مقالات

العراق وأمريكا.. من الغزو والاحتلال ..إلى الشراكة الاستراتيجية.. إلى المجهول!

بقلم: د. عبدالإله بن سعود السعدون

الجمعة ٣٠ يوليو ٢٠٢١ – 02:00

يتوقع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬السياسيين‭ ‬والمعنيين‭ ‬بالشأن‭ ‬العراقي‭ ‬انفراجة‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬العراقي‭ ‬إثر‭ ‬نتائج‭ ‬الحوار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬العراقي‭ ‬الأمريكي‭ ‬المنبثق‭ ‬عن‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الشريكين‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008م‭ ‬وعلى‭ ‬أثرها‭ ‬انسحبت‭ ‬القوات‭ ‬القتالية‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬الرافدين‭ ‬عام‭ ‬2011م‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬إسهامها‭ ‬في‭ ‬مقاتلة‭ ‬عصابة‭ ‬داعش‭.‬

وجاءت‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬مصطفى‭ ‬الكاظمي‭ ‬لواشنطن‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬السادس‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬الجاري‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬دعوة‭ ‬رسمية‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬الإعلام‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭ ‬بالتاريخية‭ ‬لأهميتها‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬خريطة‭ ‬طريق‭ ‬جديدة‭ ‬للعلاقات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المستقبلية‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والعسكرية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

لقد‭ ‬أدار‭ ‬الدكتور‭ ‬فؤاد‭ ‬حسين‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬بنجاح‭ ‬واضح‭ ‬الجولة‭ ‬الرابعة‭ ‬للحوار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬العراقي‭ ‬والأمريكي،‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬ترعى‭ ‬مصالح‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬واحترام‭ ‬السيادة‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬القتالي‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬القواعد‭ ‬العراقية‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬أربيل‭ ‬في‭ ‬كردستان‭ ‬العراق‭ ‬وقاعدة‭ ‬بلد‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬وقاعدة‭ ‬عين‭ ‬الأسد‭ ‬ومشاركة‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭ ‬لدعم‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬داعش‭ ‬الإرهابية‭. ‬وشكلت‭ ‬زيارة‭ ‬الكاظمي‭ ‬التاريخية‭ ‬لواشنطن‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬يوم‭ ‬الإثنين‭ ‬السادس‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬الجاري‭ ‬تتويجا‭ ‬للجهود‭ ‬الإيجابية‭ ‬للجولة‭ ‬الرابعة‭ ‬للحوار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬العراقي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وقد‭ ‬أعلن‭ ‬الدكتور‭ ‬فؤاد‭ ‬حسين‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬العراقي‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬جدولة‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الحالي،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬التعاون‭ ‬اللوجستي‭ ‬وإدامة‭ ‬وجود‭ ‬الطائرات‭ ‬والدبابات‭ ‬التابعة‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬العراقية‭ ‬من‭ ‬الصناعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قوات‭ ‬استشارية‭ ‬أمريكية‭ ‬بحسب‭ ‬بنود‭ ‬اتفاقية‭ ‬التعاون‭ ‬اللوجستي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬والولايات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توقيعها‭ ‬عام‭ ‬2008م‭ ‬وتضمنت‭ ‬بنودا‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والثقافي‭ ‬والسياسي،‭ ‬لكن‭ ‬نتيجة‭ ‬للضغوط‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬العراقية‭ ‬المتعاقبة‭ ‬بضرورة‭ ‬إخراج‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المقاتلة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬العراقية،‭ ‬ولتحقيق‭ ‬هدفها‭ ‬هذا‭ ‬حركت‭ ‬أذرعها‭ ‬من‭ ‬المليشيات‭ ‬الولائية‭ ‬المسلحة‭ ‬لإثارة‭ ‬صنوف‭ ‬من‭ ‬التحرش‭ ‬العسكري‭ ‬العابث‭ ‬لتهديد‭ ‬الوجود‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬القواعد‭ ‬العراقية بالقصف‭ ‬الصاروخي‭ ‬وأخيرا‭ ‬تسيير‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬لقصف‭ ‬القواعد‭ ‬العراقية‭ ‬لتخويف‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تنفيذا‭ ‬لمبدأ‭ ‬الحرب‭ ‬بالوكالة‭ ‬ولمصلحة‭ ‬إيران،‭ ‬ونسيان‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬العراقية‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وسياسيا‭ ‬وعسكريا،‭ ‬ومن‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المليشيات‭ ‬المنفلتة‭ ‬عسكريا‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تدين‭ ‬بالولاء‭ ‬للوطن‭ ‬العراقي‭ ‬وحكومته‭ ‬الوطنية‭ ‬تناست‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بغزوها‭ ‬للعراق عملت‭ ‬على‭ ‬تفكيك‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬بإلغاء‭ ‬الجيش‭ ‬العراقي‭ ‬والقوات‭ ‬العراقية‭ ‬الأمنية‭ ‬وإلغاء‭ ‬الدستور‭ ‬وإهانة‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬بإعلانها‭ ‬قواتها‭ ‬قوات‭ ‬احتلال‭ ‬عسكري؟

