اخبار سياسية

“نحن نذوب هنا”… العراق المتهالك بلا كهرباء ولا مياه ولا زراعة

09-08-2022 | 10:00 المصدر: النهار العربي

موجة حر في العراق عام 2021.

موجة حر في العراق عام 2021.

نشرت صحيفة “الواشنطن بوست” الأميركية تقريراً حول تبعات موجة الحر في العراق التي شلت قطاعات عدة منها الكهرباء والزراعة وصيد الأسماك.  

ويحتل العراق المرتبة الخامسة في لائحة البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي، وهو يسخن أسرع من معظم أنحاء العالم. وبعد حوالي 20 سنة على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، لا تزال البلاد غير مجهزة للتعامل مع الأزمات.

وفي محافظات البصرة وذي قار وميسان الجنوبية، أعلنت السلطات يوم السبت، أن شبكة الكهرباء انقطعت لليوم الثاني على التوالي، ما أغرق ملايين المنازل في الظلام, وفسد الطعام في الثلاجات. وضع الآباء أطفالهم في السيارة وقادوا لساعات، فكانت المكيفات في سياراتهم السبيل الوحيد للحفاظ على البرودة.

وبحلول صباح الأحد، أعلن محافظ ذي قار، إحدى أفقر المناطق في العراق عن تمديد عطلة رسمية لموظفي الدولة حتى الثلثاء “بسبب ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة”. 

وبعد عشرة أشهر من فوز زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية، يخوض السياسيون من الكتل الشيعية والسنية والكردية في البلاد قتالاً مريراً حول شكل الحكومة الجديدة. لذا، لم تقر أي ميزانية وعلقت قرارات الإنفاق الرئيسية.

ومع احتمال أن تشهد معظم المحافظات العراقية درجات حرارة تقارب 120 درجة وما فوق هذا الأسبوع، ليست شبكة الكهرباء الخدمة العامة الوحيدة المتعثرة.

والواقع أن مجالي الزراعة وصيد الأسماك، وهما ركيزتان أساسيتان في محاولات الدولة الحد من اعتمادها على عائدات النفط، يتعرضان لأضرار فادحة بسبب الجفاف.

إلى ذلك، أبلغ الأطباء أن المستشفيات المنهكة تعالج حالات الإصابة بضربة الشمس وصعوبات التنفس التي قد تفاقمت بسبب الغازات السامة في الهواء.

وفي شوارع، كان الأولاد الصغار يوزعون الماء من صناديق ثلج، مغطين رؤوسهم بأوشحة مبللة لتفادي أشعة الشمس الحارقة.

وأشارت شرطة المرور إلى أن عملها يزداد صعوبة. وقال الشرطي فلاح نوري (37 سنة)، وهو يستريح على رصيف على ضفاف نهر دجلة: “أفعل ذلك منذ 16 سنة، ليست المشكلة الشمس فقط، إنما الدخان وحماوة الأرض تحت أقدامنا”. وروى أن نعله احترق، وارتدى حذاءً أوصاه به طبيبه، كما طلب منه أن يحظى إجازة.

ومع تعثر أنظمة الطاقة الحكومية في مختلف أنحاء العراق، تعتمد كل المباني من الوزارات إلى المنازل، على مولدات يديرها القطاع الخاص.

لكن لهذه الحلول البديلة مخاطرها الخاصة. ويقول الخبراء أن المولدات تعمل بوقود الديزل، وتطلق أبخرة سامة في الهواء، كما يضطر العملاء إلى دفع أسعار باهظة لرجال الأعمال غير الخاضعين للمساءلة مقابل الحصول على الكهرباء.

في حي الزعفرانية في جنوب شرق بغداد، يكاد حبيب عبد الخادم، (49 سنة) لا يسمع صوته بسبب هدير مولده. وصرخ: “نحن نذوب هنا! أنا و 40 مليون عراقي آخر. نحن نذوب.”

وعادة ما تنحسر الحرارة في بغداد فقط عندما تجتاح عاصفة ترابية المنطقة. وهذا الصيف، أدخل آلاف العراقيين إلى المستشفى بسبب مشاكل في التنفس. 

في النتيجة، أدى ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه الناجم عن التغير المناخي وسوء الإدارة إلى ظهور اضطرابات في الماضي. وفي الجنوب، أرغمت الظروف العائلات على النزوح من أراضيها الزراعية إلى المدن، حيث تتصاعد التوترات وسط تضاؤل الموارد.

وفي مدينة البصرة، حيث استعد السكان لقضاء ليلة أخرى يوم الأحد بدون كهرباء، أدت النفايات السامة إلى تلويث إمدادات المياه في المدينة بأكملها عام 2018، ما تسبب بنقل أكثر من 100 ألف شخص إلى المستشفى بسبب آلام في البطن وإسهال.

وفي جميع أنحاء العراق، أطلقت تظاهرات محدودة تندد بالخدمات السيئة في مواجهة الحر الشديد.