يستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم، رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، بعد زيارته فرنسا ولقائه الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي اتصل بالسيسي السبت للبحث في «مستجدات الوضع الراهن في قضايا منطقة الشرق الأوسط، وما يمكن للبلدين تقديمه من خلال جهودهما المشتركة لمصلحة تلك القضايا ولدعم الاستقرار في المنطقة».
وأفيد بأن محادثات السيسي – ماكرون الهاتفية ركزت على الوضع اللبناني وضرورة تجنيب الساحة اللبنانية أي تصعيد، والتأكيد على الحفاظ على استقراره، خصوصاً مع تمسك الحريري بالاستقالة من رئاسة الحكومة، وفي ضوء توقع «مفاوضات سياسية في لبنان» بهدف الوصول إلى «اتفاق يُزيل الأسباب التي دفعت الحريري إلى الاستقالة لو قُدر له تشكيل حكومة جديدة».
من جهة ثانية أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أن الأزمة السياسية التي شهدها لبنان إثر استقالة الحريري، أدت إلى تحويلات من الليرة إلى الدولار «ضمن السقف الطبيعي في ظروف كهذه»، مشيراً إلى أن «موجودات المصرف بالعملات الأجنبية (43 بليون دولار)، كانت كافية لمنع الهلع في الأسواق». وشدد على استعداد «المركزي» والمصارف اللبنانية «لمواجهة أي مستجدات» قد تحدث نتيجة عقوبات أو تدابير قد تتخذها وزارة الخزانة الأميركية، في سعيها لمعاقبة «حزب الله» ومؤيديه.
وقال سلامة لـ»الحياة» أن «الأزمة السياسية تؤثر نفسياً في المتعاملين، لكن إعلان الدول دعمها استقرار لبنان والوحدة الوطنية، وإعلان الحريري أنه سيعود إلى لبنان، ساهم في تهدئة الأسواق»، مؤكداً أنها «ليست مشكلة في السيولة»، وأن «الأزمة السياسية لها حياتها وحدودها».
ونفى سلامة الحديث عن منع المصارف اللبنانية المودعين من تحويل أموالهم من الليرة إلى الدولار، موضحاً أن «هناك بعض الودائع لأجل يتم دفعها في تاريخ استحقاقها، ولكن البعض طلب قبض الوديعة قبل استحقاقها. وطلبت المصارف من هؤلاء الانتظار حتى تاريخ الاستحقاق، وهذا عمل مصرفي طبيعي يتعلق بتنظيم مالية المصرف وليس لها أي اعتبار آخر».
وعن الفوائد على الليرة اللبنانية، قال سلامة إن «المصارف تدفع فوائد أعلى للمودعين بالليرة اللبنانية، وهو أمر تجاري خاضع للعرض والطلب»، لافتاً إلى «ظاهرة أخرى تتمثل في ارتفاع الفائدة بين المصارف، إذ ارتفعت إلى مئة في المئة ولكنها شملت مبالغ صغيرة، ونحن كمصرف مركزي لم نتدخل لضخ سيولة بالليرة اللبنانية لأن المصارف ليست بحاجة إلى هذه السيولة، وتركناها تسير في شكل طبيعي».
وأكد سلامة أن «الهندسات والعمليات المالية التي اعتمدت تُمكن من مواجهة بعض المفاجآت»، مشدداً على أن «الاستقرار قائم سواء في المصرف أو في الليرة اللبنانية».
وفي شأن أخبار عن تحويلات مالية عدة من دبي إلى لبنان نتيجة كشف بعض الحسابات بعد تحقيقات في الفساد، نفى سلامة علمه بهذا الأمر، مشيراً إلى أن «لبنان يبقى مكاناً آمناً للخدمات المصرفية لكل من يرغب التعامل مع سوقنا». ولفت إلى أن «مجلس النواب اللبناني صوّت على قانون يسمح للدول بكشف حسابات مواطنيها إذا كانت لديهم حسابات غير مصرح عنها في لبنان»، مشيراً إلى أن «منظمة التعاون الاقتصادي» اعترفت بأن لبنان ممتثل بهذا الأمر»، مبيناً أن «هناك اتفاقاً لتبادل المعلومات الضرائبية بين لبنان وفرنسا سيصبح سارياً في أيلول (سبتمبر) 2018».
وأضاف: «كانت هناك وديعة سعودية حجمها بليون دولار في البنك المركزي، وتم استردادها في وقتها، وهم مشكورون لأنهم دعمونا في وقت الحرب في ٢٠٠٦، ووضعوا ودائع في البنك المركزي الذي أعادها».
وعن تأثير تحول حكومة الحريري إلى حكومة تصريف أعمال، أكد سلامة اتخاذ المصرف الاحتياطات اللازمة، إذ «طلبنا عندما قمنا بالهندسة المالية في ٢٠١٦، من المصارف تخصيص المداخيل التي تحققت من هذه الهندسة لاستخدامها كرأسمال وليس كأرباح، ونفذت المصارف ذلك، وأصبح لدينا وضع أقوى لرسملة المصارف»، لافتاً إلى أن «لدى المصارف اللبنانية اليوم نسبة ملاءة بنسبة معايير «بازل ٣» تتعدى ١٥ في المئة، وطبقت معايير المحاسبة الدولية، وبقي لها احتياطات عامة يمكنها استعمالها لمواجهة أي طارئ، لذا فإن الأمور ثابتة ومستقرة».
وفي شأن نوايا الإدارة الأميركية إصدار عقوبات صارمة على «حزب الله»، أكد سلامة: «طلبنا من المصارف العام الماضي التزام قانون العقوبات الأميركية، وطورنا نظام امتثال معترف به من قبل السلطات الدولية المهتمة بمكافحة تبييض الأموال، ومعترف به إيجاباً من قبل المصارف المراسلة».
وأشار إلى أن «هناك دائرة امتثال في مصرف لبنان وهو التزام منفذ»، لافتاً إلى أن «القانون الجديد الذي يتم بحثه في أميركا تم التصويت عليه في مجلس النواب وليس في مجلس الشيوخ، وهناك المراسيم التطبيقية التي ستصدر من وزارة الخزانة الأميركية، لكن بكل الأحوال نحن ملتزمون ولن نحتاج إلى تدابير جديدة لأن الآليات التي وضعناها تسمح بالتعاطي مع كل المستجدات التي يمكن أن تأتينا على هذا الصعيد».