أما‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬مازال‭ ‬يعاني‭ ‬شعبنا‭ ‬العراقي‭ ‬من‭ ‬نتائجها‭ ‬السلبية‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬بتسليم‭ ‬السلطة‭ ‬لأعوان‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬ذهب‭ ‬وفتح‭ ‬منافذ‭ ‬البلاد‭ ‬أمام‭ ‬تسلل‭ ‬عملاء‭ ‬إطلاعات‭ ‬وقوات‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬مقاليد‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭ ‬وتسخير‭ ‬كل‭ ‬خيرات‭ ‬العراق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لدعم‭ ‬اقتصاديات‭ ‬إيران‭ ‬المنهارة‭ ‬ولهذا‭ ‬كله‭ ‬الآن‭ ‬تحاول‭ ‬طهران‭ ‬جاهدة‭ ‬عرقلة‭ ‬أي‭ ‬تعاون‭ ‬عسكري‭ ‬أو‭ ‬اقتصادي‭ ‬سياسي‭ ‬عراقي‭ ‬أمريكي‭ ‬خشية‭ ‬تراجع‭ ‬نفوذها‭ ‬داخل‭ ‬السلطة‭ ‬العراقية بسحب‭ ‬البساط‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬إيران‭ ‬وأعوانها‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭ ‬وتصحيح‭ ‬ما‭ ‬انحرف‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬وإنهاء‭ ‬سيطرة‭ ‬الأحزاب‭ ‬المذهبية‭ ‬على‭ ‬الوزارات‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬بحسب‭ ‬خطط‭ ‬المحاصصة‭ ‬الحزبية‭ ‬والطائفية‭.‬

ينشد‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬الثائر‭ ‬التصحيح‭ ‬للمسيرة‭ ‬السياسية‭ ‬متأملين‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الكاظمي‭ ‬لواشنطن‭ ‬بما‭ ‬يعود‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬الصابر‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬والعيش‭ ‬الكريم‭ ‬ووضع‭ ‬نهاية‭ ‬لعمليات‭ ‬الاغتيالات‭ ‬الغادرة‭ ‬التي‭ ‬تنفذها‭ ‬قوى‭ ‬منفلتة‭ ‬إجرامية‭ ‬تتلقى‭ ‬أوامرها‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الوطن‭ ‬العراقي‭.‬‮ ‬

وتعمل‭ ‬القوى‭ ‬الموالية‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭ ‬ومعها‭ ‬المليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬الولائية‭ ‬على‭ ‬إخراج‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬الأرض‭ ‬العراقية‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬كان‭ ‬لتنفرد‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تتلقى‭ ‬التوجيه‭ ‬المباشر‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬بالسيطرة‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬وتنفيذ‭ ‬رغبة‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬إبعاد‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬عن‭ ‬حدودها‭ ‬وبالطبع‭ ‬لا‭ ‬إيران‭ ‬ولا‭ ‬أعوانها‭ ‬من‭ ‬الساسة‭ ‬العراقيين‭ ‬يهمهم‭ ‬مستقبل‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬وسيادته‭ ‬الوطنية‭ ‬ورفاهية‭ ‬شعبه‭ ‬الصابر‭.‬

