدول المنافسة جميع آليات التأثير الدبلوماسي والاقتصادي والسياسي – السري والعلني – المتاحة للدفع بجداول أعمالها. كما ستواصل العديد من الدول النظر إلى الأسلحة النووية باعتبارها الضامنة لبقاء نظمها والقادرة على التفوّق على الخصم.”
توقّع استراتيجيو ومهندسو وثيقة استراتيجية الولايات المتحدة الجديدة، وإنّ التهديدين الرئيسيين هما روسيا والصين، حتى أنّ اشلي ألحّ في شهادتة على “أنّ الصين وروسيا تمثّلان أكبر تهديد وتطوّران قدرات عسكرية جديدة باستخدام تكنولوجيات ناشئة ومدمّرة”. وستواصل هذه القوى العسكرية الكبرى “التأكيد على تطوير صواريخ باليستية وصواريخ كروز أكثر قدرة على التدمير”. فالجيش الصينى يقوم بتطوير العديد من الصواريخ البعيدة المدى والمضادة للسفن وبعضها قادر على الوصول الى سرعات فوق الصوت وسوف تحدث ثورة في الحرب. كما تقوم الصين بتطوير رؤوس حربية صاروخية متطورة ومركبات سرعتها فوق صوتية في محاولة لمواجهة أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستية. أعلنت روسيا منذ مدة عن فئة جديدة من الصواريخ الاستراتيجية والمركبات شديدة السرعة. كما تسعى ايران إلى امتلاك صواريخ كروز بعيدة المدى ودقيقة المدى، بالإضافة إلى تطوير أكثر قوة لتعزيز مركبات الإطلاق الفضائية”.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التقدم التكنولوجي الجديد أضعف الهيمنة العسكرية التقليدية لأمريكا التي كانت احتلتها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991. فأكد اشلي على “أن التطورات في المواد الجديدة ستمكن من القيام بالعمليات العسكرية في البيئات الصعبة. وقال اشلى “إن التقدّم في مجال الضوئيات سيسمح بتحسينات كبيرة في الاتصالات العسكرية والاستشعار عن بعد والملاحة والتخفي وأسلحة الموجهة “. “إن شبكة الإنترنت ستوفّر اتصالا متقدّما للأجهزة وأنظمة الاستشعار والخدمات والبيئات الإلكترونية. إن التطوّر السريع للتكنولوجيات السيبرانية، والحواسيب الفائقة، والذكاء الاصطناعي، يمنحون قدرات عسكرية دفاعية وهجومية وكسر بعض خوارزميات التشفير. إنّ التحدّي الماثل أمامنا “هو التنبؤ بالتكنولوجيا القادمة ومضاعفاتها خصوصا أنها تتطوّر يوميا”.
آشلي ختم شهادته ببعض الاستنتاجات الصعبة موضحا “إن البيئة الأمنية أصبحت أكثر تعقيدا مع سعي خصومنا الراسخ لحيازة التكنولوجيات المتقدمة في مجالات متعددة لتشمل الفضاء والفضاء الإلكتروني وأسلحة الدمار الشامل وتنامي الطموحات الإقليمية والعالمية والتهديد الخطير والمستمر من الإرهاب”.
لا تشكل هذه المخاطر تحدّيا متزايدا “لرجال العسكرية الأمريكية، فحسب، بل ولصناع القرار وللمجتمع الاستخباراتي على حد سواء”!، فليس اعتباطا أن يعترف اليوم نائب وزير الدفاع الأمريكي بأن الدفاع الصاروخي التابع للولايات المتحدة، غير قادر على مواجهة القوة الاستراتيجية لروسيا والصين موضحا: “إن نظام الدفاع الصاروخي لبلاده غير مخصّص لهذا الغرض!” وإن “نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي بالشكل الذي تمّ تطويره ونشره في الوقت الحالي، لم تتح له الفرصة لإبطال الترسانة النووية الاستراتيجية لروسيا أو الصين”!!!