1

خامنئي يرفض التفاوض مع أميركا فيما الاحتجاجات مستمرة

مغني راب إيراني يواجه عقوبة الإعدام وطلاب يدعون إلى التظاهر تضامنا مع المدن الكردية

 وكالات  الأحد 27 نوفمبر 2022 3:00

أفرجت السلطات الإيرانية، السبت 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، بكفالة عن لاعب كرة قدم دولي كردي سابق ومدافع عن حرية التعبير كانا قد أوقِفا لدعمهما الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ أكثر من شهرين.

والموقوفان هما فوريا غفوري (35 عاماً)، بحسب وكالة “فارس” الإيرانية للأنباء، وحسين روناغي الكاتب في صحف أجنبية عدة بينها “وول ستريت جورنال”، على ما أفاد شقيقه.

أوقِف الأول يوم الخميس بعد اتهامه بـ”الدعاية” ضد الدولة، والثاني في 24 سبتمبر (أيلول) بعد إدانته حملة القمع الدامية ضد الاحتجاجات في إيران.

تم توقيف غفوري بعد حصة تدريبية لفريقه فولاد خوزستان بحسب وكالة “فارس”.

وأفادت الوكالة بأن “فوريا غفوري وحسين روناغي أفرج عنهما بكفالة”.

وكتب حسن روناغي على “تويتر” أن شقيقه “حسين أفرج عنه مساء (السبت) بكفالة من أجل تلقي علاج”، من دون أن يخوض في مزيد من التفاصيل.

ونشر والده أحمد صورة لابنه في المستشفى، قائلاً إنه أُطلق سراحه بعد إضراب عن الطعام استمر نحو شهرين.

يُعاني حسين روناغي (37 عاماً) مشاكل في الكلى، وكان أضرب عن الطعام فور اعتقاله وتدهورت حاله الصحية، فنُقل إلى المستشفى في 13 نوفمبر قبل أن يعود إلى السجن.

خامنئي و”أحداث الشغب”

قال الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، السبت، إن أفراد قوات “الباسيج” ضحوا بأرواحهم في “أحداث الشغب” التي اندلعت بعد وفاة شابة إيرانية أثناء احتجاز الشرطة لها في سبتمبر الماضي.

وكانت قوات “الباسيج” التابعة للحرس الثوري الإيراني في مقدمة حملة نفذتها الدولة مستهدفة الاحتجاجات التي انتشرت في أنحاء البلاد.

وقال خامنئي في كلمة بثها التلفزيون عن “الباسيج” إنهم “ضحوا بأرواحهم لحماية الشعب من مثيري الشغب”.

وأكد الزعيم الأعلى الإيراني أن التفاوض مع الولايات المتحدة لن ينهي الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ شهرين، لأن واشنطن ستطالب دائماً بالمزيد.

وتندّد السلطات الإيرانية بالاحتجاجات وتعتبر أن هذه الاحتجاجات هي “أعمال شغب” حرّض عليها الغرب، تحديداً الولايات المتحدة.

وقال خامنئي، “المشكلة ليست أربعة مثيري شغب في الشارع، حتى لو عوقب كل مثير شغب وكل إرهابي… ساحة المعركة أوسع من ذلك بكثير. العدو الرئيسي هو الاستكبار العالمي”، في إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.

وأدلى خامنئي بهذه التصريحات التي نقلها التلفزيون الحكومي، أثناء استقباله وفداً من “قوات التعبئة” في طهران لمناسبة أسبوع الباسيج، وهي مجموعة تضم متطوعين وتابعة للحرس الثوري.

وأضاف، “يقول لنا البعض في الصحف والفضاء الإلكتروني إنه يكفي حلّ مشكلتكم مع أميركا وسماع صوت الشعب، لإنهاء الاضطرابات التي بدأت قبل عدة أسابيع”. وتساءل، “كيف نحل المشكلة مع أميركا؟ هل ستُحل المشكلة بالجلوس والتفاوض والحصول على التزام من أميركا؟”. وأجاب، “لا. التفاوض لن يحل مشكلتنا مع أميركا، لأنها تمعن في السعي وراء انتزاع التنازلات من إيران”.

ووفق خامنئي، فإن الولايات المتحدة تطالب بتخلي إيران عن برنامجها النووي وتغيير الدستور وتحصر نفوذها داخل حدودها وتغلق صناعاتها الدفاعية. وشدّد على أنه “لا يمكن لأي إيراني قبول مثل هذه الشروط”.

