بسام ابو شريف
انهمكت أجهزة الاعلام الأميركية وغير الأميركية في ابراز جمل معينة من خطاب ترامب أمام الكونغرس حول الاتحاد ، ولم تقم حتى الآن برسم الخطوط العريضة لسياسة ترامب ” أو للسياسة التي عبر عنها ترامب ” ، للتدليل على خطورة مخطط الذين وضعوا ترامب رئيسا للبيت الأبيض وسلموه الأرقام السرية القادرة على تدمير جزء كبيرمن البشرية ومابنته منذ الحرب العالمية الثانية .
لقد تتبعنا لحظة بلحظة أقوال وحركات ترامب أمام الكونغرس ، على مدى الخطاب ، كان ترامب يتصرف ويتكلم بطريقة الآمر الناهي ، وليس الرئيس الذي يعرض خططا لممثلي الشعب الأميركي ليبحثوها كي يعدلوها أو يرفضوها ، جاء ترامب للكونغرس ليبلغه قرارات أصحاب القرار ويطالبهم بتنفيذها ، ” أطلب منكم أن تقروا موازنة اعادة بناء وتجديد البنية التحتية الأميركية ، أطلب منكم الموافقة على تحديث الترسانة النووية ، أطلب منكم الموافقة على ميزانية الجيش التي تفوق كل الميزانيات ” ، أبلغكم بأنني قررت : اعادة فتح غوانتنامو ، وانني قررت البقاء عسكريا في سوريا والعراق ، وانني سأشن حربا على طالبان ، وانني سأنفذ خططا داخل ايران لزعزعة الجمهورية الاسلامية ، وانني اعترفت بالقدس عاصمة لاسرائيل ، ولن ندفع قرشا لمساعدات لمن لا يوافق ويتفق مع مواقفنا ، أبلغكم أنني أعتبر روسيا والصين أعداء لأنهم يهددون مصالحنا الاقتصادية ، أبلغكم أنني سأشن حربا على اوروبا لنسف الاتفاقيات التجارية السابقة ، ولوضع اتفاقيات جديدة تكون عادلة وتخدم مصالح اللايات المتحدة .
ادعى أنه زاد فرص العمل ، وأن البطالة انخفضت ، وأنه انتصر على داعش في سوريا والعراق ، وانه اعتقل مئات من داعش ومن بينهم ابوبكر البغدادي ثم أطلق سراحهم ، وعاد ليلاحقهم كاشفا بذلك أسلوب المافيا في خلق ظروف تناسب امتلاك أراضي الغير، وابتزاز الدول ، وفرض شروطه عليها، كثيرون يظنون أن خطة مارشال بعد الحرب العالمية ، كانت لمساعدة الدول الأوروبية الحليفة ، ولم يروا الحقائق التي تدل على أن خطة مارشال ، كانت لاعادة تجديد الولايات المتحدة ومؤسساتها وصناعاتها . وخطة سادة ترامب الآن حتى استخدام القوة العسكرية الأميركية لابتزاز الدول ” حلفاء وأعداء ” ،لاعادةبناء الولايات المتحدة التي بدأ الهرم يأكلها ، وكي يقوم بذلك حدد ترامب أن الشرط المسبق هو زيادة القوة العسكرية ، وتجديد وتطوير القدرات النووية الأميركية مبالغا في خلق صورة كوريا الشمالية الجاهزة لاستهداف أراضي الولايات المتحدة !!!!!؟ ويلي ذلك شن الحروب العسكرية والسياسية لجني الأموال اللازمة لتجديد الولايات المتحدة ” البنية التحتية – اغلاق الحدود – المدارس والتعليم المهني ” ،والتي ستخلق الملايين من فرص العمل .
وحدد ترامب ثلاثة حروب :
حرب الشرق الأوسط ضد ايران والشعوب وحركاتها ، وبالتعاون مع اسرائيل والرجعيات العربية التي أصبح يصدر لها الأوامر علنا وعبر فرض خطته لاعادة رسم الشرق الأوسط دولا وحدودا ” بالطبع لم يفصح عن الخطط لتقسيم الجزيرة العربية واعادة رسم دول الخليج وتمدد اسرائيل وسيطرتها ( بالنيابة عن اميركا ) على الشرق الأوسط ” .
الحرب على اوروبا عبر دفعها للاشتباك مع ايران لمنعها من ابرام صفقات تجارية معها لأنه يريد السيطرة على ثروات ايران كما يريد السيطرة على ثروات العراق وسوريا بغض النظر عن الطرق والوسائل والأدوات ، فهو لا أخلاقي عندما ينفذ البرامج الاستعمارية وسيستعمل حسبما أشار العرق والدين والارهاب لتحقيق ذلك .
والحرب على اوروبا ستكون مباشرة ايضا بالاصرار على نقض كافة الاتفاقات التجارية السابقة واعادة صياغتها لتضمن ربحا للولايات المتحدة يفوق ماتجنيه الآن ، ويخوض ترامب هذه المعركة بالشراكة مع اسرائيل وروتشيلد الذي يملك مفاتيح ترامب .
