الموسيقى غذاء الروح وعلاج التوتر وتقلب المزاج، تجلب الصفاء والسكينة وتهدئ النفس. تأخذ الأنغام الناس إلى عوالم مختلفة وتسافر بعقولهم بعيداً عن التفكير فيما يعانون منه. ويضاف إلى تأثيرات الموسيقى الروحانية التي تعمل على ذبذبات الدماغ، فوائد على الصحة العامة وفي إزالة آلام الجسد.
بينت دراسة ألمانية حديثة أن الموسيقى تخفض الشعور بالألم بنسبة 50 في المئة. وخلال البحث، وضع علماء معهد ماكس بلانك للعلوم المعرفية والعصبية بألمانيا، منظومة جيمين الموسيقية الرياضية، التي تبعث نغمات موسيقية مختلفة تتناسب مع وتائر حركة الرياضي. واستنتج العلماء أن هذه الطريقة في تنفيذ التمارين تخفض من حدة الشعور بالألم بعد 10 دقائق من التدريب، بنسبة 50 في المئة كحد أقصى، وفق ما نقلت الوكالة الألمانية.
وخلصت الدراسة إلى أن الموسيقى تؤثر بشكل كبير في الجهاز العصبي والجهاز القلبي للإنسان، إذ تملك فاعلية كبيرة في تنشيط إفراز مركبات طبيعية هي الأندورفينات، والتي تشبه في تركيبها عقار المورفين المضاد للألم، وفق العلماء.
وفي دراسة مشابهة نُشرت في الدورية الطبية الأميريكية للعظام، أكد باحثون أن أشخاصاً خضعوا لعمليات جراحية نتيجة إصابات في الظهر عانوا من آلام أقل عند سماع الموسيقى.
عجائب الموسيقى الصحية
عجائب الموسيقى جعلت منها أحد العلاجات الرائدة في المستشفيات، وبات لها يوم على أجندة الاحتفالات العالمية في الأول من شهر آذار (مارس) من كل عام، وتنظم طيلة هذا الشهر فعاليات حول أهمية الموسيقى العلاجية. فمن معالجة أمراض كالزهايمر والاكتئاب والأمراض النفسية، أصبحت الموسيقى الترياق الطبيعي الأكثر شهرة في عالم الطب.
ويزداد اعتماد المستشفيات في الولايات المتحدة على المعالجين الموسيقيين للتعامل مع المرضى، سواء كانوا أمهات حوامل أو مصابين بالسرطان.
وتقول المعالجة الموسيقية في جامعة بوسطن سوزان هانزر: “إن الموسيقى أداة فعالة لاسترخاء المريض بعمق”. وعملياً فإن استخداماتها متنوعة، فعلى سبيل المثال، يمكن للموسيقى أن تستخدم كمحور تركيز صوتي لمساعدة الأم على التركيز على تنفسها أثناء عملية الولادة.
وتضيف هانزر: “بالنسبة للمرضى الذين يعانون من ألم شديد أو هياج، فإن الموسيقى تعد وسيلة إلهاء هائلة، فهي أداة قوية يمكنها مساعدتهم على الاسترخاء بعمق”. كما نشرت هانزر دراستين تبين أن العلاج بالموسيقى أداة قيمة في تخفيف الصعوبات العاطفية للمسنين.
التاريخ المتقدم
يبدو أن علماء التاريخ العظماء كانوا متقدمين على الدراسات التي نراها اليوم. ففي كتاب “القانون في الطب” لأبي علي الحسين بن عبد الله بن سينا (980 – 1037م) إشارة إلى أن في الموسيقى علاجاً لعدد من الأمراض النفسية والعقلية التي تصيب الإنسان.
كما ذكر إخوان الصفا في رسائلهم (52 رسالة عن مختلف العلوم كتبتها جماعة مجهولة ظهرت قديماً في البصرة نحو القرن العاشر الميلادي) أن للموسيقى تأثيرات روحانية وتترك أثراً عظيماً في النفوس، لدى تغيرها من حال إلى حال، ولذا استخرج منها الأطباء ألحاناً استعملوها في المستشفيات لشفاء عدد من الأمراض.
وكان أبو نصر محمد الفارابي أول مَن استخدم الموسيقى في العلاج النفسي. وبلور هذا الفيلسوف والطبيب العربي رؤيته في مؤلفات عديدة، منها “كتاب الموسيقى الكبير” و”إحصاء الإيقاعات”.