قتلى ومعتقلون 

كذلك هاجم من يقول إنه يجب “سماع صوت الشعب”. وقال، “دوّى صوت الشعب الضخم في الرابع من نوفمبر (خلال التظاهرات الموالية للحكومة) أو أثناء تشييع (الجنرال قاسم) سليماني. كان هذا الحشد الضخم صوت الشعب الإيراني”.

من جهته، تفقد الرئيس إبراهيم رئيسي السبت لمناسبة أسبوع الباسيج، وحدة في هذه القوات في طهران، حسب ما أفادت وكالة “تسنيم”. وقال أمام أعضاء هذه الوحدة، “قمتم بأداء رائع خلال مكافحة مثيري الشغب”.

وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) أنه حتى أمس الجمعة قُتل 448 محتجاً منهم 63 طفلاً. وأضافت أن 57 من قوات الأمن قتلوا أيضا، فضلاً عن اعتقال نحو 18170 شخصا.

ولم تذكر السلطات العدد الرسمي للقتلى من المحتجين، لكن مسؤولاً كبيراً قال يوم الخميس، إن 50 من قوات الشرطة لقوا حتفهم في الاضطرابات.

وأصدر النظام القضائي المتشدد في إيران أحكاماً بإعدام ستة محتجين على الأقل كما دين الآلاف بسبب مشاركتهم في الاضطرابات، وذلك بحسب ما ذكره مسؤولون.

مغني راب يواجه الإعدام

قالت أسرة مغني الراب الإيراني توماج صالحي الذي اعتُقل بسبب تأييده الاحتجاجات التي اندلعت إثر وفاة مهسا أميني، إن حياته في خطر بعدما بدأت السبت محاكمته بعيداً من الإعلام.

وصالحي شخصية معروفة في إيران، وكان قد اعتُقل في أواخر الشهر الماضي بعد تنديده بالنظام وتأييده الاحتجاجات، وفق منظمات حقوقية.

وجاء في تغريدة لمركز حقوق الإنسان في إيران ومقرّه نيويورك، أن “الجلسة الأولى لما يسمى ’محاكمة‘ مغني الراب الإيراني المعارض توماج صالحي أجريت اليوم من دون حضور محام من اختياره”.

وجاء في تغريدة للعائلة أن “حياته بخطر شديد حالياً”، علماً بأنه يواجه تهمتي “العداء لله” و”الإفساد في الأرض”، وهما جرمان عقوبتهما الإعدام في إيران.

وكان قد فُقد أثر صالحي في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) إلى أن ظهر في تسجيل فيديو بثه الإعلام الرسمي الإيراني في الثاني من نوفمبر. وفي الفيديو إشارة إلى أنه أول ظهور لصالحي منذ توقيفه. ويظهر في الفيديو رجل معصوب العينين يقول إنه صالحي ويعترف بارتكاب “خطأ”.

ودان نشطاء تسجيل الفيديو الذي نشرته وسائل إعلام إيرانية حكومية لمغني الراب، ووصفوه بأنه اعتراف قسري.

وصالحي واحد من شخصيات بارزة عدة تم توقيفها في حملة القمع الواسعة النطاق التي اعتُقل خلالها عشرات الصحافيين والمحامين والمثقفين وشخصيات المجتمع المدني.

وجاء توقيف صالحي بعيد مقابلة أجرتها معه شبكة “سي بي سي” الكندية، قال خلالها “هناك مافيا مستعدة لقتل الأمة بأسرها… للاحتفاظ بسلطتها ومالها وأسلحتها”.

وأفاد الإعلام الرسمي الإيراني بأن صالحي أوقف خلال محاولته عبور الحدود الغربية للبلاد، ما نفته أسرته التي أكدت أنه كان حينها في محافظة تشهار محال وبختياري في غرب البلاد.

خامنئي يشيد بالمنتخب

وبعد أن اتهم كثير من المشجعين الإيرانيين على وسائل التواصل الاجتماعي المنتخب الوطني لكرة القدم بالانحياز لحملة القمع العنيفة التي تشنها الدولة على المحتجين، أشاد خامنئي بالفريق لفوزه في مباراته أمام ويلز في كأس العالم لكرة القدم أمس الجمعة.

وقال خامنئي “أبناء منتخبنا الوطني لكرة القدم أناروا عيوننا بانتصارهم”.

وردد لاعبو المنتخب الوطني الإيراني النشيد الوطني قبل بدء المباراة أمس الجمعة على خلاف ما فعلوه في مباراتهم الأولى أمام إنجلترا في وقت سابق من الأسبوع، عندما اختاروا عدم ترديد النشيد في تأييد واضح للمحتجين.

