نفي روسي إيراني لاستخدام المسيّرات.. رغم الأدلة

1

نفت موسكو وطهران في الأمم المتّحدة أمس الأربعاء أن تكون المسيّرات التي تستخدمها روسيا في شنّ هجمات في أوكرانيا إيرانية الصنع كما تتّهمهما بذلك كييف وحلفاؤها الغربيون وفي مقدّمهم الاتّحاد الأوروبي الذي يحضّر لفرض عقوبات على طهران بسبب هذه الطائرات.

وفي أعقاب جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي عصر الأربعاء على مدى ساعتين بطلب من الولايات المتّحدة وفرنسا وبريطانيا لبحث قضية المسيّرات الإيرانية، تناوب على الحديث أمام الصحافيين عند باب المجلس كلّ من نائب السفير الروسي ديمتري بوليانسكي والسفير الإيراني أمير سعيد إيرواني.

وبنبرة ملؤها السخرية انتقد الدبلوماسي الروسي “اتّهامات لا أساس لها، ونظريات مؤامرة وعدم عرض أيّ دليل على مجلس الأمن”.

وأكّد بوليانسكي أنّ المسيّرات “التي يستخدمها الجيش الروسي في أوكرانيا صنعت في روسيا” وبالتالي لا صلة لإيران بها.

بدوره، سخّف السفير الإيراني الاتّهامات الموجّهة لبلاده بتزويد روسيا مسيّرات عسكرية، معتبراً إياها “مزاعم لا أساس لها ولا جوهر”.

وجدّد إيراواني التأكيد على أنّ الجمهورية الإسلامية تريد “تسوية سلمية” للنزاع في أوكرانيا.
وخلال تصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 أكتوبر (تشرين الأول) على مشروع قرار يدين عملية الضمّ “غير القانونية” التي قامت بها روسيا لأربع مناطق أوكرانية، امتنعت إيران عن التصويت شأنها في ذلك شأن 34 دولة أخرى.

من جانبه لم يكتف السفير الروسي بنفي الاتّهامات الموجّهة إلى كلّ من موسكو وطهران بشأن قضية المسيّرات الحربية، بل وجّه تهديداً إلى كلّ من الأمانة العامة للأمم المتّحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش.

وقال بوليانسكي إنّه في حال أجرت الأمم المتّحدة تحقيقاً “غير مهني على الإطلاق ومسيّساً” لتحديد منشأ المسيرات التي تستخدمها بلاده في أوكرانيا، “سيتعيّن علينا إعادة النظر في تعاوننا معهم (الأمانة العامة)”، مشدّداً على أنّ إعادة النظر هذه “لن تكون في مصلحة أحد”.

وطلبت الولايات المتّحدة وفرنسا وبريطانيا عقد هذه الجلسة على الرّغم من أنّ روسيا تتمتّع في مجلس الأمن الدولي بحقّ النقض وبإمكانها تالياً أن تجهض أيّ قرار يمكن أن يصدر عن المجلس.

وأبلغت أوكرانيا منذ أسابيع عن شنّ روسيا هجمات بمسيّرات إيرانية من طراز شاهد-136، وهي طائرات بدون طيار تنفجر رؤوسها الحربية في عمليات عمليات هبوط انتحارية، كما تحرّكت كييف لقطع العلاقات مع طهران.

وفي بروكسل، جدّد الاتّحاد الأوروبي الأربعاء التأكيد على أنّ إيران وراء تزويد روسيا بالمسيّرات.

وقالت نبيلة مصرالي المتحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل “لقد جمعنا أدلّتنا الخاصة” والتكتّل يستعدّ لـ”ردّ واضح وسريع وحازم”.

وأظهرت قائمة اطّلعت عليها وكالة فرانس برس أنّ الاتّحاد الأوروبي أعدّ لفرض عقوبات على ثلاثة مسؤولين عسكريين إيرانيين بينهم الجنرال محمد باقري رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية.

