إيران وإسرائيل: مآزق المشاريع الكبيرة

3

رفيق خوري 

مع اللاقدرة على تحرير فلسطين تسهم طهران ولو من باب الخلاف مع حكومة نتنياهو في إغلاق الطريق على “حل الدولتين”

المشروع الإقليمي الإيراني يصطدم بما يصعب تحقيقه وهو طرد أميركا عسكرياً وأمنياً وحتى اقتصادياً من الشرق الأوسط، كما يصطدم بعالم عربي كبير وقوي له شعبه وقياداته وتحالفاته وموقعه الاستراتيجي المهم.

ليس من السهل على إيران أن تعترف بأن “تصحيح” التاريخ بأثر رجعي هو مهمة مستحيلة. لكن من الوهم أن تستمر في مواجهة ما سماه هيغل “مكر التاريخ” على أمل أن تلعب بالجغرافيا وتقتطع من “القمر” العربي والسني ما سماه العاهل الأردني عبدالله الثاني “الهلال الشيعي”. فلا قوة متوسطة راهنت على الحروب والفوضى وزعزعة الاستقرار لخدمة مشروعها الإقليمي أكثر من إيران. ولا قوة إقليمية تقف في عين العاصفة، حتى قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض أكثر من الجمهورية الإسلامية بقيادة الملالي.

نفذت إيران على مدى عقود أخطر استثمار سياسي وعسكري وأمني أيديولوجي في تأسيس فصائل مذهبية مسلحة تحت عنوان “المقاومة الإسلامية”، ودفعتها إلى حمايتها والقتال بالوكالة عنها ضد إسرائيل وكل أعداء طهران وفي طليعتهم أميركا. وفرضت نفسها عبر “محور المقاومة” واستراتيجية “وحدة الساحات” كلاعب عسكري في الصراع مع إسرائيل، ولاعب سياسي ضد أميركا يريد إخراجها من “غرب آسيا”، ولاعب مع واشنطن إذا كانت هناك فرصة لصفقة، ولاعب إقليمي على المسرح العربي. وهي وصلت إلى نوع من التحالف الضمني مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية في ما سماه ريتشارد فونتين وأندريا كيندال تايلور “محور الاضطراب”. محور الاعتراض على النظام الدولي الذي تقوده أميركا والدعوة إلى نظام متعدد الأقطاب، وفي غياب النظام التعددي، فإن “محور الاضطراب ليس في حاجة إلى مشروع نظام لكي يحدث فوضى”.

لكن الكلفة القليلة نسبياً لـ”محور المقاومة” الذي اعترف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأنه “يمثل أهم مكون لقوة الجمهورية الإسلامية” صارت كثيرة الكلفة جيوسياسياً واستراتيجياً. أولاً بعدما تصورت “حماس” أن عملية “طوفان الأقصى” التي زلزلت إسرائيل هي بداية مد لتحرير فلسطين. وثانياً بعدما قرر “حزب الله” حرب “الإسناد” لحركة “حماس” عبر جبهة الجنوب اللبناني. وثالثاً مع التمدد الإيراني في سوريا. إذ تعرضت غزة لحرب إبادة على المستوى العمراني والبشري. وأصيب “حزب الله “بضربات قاسية. وسقط نظام الأسد في سوريا، بحيث خسرت إيران “الجسر” السوري و”القلعة” الفلسطينية و”العمق” العربي و”الساحة” اللبنانية.

 

التعليقات معطلة.