علي صالح يدفع ثمن «تحالف الضرورة» مع الحوثيين

1

محمد علي السقاف

فوجئ الجميع داخل اليمن وفي المنطقة بالصدامات المسلحة التي اندلعت في العاصمة اليمنية صنعاء، من دون سابق إنذار، بين جماعة الرئيس السابق علي صالح والحوثيين الموالين لإيران، وظهور صالح في تسجيلات فيديو ينتقد بحدة حلفاء الأمس القريب بنعتهم بالمليشيات.

رأى البعض في هذه الصدامات مجرد مسرحية، مثل تلك التي كان الرئيس اليمني السابق يجيد إخراجها في مناسبات عديدة، وعزّز هذا الشعور أن قواته سيطرت على عدة مناطق من صنعاء منذ بداية الصدامات يوم السبت الماضي، لتعود قوات صالح فتتقهقر أمام الحوثيين في اليوم التالي، وهو ما أعاد إلى الأذهان ما حدث في الحرب السادسة ضد الحوثيين، عندما تقدمت قوات صالح حين كان في قمة السلطة، وكادت تصل في صعدة إلى مقر قيادة الحوثيين. لكنه وفق تصريحاته اللاحقة، قرر إيقاف الحرب ضدهم حقنا لسفك الدماء اليمنية، في حين رأى آخرون أن هذا التراجع جاء تلبية لوساطة إقليمية.

والأمر المحيّر أن الرئيس السابق قبل المصادمات الأخيرة مع الحوثيين كان يوحي في تصريحات عديدة بأنه يمتلك مخزونا كبيرا من الأسلحة جمعها في فترة حكمه واشتراها لمواجهة الظروف التي يمر بها اليمن الآن، ولم يجمع مبلغ الستين بليون دولار لحسابه الشخصي، كما تتهمه الأمم المتحدة وأطراف أخرى.

إذا كان الأمر كذلك، فكيف تمكن الحوثيون خلال أقل من 24 ساعة من الانقلاب على علي صالح والسيطرة على العاصمة صنعاء، وصولا إلى ارتكاب جريمة قتله؟ وأكثر ما يثير الدهشة هو ما صرّح به حسين عرب وزير داخلية الحكومة الشرعية (كان وزيرا للداخلية في إحدى حكومات علي صالح السابقة) الذي استغرب غياب التنسيق بين جماعة علي صالح وقوات الشرعية وقوات التحالف الموجودة على مشارف صنعاء، وهو لو قام فعلا بالتنسيق مع هذه القوات لاستطاع ربما التحكم في الموقف والسيطرة على صنعاء، كما كان يمكن أن يشجع القبائل المحيطة بصنعاء على الصمود أمام الحوثيين.

فقد أدلى صالح نفسه بحديث على قناة «اليمن اليوم» التابعة له دعا فيها اليمنيين أن يهبّوا هبة رجل واحد للدفاع عن اليمن ضد العناصر الحوثية التي تعبث باليمن منذ 3 سنوات للانتقام ممن حققوا وحدة اليمن وثورة سبتمبر، ودعا إلى فتح صفحة جديدة مع دول الجوار.

ورحب التحالف العربي بهذه الدعوة وتعهد بالوقوف بكل إمكاناته مع مصالح الشعب اليمني للحفاظ على أرضه وهويته، في إطار الأمن العربي والإقليمي والدولي.

ورحبت الشرعية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، من جانبها، بالانتفاضة الشعبية الهادفة إلى إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة والحفاظ على الجمهورية والمكتسبات الوطنية، ودعت الشعب اليمني إلى إنهاء كابوس الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا.

السؤال المطروح: لماذا لم تدفع بيانات الدعم هذه، من السلطة الشرعية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، الرئيس السابق إلى الاستنجاد بقوات الشرعية والتحالف الموجودة على مشارف صنعاء للتنسيق معها قبل الاصطدام المباشر مع الحوثيين؟ ألا يرجح ذلك فرضية المسرحية؟ أم أن هذه الفرضية تتعارض مع طبيعة العلاقة والتحالف بين الحوثيين وجماعة صالح التي تقوم أساسا على تحالف الضرورة بينهما الذي فرضته الظروف والذي دفع علي صالح ثمنه؟ فالحوثيون لا ينسون أن علي صالح خاض ضدهم ست حروب وقتل حسين الحوثي شقيق عبد الملك الحوثي، كما أن صالح كان يعلم أن الحوثيين يريدون إعادة الإمامة مجددا إلى اليمن التي أطاحتها ثورة سبتمبر، لكن تحالف الضرورة والرغبة في الانتقام من حزب «الإصلاح» وعلي محسن الأحمر والرئيس عبد ربه منصور هادي جعلا علي صالح يتحالف مع الحوثيين ربما ضد رغبته.

في الخلاصة، يصعب إعطاء إجابة قاطعة حول دوافع علي صالح للتحالف مع الحوثيين، ويزيد من صعوبة الإجابة أن الأمين العام للشق الموالي لعلي صالح في حزب «المؤتمر الشعبي»، عارف الزوكا، أكد في حديث إلى محطة «بي بي سي» أن تصريحات صالح الأخيرة بفتح صفحة جديدة مع دول التحالف العربي قد حُرّف مضمونها، وقال إنه بعكس ما اتهمه الحوثيون فان علي صالح لم يخنهم بل أكد ضرورة وقف العمليات العسكرية في اليمن.

إن الشرعية اليمنية والتحالف العربي يعلمان أن خطر الحوثيين يتمثل في كونهم يشكلون خطرا على الأمن القومي العربي، بحكم علاقتهم بإيران. كما كانت الشرعية اليمنية تدرك أنه تصعب الثقة في وعود الرئيس السابق؛ بسبب سجله الطويل في النكث بالوعود والاتفاقات، ولولا ذلك لكان هو الطرف الأسهل والأكثر قابلية للتفاوض معه بعقليته البراغماتية، والتوصل معه إلى حلول بدلا من التفاوض مع الزعامات العقائدية والمؤدلجة مثل زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي.

التعليقات معطلة.