والعقوبات التي من المتوقع إقرارها الخميس في قمّة أوروبية في بروكسل ستشمل “شاهد” لصناعات الطيران، وهي شركة مرتبطة بالحرس الثوري.

وأفاد الجيش الأوكراني الأربعاء أنه أسقط أكثر من 220 طائرة مسيّرة إيرانية الصنع في نحو شهر، على الرّغم من أنّ قصف كييف بطائرات مسيّرة أسفر الإثنين عن وقوع خمسة قتلى.

وتقول الولايات المتحدة إنّ تزويد إيران روسيا مسيّرات حربية ينتهاك القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 2015 والذي رعى اتفاقاً نووياً بات الآن في حكم المنهار.

وعام 2020 انتهى الحظر الذي يفرضه القرار على مبيعات الأسلحة التقليدية الإيرانية، على الرغم من محاولات إدارة دونالد ترامب السابقة تمديده.

لكنّ القرار يحظر حتى أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كلّ صادرات الأسلحة الإيرانية التي لا تتمّ بإذن من مجلس الأمن في حال كانت تعود بالفائدة على قدرات الصواريخ البالستية.

وقال المتحدّث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل الأربعاء إنّ “تزويد إيران روسيا بهذه الأنواع المحدّدة من الطائرات بدون طيار يعدّ انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، وهي مسألة تخصّ مجلس الأمن الدولي”.

وتأتي عمليات نقل الأسلحة المزعومة في الوقت الذي تواجه فيه إيران ضغوطاً متزايدة بسبب حملة القمع التي تشنها ضد أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ سنوات بعد وفاة الشابة مهسا أميني البالغة 22 عاماً وهي قيد الاحتجاز لدى “شرطة الأخلاق”.

وأدّت الاضطرابات إلى فرض عقوبات غربية جديدة على إيران وتراجع الجهود التي يبذلها الرئيس الأمريكي جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي انسحب منه دونالد ترامب.

وسلط المسؤولون الغربيون الضوء على المسيّرات الإيرانية كدليل على أنّ روسيا، وهي تاريخياً واحدة من أكبر مصدّري الأسلحة في العالم، تستنفد ترسانتها جراء الخسائر التي تتكبدها في ساحة المعركة.

وكشفت الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تقول إن المسيّرات الإيرانية أصيبت باعطال في أحيان كثيرة، وأن روسيا تحولت إلى كوريا الشمالية للحصول على طائرات بعد رفض الصين الدعوات لإرسال أسلحة.

وقال وزير الدفاع الإستوني هانو بيفكور خلال زيارة لواشنطن إن روسيا تعتمد على الطائرات المسيّرة بسبب قلّة الإمدادات ونجاح أوكرانيا في حماية أجوائها.

وأضاف بيفكور للصحافيين أنّ الروس “يدركون أنهم في الجو لا يملكون سيطرة حالياً، لأن هناك دفاعاً جوياً من الجانب الأوكراني. لقد فقدوا الكثير من الطائرات”.

وفي واشنطن، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في بيان إنّ الولايات المتّحدة لديها “الكثير من الأدلّة” على استخدام روسيا مسيّرات حربية إيرانية في أوكرانيا، مشدّداً على أنّ هذه الأدلة دامغة حتى وإن واصلت طهران “الكذب والنفي”.

وأضاف “لن نتردّد في فرض عقوبات وغيرها من الإجراءات المناسبة ضدّ كلّ الضالعين في هذه العمليات لنقل” المسيّرات من إيران إلى روسيا.

وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي فإنّ “مجلس الأمن الدولي سيعقد الجمعة، بناءً على طلب فرنسا والمكسيك، اجتماعاً (علنياً) حول حماية المدنيين، لبحث موضوع الضربات العشوائية ضدّ المدنيين والتي قد ترقى إلى +جرائم حرب+”.

التعليقات معطلة.