‭ ‬ويسعى‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬بكل‭ ‬مؤسساتها‭ ‬الدستورية‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬الشعب‭ ‬بنصوص‭ ‬دستور‭ ‬بريمر‭ ‬الطائفي‭ ‬المعتمد‭ ‬على‭ ‬تقسيم‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬الموحد‭ ‬إلى‭ ‬مكونات‭ ‬مذهبية‭ ‬عرقية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وضع‭ ‬خطط‭ ‬اقتصادية‭ ‬وانعدام‭ ‬وجود‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬واضحة‭ ‬أدى‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تحول‭ ‬نفوذ‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬داخل‭ ‬دولة‭ ‬العراق‭ ‬تتسلط‭ ‬المليشيات‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬الفاسدين‭ ‬رفضهم‭ ‬الشعب‭ ‬الغاضب‭ ‬بالتظاهر‭ ‬على‭ ‬وجودهم‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالعملية‭ ‬السياسية‭ ‬العرجاء‭ ‬التي‭ ‬أوصلت‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬الإفلاس‭ ‬السياسي‭ ‬والمالي‭ ‬بسرقات‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رقيب‭ ‬أو‭ ‬حسيب‭ ‬أو‭ ‬ضمير‭ ‬يحاسبهم‭ ‬من‭ ‬داخلهم‭!.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‭ ‬الشامل‭ ‬لهذا‭ ‬التكوين‭ ‬السياسي‭ ‬الفاشل‭ ‬سلك‭ (‬ثوار‭ ‬تشرين‭) ‬السبيل‭ ‬السلمي،‭ ‬مطالبين‭ ‬بإجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬مبكرة‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬ببرلمان‭ ‬متجدد‭ ‬بأغلبية‭ ‬شبابية‭ ‬وطنية‭ ‬جديدة‭ ‬تعي‭ ‬مكامن‭ ‬الفساد‭ ‬وترمم‭ ‬ما‭ ‬خربته‭ ‬الأحزاب‭ ‬المذهبية‭ ‬وفسادهم‭ ‬المتأصل‭ ‬والمتغلغل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭.‬

يرى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الساسة‭ ‬والإعلاميين‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬العراق‭ ‬وجواره‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬الكاظمي‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الحكومات‭ ‬اهتماما‭ ‬بالوضع‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬وقد‭ ‬سعت‭ ‬بجدية‭ ‬صادقة‭ ‬إلى‭ ‬إبعاد‭ ‬الساحة‭ ‬العراقية‭ ‬عن‭ ‬النزاعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬والنأي‭ ‬بالنفس‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الأحلاف‭ ‬والتكتلات‭ ‬الإقليمية‭ ‬وأرست‭ ‬قواعد‭ ‬وجسورا‭ ‬أخوية‭ ‬صادقة‭ ‬مع‭ ‬محيطها‭ ‬العربي‭ ‬وتعتبر‭ ‬من‭ ‬أنجح‭ ‬الوزارات‭ ‬التي‭ ‬توالت‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬منذ‭ ‬الغزو‭ ‬الأنجلو‭ ‬أمريكي‭ ‬عام‭ ‬2003م‭ ‬فقد‭ ‬تعهدت‭ ‬بإجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬المبكرة‭ ‬القادمة‭ ‬ومن‭ ‬المؤمل‭ ‬إجراؤها‭ ‬في‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬القادم‭ ‬والتي‭ ‬ستعطي‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬الفرصة‭ ‬لتوجيه‭ ‬أصواتهم‭ ‬الانتخابية‭ ‬نحو‭ ‬الكتل‭ ‬الوطنية‭ ‬العابرة‭ ‬للطائفية‭ ‬والحزبية‭ ‬الضيقة‭ ‬وفرز‭ ‬شخصيات‭ ‬وطنية‭ ‬هدفها‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬وتأسيس‭ ‬دولة‭ ‬مؤسسات‭ ‬تعتمد‭ ‬المواطنة‭ ‬الركيزة‭ ‬الأساسية‭ ‬لخدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والعمل‭ ‬بجد‭ ‬وإخلاص‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬خطط‭ ‬الإعمار‭ ‬والتشغيل‭ ‬وتهيئة‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬لعديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالزراعة‭ ‬والصناعة‭ ‬وتنشيط‭ ‬وتنويع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬

كذلك‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬ناقشها‭ ‬الرئيس‭ ‬الكاظمي‭ ‬مع‭ ‬بايدن‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬تنشيط‭ ‬الاقتصاد‭ ‬بالمشاركة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بتنفيذ‭ ‬الورقة‭ ‬البيضاء‭ ‬والتي‭ ‬تحوي‭ ‬التصور‭ ‬العراقي‭ ‬لتنشيط‭ ‬اقتصاديات‭ ‬بلاده‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الإسهام‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬ونقل‭ ‬المعرفة‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬الاقتصادات‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬والزراعة‭ ‬والثقافة‭ ‬والتعليم‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬الجانب‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬مباحثاته‭ ‬مع‭ ‬مسؤولي‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬لتمويل‭ ‬مشاريع‭ ‬استراتيجية‭ ‬تنوي‭ ‬حكومة‭ ‬الكاظمي‭ ‬تنفيذها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬والموارد‭ ‬المائية‭ ‬والسدود‭ ‬والصحة‭ ‬والنقل‭.‬

كان‭ ‬من‭ ‬أهداف‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬المهمة‭ ‬تحقيق‭ ‬أسس‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬الذي‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬ظروف‭ ‬العملية‭ ‬الانتخابية‭ ‬والخشية‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬الأمن‭ ‬الانتخابي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬المنفلتة‭ ‬والخارجة‭ ‬عن‭ ‬سلطة‭ ‬القانون‭.‬

‭ ‬لقد‭ ‬استبشر‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬بنجاح‭ ‬مسار‭ ‬الحوار‭ ‬الرابع‭ ‬للشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬العراقية‭ ‬الأمريكية‭ ‬فقد‭ ‬أعرب‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬السيد‭ ‬برهم‭ ‬صالح‭ ‬بأن‭ ‬نجاح‭ ‬المسيرة‭ ‬التفاوضية‭ ‬التي‭ ‬أشرف‭ ‬عليها‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الكاظمي‭ ‬تعبير‭ ‬لجهد‭ ‬حقيقي‭ ‬صادق‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬وشاركه‭ ‬نفس‭ ‬الارتياح‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬ورؤساء‭ ‬الكتل‭ ‬السياسية‭ ‬لنتائج‭ ‬الزيارة‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الكاظمي‭ ‬لواشنطن‭. ‬وتثمن‭ ‬القوى‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الانتخابي‭ ‬بنتائج‭ ‬الزيارة‭ ‬والدعم‭ ‬الأمريكي‭ ‬لشفافية‭ ‬النتائج‭ ‬المرتقبة‭ ‬لها‭ ‬وأعلنت‭ ‬تأييدها‭ ‬لمساعي‭ ‬الكاظمي‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬وعوده‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬الانتخابات‭ ‬المبكرة‭ ‬في‭ ‬موعدها‭ ‬المعلن‭ ‬وجهوده‭ ‬لخدمة‭ ‬الشعب‭. ‬

