احمد صبري
”.. ربما تكون معركة الفساد التي يقودها رئيس الوزراء حيدر العبادي الطامع لولاية ثانية العنوان الأبرز للحدث في العام الجديد نظرا لملفاتها الخطيرة التي ستطاول رؤوسا كبيرة في المجتمع، إلا أن معركة الفساد رغم أنها مطلب شعبي، لكنها بذات الوقت محفوفة بالمخاطر، وقد تكلف العبادي مستقبله السياسي جراء حيتان الفساد المتغولة حتى في رأس النظام.”
يختلف العام الذي نودعه عن العام الذي سبقه رغم أن أزمات العراق ترحل من عام إلى آخر وتلقي بظلالها على العراقيين وتطلعاتهم بوطن آمن ومستقر تسوده العدالة وسيادة القانون، ومثلما كان عام 2017 عاما مليئا بالأحداث والتطورات السياسية والأمنية فإن رياح العام الجديد قد تحمل معها بوادر الانفراج والأمل بعودة النازحين إلى ديارهم والمباشرة بإعمارها وتعويض سكانها سنوات النزوح التي حولتهم إلى لاجئين في وطنهم.
وطفت هزيمة “داعش” في الموصل وحديثة وراوة والقائم وما سبقها من معارك على سواها من أحداث، ما فتح الطريق أمام إعلان النصر النهائي على تنظيم “داعش”. وكاد الاستفتاء على مصير كردستان أن يشعل حربا بين القوات العراقية والبشمرجة الكردية لا سيما حول عائدية كركوك لولا تدخل واشنطن وأطراف عراقية لوأد الفتنة بين العرب والأكراد انتهت باعتراف حكومة كردستان بقرار المحكمة الاتحادية ببطلان الاستفتاء ونتائجه، وتسكين الأزمة بين بغداد وأربيل ولو مؤقتا. غير أن الاحتجاجات الشعبية في السليمانية وضعت القيادة الكردية أمام خيارات صعبة لمواجهة اتساعها.
وشهد العام الذي نودعه انفتاحا عراقيا على محيطه العربي بزيارات مكوكية للعبادي لدول الجوار العربي في محاولة لطمأنة العرب من مخاطر التدخلات الخارجية في شأن العراق.
ورغم محاولات التطبيع بين العراق ومحيطه العربي إلا أن عسكرة المجتمع وتغول الميليشيات وتشريع قانون الحشد الشعبي كان موضع قلق أطراف عراقية وحتى عربية من مخاطر هذا التوجه على موازين القوى في الداخل لصالح طرف يستقوي بالسلاح في صراعه مع الآخرين.
وربما تكون معركة الفساد التي يقودها رئيس الوزراء حيدر العبادي الطامع لولاية ثانية العنوان الأبرز للحدث في العام الجديد نظرا لملفاتها الخطيرة التي ستطاول رؤوسا كبيرة في المجتمع، إلا أن معركة الفساد رغم أنها مطلب شعبي، لكنها بذات الوقت محفوفة بالمخاطر، وقد تكلف العبادي مستقبله السياسي جراء حيتان الفساد المتغولة حتى في رأس النظام.
ويراهن العبادي في معركته ضد حيتان الفساد بالدعم الشعبي وحتى الدولي، إضافة إلى أن الضوء الأخضر الذي حصل عليه العبادي لتجديد ولايته من زعيم التيار الصدري سيعطيه زخما لمواصلة معركته ومواجهة سلفه وخصمه السياسي المالكي الذي ما يبرح بالتشكيك بقدرة العبادي على إدارة الدولة والمجتمع.
وحفل العام الذي نودعه محاولات لتشكيل مرجعية سياسية سنية لمواجهة استحقاقات ما بعد “داعش” ومعطياتها على الأرض، غير أن هذه المحاولات لم ترتقِ إلى مستوى التوافق التام على خوض الانتخابات بقائمة موحدة مثلما جرى في انتخابات عام 2010 التي تصدرت “القائمة العراقية” نتيجة الانتخابات.
ولعل ما يترقبه العراقيون الذين ضاقوا ذرعا بالوجوه السياسية التي هيمنت على المشهد السياسي منذ احتلال العراق حتى الآن أن تفرز المرحلة المقبلة بعد الانتخابات وجوها شبابية جديدة تتمتع بالنزاهة وغير ملوثة بالفساد وعابرة للطائفية؛ حتى لا تتكرر تجارب الانتخابات الماضية التي وضعت العراق في الخانق الذي يتخبط به، ما يتطلب رافعة وطنية تخرج العراق من هذا الخانق إلى فضاء الدولة المدنية العابرة للطائفة والعرق تسودها العدالة ويحكمها القانون.
والسؤال: هل نحن أمام مشهد جديد يترقبه العراقيون قد تظهر ملامحه العام الجديد بظهور طبقة سياسية متجانسة قادرة على إدارة شؤون العراق؟