وتستمر إيران في تصعيد حملة القمع ضد الاحتجاجات في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر بعد أن أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة.

وانطلقت تظاهرات ليلية الجمعة، 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، في منطقة “نازي آباد” في العاصمة الإيرانية طهران، وردد المشاركون هتافات “الموت للديكتاتور” و”هذا العام عام الدم… سيسقط فيه خامنئي”، وفقاً لموقع “إيران إنترناشيونال”.

وأظهرت مقاطع فيديو رفع شعار “الموت لخامنئي” في طهران عقب انتهاء مباراة منتخب إيران أمام ويلز.

وفي السياق، أصدر طلاب سبع جامعات في طهران دعوة لتنظيم تجمعات احتجاجية مشتركة، السبت 26 نوفمبر، دعماً لأهالي كردستان.

ونشر عدد من الطلاب بياناً وصفوا فيه اليوم بأنه “سبت أسود للجامعة”، وطلبوا إقامة تجمعات احتجاجية وارتداء ملابس سوداء تضامناً مع أهالي كردستان.

وأشار البيان إلى “الصمود الشجاع والمنسجم لطلاب جامعات كردستان والعلوم الطبية في سنندج أمام قوات القمع”.

وجاء في البيان أن “الحركة الطلابية الأخيرة تربطها علاقة فريدة مع مجتمعها، كيف يمكن لهذه الحركة أن تغض النظر عن القتل الوحشي لأهاليها في المناطق الكردية؟ كيف ننسى أحبابنا الذين قتلوا؟ كيف لا ندعم المناضلين في كردستان؟”.

ووجه الطلاب في البيان كلمتهم إلى الأكراد، وكتبوا “شجاعتكم انعكست علينا فصرنا أكثر جرأة. سمعنا صرخة الحرية والمساواة ونقسم أن نصرخ معكم من أجل الحرية”.

الأمن الإيراني يفتح النار على المتظاهرين

وفي وقت سابق، أطلقت قوات الأمن الإيرانية النار على متظاهرين عقب صلاة الجمعة في محافظة سيستان بلوشستان التي تشهد اضطرابات، مما أدى إلى سقوط عشرات بين قتيل وجريح، بحسب ما قال نشطاء.

وكان نشطاء قد دعوا إلى تظاهرات في أنحاء البلاد هذا الأسبوع تضامناً مع محافظة كردستان التي تعد مع سيستان بلوشستان الأكثر معاناة جراء الحملة الأمنية التي أوقعت قتلى.

ويسمع في شريط مصور في عاصمة سيستان بلوشستان زاهدان، إحدى المدن القليلة ذات الغالبية السنية في إيران متظاهرون يهتفون “كردستان كردستان سندعمك”.

كما يسمع متظاهرون في تسجيل آخر نشر على مواقع للتواصل الاجتماعي ولم يتم التأكد من صحته، “أكراد وبلوش إخوة، متعطشون لدم القائد”، في إشارة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

وقال نشطاء في وقت لاحق إن قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين في المدينة.

وقالت “حملة نشطاء البلوش” ومقرها لندن على قناة “تليغرام” إن “عشرات قتلوا أو جرحوا”. ولم تتمكن وكالة الصحافة الفرنسية من التأكد من الحصيلة.

ونشرت المجموعة تسجيلاً مصوراً يظهر عدداً من الرجال وهم يحملون جريحاً على ما يبدو، من مسجد زكي في زاهدان، على الأرجح، أكبر مساجد السنة في إيران.

اقرأ المزيد

كما نزل متظاهرون إلى شوارع مدن إيرانشهر وخاش وسراوان في سيستان بلوشستان، وفق حملة نشطاء البلوش ومرصد “1500 تصوير”.

وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران “هيومن رايتس إيران” ومقرها أوسلو، إن الحرس الثوري الإيراني استخدم معدات عسكرية من بينها رشاشات ثقيلة لقمع الأهالي.

وتشهد المحافظتان الواقعتان في غرب وشمال غربي إيران تظاهرات بشكل خاص منذ وفاة أميني عقب توقيفها في طهران.

والثلاثاء قالت المنظمة الحقوقية إن قوات الأمن الإيرانية قتلت 416 شخصاً في الأقل، بينهم 51 طفلاً و27 امرأة، منذ اندلاع التظاهرات.

وتشمل تلك الحصيلة 126 شخصاً قتلوا في سيستان بلوشستان، و48 قتيلاً في محافظة كردستان. وقتل أكثر من 90 شخصاً في إطلاق نار في زاهدان في 30 سبتمبر الذي أطلق عليه ناشطون “الجمعة الدامي”.