إن‭ ‬العمل‭ ‬بجد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬ضرورة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عصفت‭ ‬به‭ ‬ويلات‭ ‬الطائفية‭ ‬والاغتيالات‭ ‬المستهدفة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يعارض‭ ‬التدخل‭ ‬الإيراني‭ ‬بالشأن‭ ‬الداخلي‭ ‬العراقي‭ ‬وتعديات‭ ‬المليشيات‭ ‬المسلحة‭ ‬التي‭ ‬تدين‭ ‬بالولاء‭ ‬للخارج‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬حاليا‭ ‬العائق‭ ‬المخيف‭ ‬لكل‭ ‬عملية‭ ‬إصلاح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير،‭ ‬وأولها‭ ‬نزاهة‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة،‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬أداة‭ ‬لاغتيال‭ ‬كل‭ ‬مرشح‭ ‬وطني‭ ‬للانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬ومتابعة‭ ‬توجيه‭ ‬صواريخ‭ ‬العمالة‭ ‬نحو‭ ‬البعثات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأجنبية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬ما‭ ‬سيؤثر‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬العراق‭ ‬القومي‭ ‬لو‭ ‬أصابت‭ ‬هذه‭ ‬الصواريخ‭ ‬الطائشة‭ ‬أعضاء‭ ‬من‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أجنبية،‭ ‬ما‭ ‬يسبب‭ ‬ردودا‭ ‬مخيفة‭ ‬لكل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭ ‬نتيجة‭ ‬جنون‭ ‬مليشيات‭ ‬ولائية‭ ‬وعميلة‭ ‬لملالي‭ ‬قم‭ ‬وطهران،‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يهتم‭ ‬كل‭ ‬مواطن‭ ‬مخلص‭ ‬للعراق‭ ‬وعلمه‭ ‬الوطني‭ ‬بكل‭ ‬جد‭ ‬بالتغيير‭ ‬سلميا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الانتخابات‭ ‬ويحجب‭ ‬صوته‭ ‬عمن‭ ‬تسببوا‭ ‬في‭ ‬سلبه‭ ‬وظلمه‭ ‬وهجرته‭ ‬وتهجيره‭ ‬من‭ ‬الفاسدين‭ ‬وعملاء‭ ‬الأجنبي‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬جهته‭.‬

إن‭ ‬المتظاهرين‭ ‬ومعهم‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬بالسيادة‭ ‬المطلقة‭ ‬للشعب‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬قراره‭ ‬السياسي‭ ‬نحو‭ ‬المصالح‭ ‬العليا‭ ‬للعراق‭ ‬وطنا‭ ‬وشعبا‭ ‬والمستقل‭ ‬بقراره‭ ‬والعامل‭ ‬نحو‭ ‬خير‭ ‬وازدهار‭ ‬العراق‭ ‬الدولة‭ ‬وإعادة‭ ‬مكانتها‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬إذا‭ ‬استطاعت‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬المخلصة‭ ‬التوحد‭ ‬في‭ ‬جبهة‭ ‬وطنية‭ ‬واحدة‭ ‬فلن‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬مسيرتها‭ ‬الوطنية‭ ‬أي‭ ‬مليشيا‭ ‬مسلحة‭ ‬تخدم‭ ‬مصالح‭ ‬الأجنبي‭ ‬أياً‭ ‬كان‭. ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬تجرى‭ ‬الانتخابات‭ ‬بإشراف‭ ‬عربي‭ ‬وإقليمي‭ ‬ودولي‭ ‬وإلا‭ ‬ستكون‭ ‬البندقية‭ ‬والدولار‭ ‬السياسي‭ ‬هما‭ ‬من‭ ‬يوجه‭ ‬الناخب‭ ‬مكرها‭ ‬نحو‭ ‬مرشح‭ ‬الأحزاب‭ ‬الطائفية‭ ‬ومليشياتهم‭ ‬المنفلتة‭ ‬وسيبقى‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬بنفس‭ ‬الوضع‭ ‬مع‭ ‬تغيير‭ ‬وجوه‭ ‬الفاسدين‭.‬

إن‭ ‬المواطن‭ ‬العراقي‭ ‬يتطلع‭ ‬بأمل‭ ‬كبير‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬مشجعة‭ ‬لهذه‭ ‬العلاقة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الشريك‭ ‬الأمريكي‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬سيناريوهات‭ ‬المجهول‭ ‬المطروحة‭ ‬لتحقق‭ ‬له‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬في‭ ‬وطنه‭ ‬المخطوف‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يهتف‭ ‬خلال‭ ‬تظاهراته‭ ‬لاسترجاعه‭ ‬وإعادة‭ ‬العراق‭ ‬التاريخي‭ ‬إلى‭ ‬موقعه‭ ‬ومكانته‭. ‬وتخطي‭ ‬حاجز‭ ‬التحدي‭ ‬الصعب‭ ‬وتقليم‭ ‬أظفار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يحمل‭ ‬السلاح‭ ‬ضد‭ ‬المواطن‭ ‬العراقي‭ ‬المخلص‭ ‬لبلاده‭ ‬وسيادته‭ ‬الوطنية‭.‬