السياسة الامريكية وفقدان الحكمة

1

 
كتب / عبد الخالق فلاح…
 
كثيراً ما سمعنا الأمريكان يتحدّثون عن مبادئهم “السّامية “وما يُسمّى بقيم الولايات المتّحدة العليا، ويسعون لكسب انتصار بمنطق التهديد للمنظمات العالمية على حساب القرارات الدولية فلا يعترفون بالخطأ فحين نقف على جرائمهم الّتي يرتكبونها في الأرض و فضائح سياسييهم للعالم تهز مشاعر الاحرار. أمريكا تحمل معها منذ عقود مشروع السيطرة على العالم ، وقد كشفها بشكل عيان دون رتوش الرئيس الامريكي دونالد ترامب ومبادراته وسلوكه الاجرامي الغير متزن بحق الشعوب الحرة جعلت صورة أمريكا اكثر من ذي قبل في الحضيض . وما أثارت عليها مسألة اعتراف الرئيس الأمريكى (ترامب) بالقدس عاصمة للدولة اليهودية الصهيونية بعيداً عن مشاعر اكثر من مليار وثلاثمائة مليون مسلماً فكانت القشة التي قصمت ظهر البعيروسببت في مناقشات واسعة وحوارات مستفيضة حول غياب العدالة فى العلاقات الدولية وتطبيق سياسة ازدواج المعايير والكيل بمكيالين فى التعامل على المستويين الإقليمى والدولى والحقيقة بدت دون منال وواضحة دون شك ان القضية الفلسطينية لأصحابها قضية عادلة باعتراف معظم دول العالم، وتكفى تلك الاحتجاجات الضخمة في مدن وعواصم عالمية استنكاراً لهذا العمل والخطوة الصحيحة التي تم التصويت عليها في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد قرار نقل السفارة الأمريكية إلى Ø!
�لقدس واعتبارها عاصمة للكيان الصهيوني وقد جاء ذلك التصويت بأغلبية كبيرة 128 صوتاً لصالح القرار ووضع الولايات المتحدة الأمريكية فى موقف محرج ومخجل والشعوربالانهزام وتثبت أن الرئيس الأمريكى يفتقر إلى الحكمة ويفتقد القدرة على فهم ما يجرى حوله فى عالمنا المعاصر. ان على أمريكا التي تدعي الدفاع عن الحرية والديمقراطية سماع صوت مناداة الشعوب وألا تصادر المشاعر الحقيقية للشعوب الاسلامية ، فهذه الأمة التي هي أكثر أمم الأرض عبادة لله وإيماناً بالعدل لم تفعل ذلك عن عداوة عنصرية أو نـزعة شريرة، بل شاركها العالم كله في الدفاع عن مطالبها الحقة في القدس كعاصمة لفلسطين، واشنطن وحلفاؤها يضربون بسيف تطبيق ومصالحهم ، ولو كانوا يريدون الديمقراطية حقاً ويسعون لتحقيقها لما تدخلوا في الشأن الداخلي للشعوب التي تبحث الحياة الكريمة . ويثيرون الفتن عن طريق اذنابهم. الديمقراطية الذي تبنيه الولايات المتحدة الأمريكية عرجاء وعمياء بدون رأس حتى وهي تسعى من خلال وجودها في افغانستان لتحقق نتائج استراتيجية كتقليص نفوذ روسيا وزرع قواعد عسكرية لها وتوسيع نفوذها في المنطقة وإحكام سيطرتها على أسيا الوسطى، وجلبوا قواتهم العسكرية إلى حدود العمالقة الثلاثة: الصين والهند وروسيا .
واليوم تحاول تطويق الجمهورية الاسلامية الايرانية بكل اشكال الطرق الرخيص وهي لاتخجل من فشلها الدائم منذ قرابة اربعون عاماً في انتظار معجزة ويقابل بوعي لشعب مضحي وحريص على قيمه والدفاع عن مبادئه وتطالب مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هيلي بتدخل سافر ، عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في إيران والذي جوبه بالرفض من قبل رئيس الدورة الحالية للمجلس باعتبار الامر داخلي وليس من صلاحيات المجلس نتيجة احداث طبيعية جزئية واستخدمت واشنطن في الأيام الأخيرة، أدوات مختلفة بما فيها الأموال والأسلحة والسياسة والاعلام المفبرك والاستخبارات لخلق مشاكل في البلد والتأمر عليه من خلال ابواق داخلية قليلة شاذة وبعيداً عن الممارسات الصحيحة والاساليب الحضارية للمطالبة بالحقوق وفي حفظ الاموال العامة .مجمل العملية هي جزء من السياق العالمي في مواجهت مسار محور المقاومة وتدفع ايران ثمن دعمها لهذا المحور بكرامة وتقف معه وتفتخر بذلك وشعبه تحلى بالوعي والدفاع عن القيم الاسلامية والانسانية النبيلة ولايمكن التخلي عنها بسهولة ومهما كان الثمن.
مشاكل الشرق الأوسط لابل العالم كله من صناعة الولايات المتحدة الامريكية دون ايجاد حلول سلمية عبر الحوارات كما حصل في أوروبا من خلال الاتحاد الأوروبي وكما حصل مع جنوب شرق آسيا .كما المشكلة الاهم ان المنطقة العربية ليس بها أنظمة ديمقراطية حقيقية على الاكثر وبالتالي هذه الدول لا تعرف الحوار ولا تصفي حساباتها إلا عبر “الخراب و الدماروالقتل” ومن هنا كانت احداث سوريا والعراق والبحرين واليمن وليبيا الدامية و أن حالة عدم الاستقرار في المنطقة وغياب الديمقراطية يسبب إجهاضاً لعمليات التحول الديمقراطي في اي بلد من بلدان المنطقة عن طريق الدول الرجعية التابعة لسياساتها . أن أمريكا تدوس على الشعوب وعلى الديمقراطية كي توصل عملائها إلى حكم بلدانها، فلا معنى عندها لإرادة الشعوب ما لم تكن متطابقة مع ارادتها .وما المسار الذي سلكته لتطور المشروع الصهيوني على أرض الواقع إلى نمط من العلاقة القائم حالياً بين الولايات المتحدة، بصفتها القوة المهيمنة والممثلة لمصالح الإمبريالية الغربية، و الكيان إلاسرائيلي الحالية، وهو الكيان الأكثر انتهاكاً للقانون الدولي والأكثر خرقاً للسلم والأمن الدوليين بصفته الثمرة لهذا المشروع وهو جزء من السياسة العرجاء والعمياء للولايات المتحدة الامريكية .امريكا لا تجد نفسها اخيرا سوى انها دخلت !
فى دوامة المزيد من المعاناة والاضطرابات السياسية التى تؤدي بالتالى إلى مزيد من التدهور السياسة والاقتصادى وعدم الاستقرار والكثير من تلك القلاقل التى لم تكن تتوقعها اذا ما بقيت تسير في هذا الاتجاه الغير صائب.. أمريكا نفسها هي التي قامت فيها حرب أهلية بسبب التفرقة العنصرية، وهي التي مارست أشد أنواع التفرقة ضد السود، وما موقفها من جنوب افريقيا ونلسن مانديلا إلا صورة سيئة من المواقف العنصرية سجلتها في التاريخ البشري.

التعليقات معطلة.