تأتي تظاهرات الجمعة غداة قرار لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يقضي بفتح تحقيق دولي حول القمع الدامي في إيران.

ونددت إيران بالقرار معتبرة أنه “مرفوض ويمثل انتهاكاً للسيادة الوطنية للبلاد”.

انتشار للحرس الثوري

ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، الجمعة 25 نوفمبر، أن الحرس الثوري عزز وجوده في مناطق كردية مضطربة ضمن حملة تهدف إلى احتواء الاحتجاجات، وأظهر مقطع مصور عشرات الأشخاص وهم يتظاهرون في مناطق لأقلية البلوخ في الجنوب الغربي.

ودعا رجل الدين السني البارز المنتمي إلى أقلية البلوخ مولوي عبدالحميد خلال صلاة الجمعة إلى إنهاء قمع الاحتجاجات بالاعتقالات والقتل. ونقل موقعه الإلكتروني على الإنترنت عنه قوله “احتجاجات الشعب تظهر أن سياسات الأعوام الـ43 الماضية وصلت إلى طريق مسدود”.

وذكرت وكالات أنباء حكومية أن مزيداً من الوحدات المدرعة والقوات الخاصة التابعة للحرس الثوري في طريقها إلى المناطق الحدودية في الغرب والشمال الغربي حيث تقطن الأقلية الكردية، بعد إعلان تعزيزات سابقة يوم الأحد.

ونشرت وكالة أنباء “تسنيم” شبه الرسمية صورة لقادة مبتسمين من الحرس الثوري وهم يعتلون مركبة عسكرية ويحيون صفاً طويلاً من القوات.

وتتهم إيران الدول الغربية بتأجيج الاضطرابات، كما تتهم المحتجين في مناطق الأقليات العرقية بالعمل نيابة عن جماعات انفصالية.

وصعدت السلطات حملتها القمعية في المناطق الكردية. وأشار مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الإثنين إلى تقارير تفيد بسقوط أكثر من 40 قتيلاً في تلك المناطق خلال الأسبوع السابق. وأعلنت إيران الثلاثاء أنها قصفت جماعة كردية في شمال العراق.

كما ندد مولوي عبدالحميد في خطبته بما يتردد عن تعرض معتقلات لإساءة معاملة وانتهاكات. وقال “تتردد في وسائل الإعلام أمور مروعة عن إساءة معاملة نساء، لا يسعني تكرارها”، في إشارة على ما يبدو إلى تقارير تتحدث عن اغتصاب معتقلات.

قرصنة وكالة أنباء رسمية

وتعرّضت وكالة أنباء إيرانية تابعة للحكومة للقرصنة الجمعة، على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت في أنحاء البلاد، حسب ما أفادت وسائل إعلام محلية.

وأشارت وكالة “تسنيم” مساء الجمعة، إلى أن “مجموعة من المقرصنين جعلت موقع وكالة أنباء فارس غير متاح لبضع لحظات”.

وتعد وكالة أنباء “فارس” واحدة من المصادر الرئيسة للمعلومات التي تنشرها الدولة بشأن الاحتجاجات الدائرة في إيران، والتي تصفها الوكالة عموماً بأنها “أعمال شغب”.

وأشارت الوكالة السبت إلى أن “دخول المستخدمين” إلى موقعها الإلكتروني “تعطّل” بعد “عملية قرصنة وهجوم إلكتروني معقدين نُفذا الجمعة”، وفقاً لبيان نشرته على قناتها على “تيليغرام”.

وأوضحت أن “الهجمات الإلكترونية ضد وكالة فارس تُشنّ بشكل يومي من عدة دول، بما في ذلك الأراضي المحتلة (إسرائيل)”، من دون إضافة المزيد من التفاصيل.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول)، أعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم “بلاك ريوورد” (Black reward) أنها تمكنت من الحصول على وثائق تتعلّق بالبرنامج النووي الإيراني، وحثّت السلطات على إطلاق سراح كل السجناء السياسيين والمعتقلين في إطار الاحتجاجات.

وبعد انتهاء مهلة 24 ساعة، نُشرت وثائق على وسائل التواصل الاجتماعي، يُفترض أنها من قبل هذه المجموعة، بما في ذلك مقطع فيديو قصير تم تقديمه على أنه يُظهر موقعاً نووياً إيرانياً، بالإضافة إلى خرائط وكشوفات دفع.

التعليقات معطلة.