مقالات

التطورات في الشمال .. هل تنعكس ايضا على غزة؟

 
د. سفيان ابو زايدة
التوتر على الجبهة الشمالية لم يبدأ بعد ان تم اعتراض الطائرة الايرانىية بدون طيار يوم امس و التي تقول اسرائيل انها اخترقت اجواءها ، و ما تبع ذلك من قصف اسرائيلي لاهداف داخل سوريا تقول انها اهداف عسكرية لايران و لمنظومة الدفاع السورية التي نجحت هذه الدفاعات في اسقاط طائرة حربية اسرائيلية للمرة الاولى منذ العام ١٩٨٢، اي قبل ما يزيد عن ثلاث عقود و نيف.
هذه الحادثة كانت كفيلة بأن تؤدي الى حرب شاملة على الجبهة السورية مع احتمالية انتقالها الى جبهة غزة . لكن ايران و سوريا و حزب الله لم يفقدوا عقولهم بعد اسقاط الطائرة الاسرائيلية الذي يشكل انتصارا معنويا كبيرا قبل ان يكون انتصار عسكريا حيث يضع حدا للعنجهية و التبجح الاسرائيلي الذي يستسهل اللجوء الى استخدام القوة متي شاء و اينما اراد.
وكذلك لم تفقد القيادة الاسرائيلية عقلها بعد تلقيها هذه الضربة الموجعة و لم تتهور في تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة تتدحرج الى مواجهة شاملة.
حتى اللحظة اكتفى الجانب الاول باسقاط الطائرة انتقاما للقصف و ما تكبدوه من خسائر و اكتفت اسرائيل بما قامت به من عمل .
حتى اللحظة ما لم تحدث تطورات خارج حسابات الاطراف، لن يتطور ما حدث امس الى مواجهة شاملة، و ان الامور ستسير نحو التهدئة ، لكن بشكل مؤقت . العديد من العوامل تقود الى هذا الاستنتاج.
اولا ، في اسرائيل الرأي العام ضد الدخول في اي حرب شاملة لاداعي لها. هم يتفهمون الدخول في حرب و تحمل اعباءها فقط اذا لم يكن هناك اي خيار آخر . حتى اللحظة لا احد في اسرائيل مقتنع ان هذه الحرب ضرورية ، سيما ان رحى هذه الحرب سيدور في شوارع اسرائيل وليس فقط في شوارع بيروت و دمشق من خلال امطارهم بمئات الصواريخ.
ثانيا، نتنياهو كشخص لا يميل الى اتخاذ قرارات استراتيجية بهذا الحجم ، و طالما الامر يتعلق به سيحرص على عدم اللجوء الى هذا الخيار، مع ان هناك من يعتقد ان التحقيقات التي تجريها معه الشرطه قد تجعله يشجع على هذه الحرب لحرف انظار الرأي العام الاسرائيلي عن قضايا الفساد.
ثالثا، الجيش الاسرائيلي الذي يستعد الى كل السيناريوهات بما في ذلك حرب شاملة في الشمال و الجنوب على حدا سواء ، و على مدار السنوات الماضية تم اجراء الامناورات و الاستعدادات ، بما في ذلك مناورات للجبهة الداخلية و التي كان اخرها خلال الايام الماضية ، رغم ذلك الجيش الاسرائيلي و علي رأسة رئيس الاركان غابي ايزنغوت لا يعتقدون ان الحرب الان لا مفر منها طالما يستطيعون الحفاظ علي الخطوط الحمراء التي وضعتها اسرائيل لنفسها و لم يتم تجاوزها.
رابعا، اسرائيل تفضل اذا كان قرار الحرب هي من تختار توقيته ان يكون بعد انجاز الجدار الفاصل على الحدود الشمالية مع لبنان ، وكذلك انجاز الجدار الفاصل على طول الحدود مع غزة.
خامسا ، اللاعب الروسي هو لاعب اساسي في الساحة السورية ، ورغم الدعم الروسي الصريح لسوريا و للرئيس بشار الاسد الا ان اسرائيل تحرص على عدم توتير العلاقة معهم ، سيما ان هناك قوات عسكرية روسية و نشاط للطيران الروسي و اي عملية عسكرية اسرائيلية تعرض حياة هذه القوات للخطر.
ربما تدرك اسرائيل ان روسيا رغم دعمها قد لا تكون راضيه عن الوجود الايراني و تعزيزة في سوريا ولكنه لا يعني ان تغض الطرف عن عدوان اسرائيلي شامل على سوريا.
اما فيما يتعلق بالطرف الاخر، سوريا و ايران و حزب الله ، فأن خيار المواجهة الشاملة هو الخيار الاخير لديهم طالما لم يتم حسم الامر عسكريا على الجبهة السورية الداخلية. ما زال امامهم عمل كبير هناك. المواجهة مع اسرائيل يجب ان تنتظر طالما كان القرار بأيديهم.
على الرغم من ذلك ، عوامل التفجير بين الطرفين ما زالت موجودة. الخلاف على آبار الغاز في المتوسط و بناء الجدار على الحدود مع لبنان و القصف الاسرائيلي بين الحين و الاخر لاهداف عسكرية داخل الاراضي السورية ، اضافه الى الاتهام الاسرائيلي لحزب الله الذي تتهمه بانه يلعب في ساحة الضفة و غزة.
لذلك ، التقديرات الاسرائيلية انه في حال حدوث حرب في الشمال فأن غزة لن تكون بعيدة عن هذا الامر، وهي تأخذ في الحسبان وضع انه في الوقت الذي يمطر حزب الله اسرائيل بمئات الصواريخ من الشمال فأن غزة ستمطر اسرائيل بالصواريخ من الجنوب.
خلاصة القول، ان كلا الطرفين غير معني بمواجهة شاملة في هذه المرحلة ، و لكن هذا غير كاف لكي يمنع وقوعها.