الحرب الثالثة : هي حربه على محور روسيا الصين ، وسوف يخلق لروسيا والصين مصاعب ومتاعب وعمليات انهاك عبر التحرك العسكري الذي يلامس الخطوط الحمراء في اوكرانيا ودول اوروبا الشرقية وبحر الصين واجراءات وقرارات لفرض ضرئب وجمارك عالية على صادرات هذه الدول وحلفائها للولايات المتحدة ، وسيستخدم اوكرانيا لابتزاز اوروبا للالتزام بمايقرره من مقاطعة وحصار لروسيا والصين .
الحرب الرابعة : الأمم المتحدة فمن الواضح أن لدى ترامب وأسياده خططا لتحطيم الأمم المتحدة ومؤسساتها القائمة ليسود جو أشبه بجو الغاب في العالم يطرح بعده مشروع الأمم المتحدة الجديد الذي يسعى لاعطاء الولايات المتحدة موقعا منفردا متميزا عن باقي الدول حتى دول مجلس الأمن ، وسيحاول الغاء الفيتو في مجلس الأمن واعطاء هذا الحق للولايات المتحدة فقط ، لقد جمع ترامب كل الدروس من التجاربالعنصرية والفاشية في العالم وجعل منها كساء لخططه للهيمنة والتفرد في العالم .
خطة مارشال كانت لاعادة تجديد الولايات المتحدة وصناعتها وأسلحتها كي تفرض على أوروبا التخلي عن مستعمراتها السابقة وتجيرها للولايات المتحدة التي استعمرتهابأسلوب جديد – اقتصادي وليس عسكريا ، والآن يريد من اوروبا أن تصبح مستعمرات للولايات المتحدة ، وأن تنضم لحروبه ضد الشعوب والصين وروسيا وايران والاسلام والعرب لتهيمن اسرائيل والولايات المتحدة على العالم .
لا يوجد أبلغ من الرسالة التي تضمنها كلام نتنياهو الموجه مباشرة ووجها لوجه للرئيسترامب في منتدى دافوس ، لقد قال له نتنياهو : ” اذا انسحبت الولايات المتحدة منالاتفاق النووي مع ايران فانني أعدك بأن تدعمك اسرائيل !!!” ، هذه هي المعادلة الجديدة .
ويخطىء من يظن أن هذه المعادلة ستكون سهلة التحقيق ، لكن الأمر يتطلب عدم انتظار وقوع المصائب ، بل عليه أن يستبق ذلك اما لمنعها أو للتقليل من أضرارها ، وأضرب مثلا اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل ، هذا كان واضحا ومقروءا لكن القائمين على الأمور انتظروا وقوع المصيبة فأصبح رد فعلهم يواجه بكلام ترامب ، هذا أمر سيادي، انتهى موضوع القدس ، ووجه كلامه لاوروبا بالقول : ” لاتبحثوا موضوع القدس ، لقد انتهى الأمر ” ، لننطلق من هذا ، يجب الا تسمح قوى المقاومة مهما كانت الموازين تميل لصالح الولايات المتحدة من مايخطط له ترامب أن يصبح أمرا واقعا ، نسمع من العراق كلاما حول ” الاحتلال الأميركي ” ، لكننا لانرى عملا ، نسمع اميركا تعلن أن وادي الفرات ممنوع على الروس والسوريين ، وأنها تنشىءجيشا سوريا في الشمال الشرقي لسوريا ، وأنها تدعم سوريا الديمقراطية لتستخدمها حطب معركة للبقاء في سوريا ، ونسمع اعلان تيلرسون أن الجيش الأميركي سيعزز مواقعه ويبقى في سوريا ، ونسمع ونرى الغزو التركي وعودة اسطوانة جيش سوريا الحر ” حطب معارك تركيا ” ، ونرى ونرى ….لكننا نرى ايضا أن استراتيجية المواجهة لم ترسم تكتيكات التصدي لعمليات التهيئة العدوانية لاحباطها .
لن يتحمل ترامب هزيمة واضحة تحمل للولايات المتحدةصناديق خشبية للشباب الأميركي الذي يرسله ترامب ليقتل ليس دفاعا عن الولايات المتحدةبل لقتل أبناء الشعوب التواقة للحرية ، كما لن تتحمل اسرائيل عمليات تعدي مدروسة ولا تشعل حروبا ، فكما أن نتنياهو يقوم بضرب أهداف في سوريا تطال المؤسسات والصناعات وايران وحزب الله والجيش العربي السوري فان بامكان تنظيمات سرية جديدة توجيه ضربات لنتنياهو في الوطن المحتل بوسائل جديدة ومتقدمة .
ترامب بدأ بشن الحروب ولاينتظر اذنا من أحد ، وعلينا أن نقاومه دون أن ننتظر اذنا من أحد .
لا يصد العنف العدواني الغاشم الا العنف الثوري المنظم .