فتحت مكاتب الاقتراع في تونس اليوم أبوابها أمام أكثر من 9 ملايين تونسي للمشاركة في أوّل انتخابات محلية تجرى في البلاد، على أن تغلق أبوابها في حدود الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي.
ويتنافس في هذه الانتخابات 7205 مرشحاً بحسب الأرقام التي قدمتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وتأتي هذه الانتخابات المحلية التونسية في سياق استكمال مشروع “البناء الجديد”، الذي دعا له الرئيس التونسي قيس سعيّد، وسط انقسام حاد بين مؤيديه الذين يعتبرونها خطوة نحو ديموقراطية حقيقية، في مقابل دعوات معارضيه لمقاطعتها، بوصفها انتخابات باطلة وجزءاً من مسار انقلابي بدأه في 25 تموز (يوليو) 2021.
وفي حدود الثامنة صباحاً بدت الحركة عادية في محيط مكاتب الاقتراع التي زارها “النهار العربي” في العاصمة تونس، حيث تركزت وحدات أمنية في محيطها، وانتشر داخلها مراقبون عن جمعيات متخصصة في مراقبة الانتخابات. وبحسب هيئة الانتخابات التونسية تم إصدار 5 آلاف اعتماد رسمي لمراقبة الانتخابات وتغطيتها إعلامياً.
خطوة نحو الغرفة التشريعية الثانية
وفي مركز الاقتراع بمدرسة “حي النصر” في العاصمة، أدى الرئيس سعيّد واجبه الانتخابي، وقال إن هذه الانتخابات تُمهّد لتركيز الغرفة التشريعية الثانية، مضيفاً أن هذه التجربة عرفتها تونس سابقا وتعرفها دول عدة.
وأكد أن هذه المجالس ستمثل عموم التونسيين وستنبثق عنها المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، وهو “ما سيحقق الاندماج بين مختلف مكونات الشعب”، وفق تعبيره.
وكشف عن عزمه وضع نص قانوني ينظّم العلاقات بين المجلسين التشريعيين وكيفية المصادقة على المشاريع.
وشدد على أن تونس اليوم بصدد بناء جمهورية جديدة، مضيفاً “هذه الانتخابات ستمكن المهمش الذي لا صوت له من أن يصبح صانعاً للقرار وفي وضع القوانين ومساءلة أعضاء الحكومة”.
كما تعهد بـ”مواصلة بناء كل مؤسسات الدولة والعمل على تطهيرها”.
اقبال متوسط
وفي أحد مراكز الاقتراع وقفت سيدة أمام المكتب الذي ورد اسمها بقائمته بحسب رسالة قصيرة وصلتها على هاتفها المحمول في انتظار دورها للقيام بعملية الاقتراع.
وتقدم هيئة الانتخابات في تونس (حكومية) خدمة التعرف على مركز الاقتراع ورقم المكتب للمقترعين عبر الرسائل القصيرة على الهواتف المحمولة.
وقالت السيدة الخمسينية إنها لم تتخلف عن أي انتخابات منذ سنة 2011، مؤكدة في حديثها لـ”النهار العربي” إنها لا تملك فكرة كبيرة عن أهمية الانتخابات المحلية، مضيفة أنها تعرف لمن ستصوت: “هو أحد أبناء الحي الذي أقطنه وأعلم جيداً مدى التزامه”.
وتأمل السيدة ككثيرين ممن تحدثنا إليهم أن تساهم هذه الانتخابات في حل مشاكل التونسيين، رغم أنهم لم يستوعبوا بعد مهام المجلس المحلية وصلاحياتها.
وهذه أول انتخابات محلية تشهدها تونس، وكان الرئيس سعيد أعلن تنظيمها في بداية أيلول (سبتمبر) الماضي استجابة لما نص عليه دستور البلاد الجديد.
ووفق دستور 2022 أصبح لتونس غرفتان تشريعيتان: مجلس النواب ومجالس الأقاليم والجهات.
وفي شوارع العاصمة تونس كانت الحركة بطيئة خلال الساعات الأولى التي تلت عملية فتح مكاتب الاقتراع، ولم يكن هناك ما يشير إلى أن البلد يعيش يوم اقتراع مهم، على عكس مواعيد انتخابية سابقة.
وعادة ترتفع نسبة المشاركة خلال الساعات الأخيرة من النهار خصوصاً وأن الأحد هو يوم عطلة في تونس.
وصار التونسيون لا يبدون اهتماماً كبيراً بالمواعيد الانتخابية خصوصاً مع تفاقم المشاكل الاقتصادية، وتوقع كثير من المراقبين عزوف التونسيين عن المشاركة في هذه الانتخابات فيما أعلنت المعارضة مقاطعتها.
وترفض الأحزاب المعارضة الخريطة السياسية التي أقرها سعيد وتقول إنه يسعى للانفراد بالحكم، فيما يقول الرئيس التونسي أنه يرغب في بناء جمهورية جديدة.
وفي أول بيانات صحافية لها في حدود التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي، أكّدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن عدد المترشحين للانتخابات المحلية النهائي بلغ 7205 مرشحين، منهم 6177 مرشحاً لخوض الانتخابات المباشرة و1028 للقرعة بين الأشخاص ذوي الإعاقة.
وكشف رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أنّ عدد المرشحين من ذوي الاعاقة يبلغ 1028، وشهدت مراكز الاقتراع صباح اليوم عمليات قرعة لاختيار 279 عضواً بالمجالس المحلية منهم.
وتُجرى هذه الانتخابات في 8190 مركز اقتراع موزعة على 2155 دائرة انتخابية، وستفرز 279 مجلساً ستكون النواة الأساسية لتشكيل المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وصولاً إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة الثانية للبرلمان). وكان المتحدث باسم “هيئة الانتخابات التونسية” محمد التليلي المنصري كشف عن إصدار أكثر من خمسة آلاف اعتماد رسمي لمراقبة انتخابات المجالس المحلية المقررة والتغطية الصحافية لهذه الانتخابات التي تجري لأول مرة في تونس بصيغتها الحالية (التصويت على الأفراد في دورتين).
وقال المنصري في تصريح إعلامي، إن الهيئة وافقت على 5757 اعتماداً رسمياً استعداداً لانتخابات اليوم، وهي موزعة بين 2732 لمراقبين، و1176 لإعلاميين، علاوة على اعتماد 1870 مندوباً للمترشحين لانتخابات المجالس المحلية المؤدية إلى المجالس الجهوية، ثم تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم.