كمال خلف
هناك قوات عسكرية سورية وفيهم عدد لا بأس به من الأجانب تامر بأمر تركيا ، يدفعها الجيش التركي أمامه في معاركه من الباب إلى جرابلس والآن يهاجمون عفرين ، من سخرية الزمن والقدر انهم يسمون أنفسهم الجيش الحر .
أي حر هذا الذي يعمل تحت إمرة دولة أجنبية ووفق مصالحها فقط . أثبت هؤلاء منذ زمن ليس بالقصير انهم مقاتلون لا يتمتعون بأدنى أخلاق المقاتلين . يتمتعون بحصانة الإعلام المكابر بشكل محير فعلا ، ذاك الذي يكرر وصفهم بالجيش الحر المخلص للبلاد والعباد من الدكتاتورية والقمع . إنها كوميديا سوداء استفاق منها جزء مهم من الرأي العام العربي المضلل ، ومازال البغض تحت تأثير المخدر يقاوم صدمة الحقيقة و نكران الوقائع التي لم تعد تغطيها الغرابيل.
لم يصدمني المقطع المصور الذي نشره الحر المسلوب القرار من تركيا أمس وهم يمثلون بحثة المقاتلة الكردية ” بارين كوباني ” يدوس أحدهم على صدرها بقدمه ، يتغنى آخر بجمالها ثم ينزع عنها ثيابها. كالذئاب على كبرياء الغزال داروا حولها ينهشون ما تبقى من جسدها الغض . إنهم ثوار الحرية والكرامة على الشاشات الكالحة ، والصحافة المملوله بمال السحت. إنهم المعارضة المعتدلة في أدبيات المستعمرين والمستعربين ، أنهم رجال الحق ورافعوا الظلم وراية أهل السنة على السنة اللحى المتدليه من منابر الحقد والظلام والجهل والارتزاق.
“بارين كوباني” سورية كردية كانت تقاتل دفاعا عن أرض لاجدادهاوعن أهلها . حصارها الغزاة في قبو في قرية كورنة، رفضت الإستسلام وقاتلت حتى الطلقة الأخيرة ونزعة الروح الأخيرة . ليخرجها الغزاة جثة تفننوا في إفراغ حقدهم فيها .
هل ليست حادثة يتيمة تحدث في معركة يتجاوز فيها المقاتلون برغبة فردية بالانتقام ، هي ليست كذلك . إنها نهج هؤلاء وعقلية جمعية تحكم نفوسهم المريضة .
أتذكر الآن الطفل الفلسطيني عبد الله عيسى ، هي ذات الايدي الاثمه التي هربت من حلب والتحفت بالعباءة التركية الان من قتله بالسكين ذبحا، طلب الطفل منهم أمنية أخيرة قبل الموت ، قال ” قواص” أي اقتلوني بإطلاق الرصاص ، رد المجرمون لا” ذبح ” ، وتسلى مقاتلون حركة” نور الدين الزنكي ” المعتدلة بأعمال السكين في رقبة الطفل ، وهللوا وكبروا فوق دمه . الافت انهم هم أنفسهم من يصورون ضحاياهم، هم من ينشرون المقاطع المصورة الدموية ، ثم يأتي من يقول إنها معارضة معتدلة تقاتل من أجل سوريا حرة ديمقراطية .
أتذكر الجندي السوري ، الذي شق صدره هؤلاء ، قبل ظهور داعش في سوريا ، وقبل وصول جبهة النصرة . حمل المقاتل الحر قلب الجندي واكله أمام عدسة الكاميرا .
أتذكر الطفلة ذات السبع سنوات التي فخخوا جسدها الصغير وإرسلوها لتنفجر في مركز شرطة في دمشق .
أتذكر الأب الذي انتحر مع أطفاله وزوجته دفعة واحدة ، كي لا يقع في يد المعتدلين في مدينة عدرا العمالية عندما وقفوا على باب بيته بالسواطير .
هل هناك صفحات فعلا تتسع لذكر كل الأحداث والحوادث المشابهه بالبشاعة . وهل تقودنا السذاجة للاعتقاد أن كل السبي والسحل وقطع الروؤس كان حكرا على تنظيم داعش .
عاشت سوريا أربعين عاما متآخيه مزدهرة مستقرة ومؤثرة في محيطها في ظل حكم يصفونه بالاجرام والديكتاتورية ، هو ليس حكما مثاليا شأنه شأن كل الأنظمة العربية وليس حالة استثنائية . وعاش السوريون الجحيم في سنوات سيطرة هذه الجماعات وشرعييها الغرباء ومشايخها البلهاء على المناطق التي اتخذوها إمارات ومعاقل…هذه هي الحقيقة .
الشعب الكردي شعب عنيد ، مرغ أنف تنظيم داعش في عز قوة التنظيم في كوباني ومنعه من احتلالها ، وسيقاتل بشراسة أكبر دفاعا عن عفرين ومنبج حتى آخر مقاتل . ولكن على الكرد ايضا أن يحتموا بدولتهم وشعبهم السوري بكل مكوناته ، وعلى الحكومة السورية والشعب السوري كله أن يتحملوا مسؤوليتهم بالدفاع عن السوريين الكرد وأرض عفرين السورية .
“بارين كوباني” ستكون رمزا لصمود الكرد ، ودافعا لهم ليقاتلوا بشراسة أكبر ، وستكون بالمقابل وصمة عار جديدة في وجوه الغزاة ومن يقاتل تحت راية الغزاة .