اخبار سياسية

الناتو يعزز وجوده على أبواب روسيا

قررت دول حلف شمال الأطلسي خلال قمة مهمة في مدريد الأربعاء تعزيز وجودها العسكري على أبواب روسيا وإطلاق آلية التوسيع لضم السويد وفنلندا، في خطوة اعتبرتها موسكو “عدائية” و”مزعزعة للاستقرار”.

وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ عند افتتاح النقاشات التي يشارك فيها كل قادة الحلف حتى الخميس أن الحلف “في لحظة محورية” من تاريخه.

خلال هذه القمة التي اعتمد خلالها الحلف خريطة طريق استراتيجية جديدة بعد مراجعة تلك المعتمدة منذ 2010 للمرة الأولى، ندد قادة الحلف بـ”الوحشية المروعة” التي تمارسها روسيا في أوكرانيا وتعهدوا بتقديم المزيد من الدعم لكييف.

وقال ستولتنبر “أوكرانيا يمكن أن تعتمد علينا طالما لزم الأمر”.
كما اعتبر الحلف أن الصين تشكل “تحدّيا لمصالح” دول الناتو و”أمنها”.

هذا اللقاء بعد أكثر من أربعة أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير سيصادق على تعزيز الوجود العسكري على الضفة الشرقية للاطلسي الذي سيرفع من جانب آخر عدد القوات في حالة الجهوزية العالية الى أكثر من 300 الف عسكري.

وقال ستولتنبرغ “إنها إعادة التنظيم الأكبر لدفاعنا الجماعي منذ الحرب الباردة”.
من جهته قال الرئيس الأميركي جو بايدن “نحن على الموعد” و”سنثبت أن حلف الاطلسي ضروري أكثر من أي وقت مضى” معلنا عن تعزيز الوجود العسكري الأميركي في كل أنحاء أوروبا وخصوصا في دول البلطيق.

وطلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء متحدثا عبر الفيديو أمام قادة الحلف دعما إضافيا من الحلف لافساح المجال امام كييف لمواجهة القوات الروسية.

وقال زيلينسكي “لكي نكسر هيمنة المدفعية الروسية (…) نحن بحاجة إلى الكثير من هذه الأنظمة الحديثة من هذه المدفعية الحديثة” مشيرا الى ان كييف بحاجة الى “حوالى 5 مليار دولار شهريا” لتأمين دفاعها.

يفترض ان تتفق دول الأطلسي التي سبق ان قدمت مليارات الدولارات من المساعدة لكييف، في مدريد على “برنامج مساعدة كامل لاوكرانيا لمساعدتها على فرض احترام حقها في الدفاع المشروع” كما قال ستولتنبرغ.

في موازاة ذلك أعلنت النروج الاربعاء عن إرسال ثلاث بطاريات قاذفات صواريخ بعيدة المدى من نوع “ام ال ار اس”. الثلاثاء اعلن وزيرا الدفاع الالماني والهولندي عن تسليم ست قاذفات صواريخ إضافية.

قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي برر الهجوم على أوكرانيا بشكل خاص بالخوف من توسع جديد نحو شرق حلف الأطلسي، “كان يأمل بتواجد أقل للحلف على جبهته الغربية بعد غزوه غير الشرعي لأوكرانيا” لكنه “كان مخطئا تماما لأن حصل على المزيد من الحلف” .

تشكل قمة مدريد ايضا فرصة لإطلاق عملية انضمام السويد وفنلندا اللتين قررتا الانضمام الى الحلف بعد حياد تقليدي استمر لفترة طويلة.

واتفق قادة حلف شمال الاطلسي على دعوة فنلندا والسويد رسميا للانضمام إلى الحلف بعدما أبرمت تركيا اتفاقا مع الدولتين الاسكندنافيتين لرفع اعتراضها على عضويتيهما، كما أفاد بيان.
وأوضح بيان عن قمة التحالف في مدريد “اليوم، قررنا دعوة فنلندا والسويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ووافقنا على توقيع بروتوكولات الانضمام”.

ورحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء بـ”التوافق” الذي تمّ التوصل إليه. وقال وفق ما نقله عنه قصر الإليزيه إن انضمام البلدين اللذين يمتلكان قدرات قوية” إلى الناتو “سيساهم بشكل كبير في أمن جميع الحلفاء”.

وكانت تركيا العضو في الحلف منذ 1952 تعطل انضمام البلدين متهمة خصوصا ستوكهولم وهلسنكي بإيواء ناشطين من حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة “منظمة إرهابية”.

لكن بعد اجتماعات طويلة على هامش القمة، أعطت تركيا الضوء الأخضر لدخول هذين البلدين إلى الحلف. واعتبر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أنه حصل على “تعاون كامل” في مكافحة حزب العمال الكردستاني.

وأعلنت تركيا الأربعاء أنها ستطالب فنلندا والسويد بتسليمها 33 شخصا ينتمون الى حزب العمال الكردستاني وحركة فتح الله غولن (فيتو) اللذين تعتبرهما إرهابيين.

وقال وزير العدل التركي بكر بوزداغ “في إطار الاتفاق الجديد، سنطلب من فنلندا تسليم ستة عناصر من حزب العمال الكردستاني وستة من +فيتو+، ومن السويد تسليم عشرة عناصر من +فيتو+ و11 من حزب العمال الكردستاني”.

تصنف انقرة وحلفاؤها الغربيون حزب العمال الكردستاني “منظمة إرهابية”.
من جهته، اعتبر سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي الأربعاء ان قمة حلف شمال الأطلسي في مدريد تؤكد “عدائية” الحلف حيال روسيا واصفا توسيع عضويته إلى فنلندا والسويد بأنه خطوة “مزعزعة للاستقرار الى حد كبير”.

وأضاف لوكالات الأنباء الروسية أن “قمة مدريد تعزز مسار الاحتواء العدواني الذي ينتهجه الحلف حيال روسيا”.
كما قال ريابكوف إن بلاده ليست “خائفة” من إعلان الرئيس الأميركي تعزيز الوجود العسكري الأميركي في أوروبا، على خلفية توترات شديدة مع موسكو.

وتنعقد قمة الحلف، في حين تستمر أوكرانيا على الأرض بدفع ثمن الغزو الروسي غاليا. واعلنت السلطات الأوكرانية الأربعاء عن عدة ضربات دامية على مدنيين لا سيما في مناطق ميكولاييف (جنوب) ودنيبرو (وسط شرق).

تأتي هذه الضربات بعد يومين على هجوم استهدف مركزًا تجاريًا مكتظًا في كريمنتشوك على بعد 330 كيلومترا جنوب شرق كييف ما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 18 قتيلا وفقدان نحو أربعين شخصا بحسب السلطات الأوكرانية.

وقال الرئيس الأوكراني إن عملية القصف هذه “هي من أفظع الأعمال الإرهابية في تاريخ أوروبا” داعيا إلى اعتبار روسيا “دولة راعية للإرهاب” بعد هذه الضربة التي استهدفت “مدينة هانئة”.
رغم بعض التقدم للقوات الروسية على الأرض في الأيام الماضية، اعتبر وزير الدفاع البريطاني بن والاس الأربعاء ان روسيا “فشلت في كل أهدافها الرئيسية”.

وقال في مقابلة مع إذاعة “ال بي سي” إن القوات الروسية لا تتقدم “إلا بعض الأمتار في عدة أيام” لقاء “كلفة هائلة” لموسكو مقدرا بأن عدد الجنود الذين قتلوا من الجانب الروسي منذ بدء النزاع بلغ “25 ألفا”.

وهذا ما نسبه جونسون الى “ذكورية سامة” من جانب بوتين. وقال لشبكة التلفزيون الألمانية “زي دي اف” مساء الثلاثاء “لو كان بوتين امرأة وهو ليس كذلك كما هو واضح، فأنا لا أظن أنه كان سيشن هذه الحرب الذكورية المجنونة” التي تهدف إلى “غزو” أوكرانيا.