طالب الرئيس الأمريكي زعماء الدول العربية دفع التكاليف لحكومة بلاده وذلك لضمان أمن الدول الخليجية من التهديد الإيراني والسلوك العدائي لها.
وأعلنت مصادر مقرّبة من البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أرسل 11 مطلباً إلى زعماء الدول العربية، مشيراً فيها إلى أن هذه الدول تدين بأمنها لأمريكا، كما طلب منهم استرجاع تكاليف حكومة بلاده إضافة إلى وجوب دفع التكاليف لضمان استمرار أمنهم وذلك وفقاً لتقرير صحيفة الرأي الكويتية.
وما يلفت النظر في مضمون هذه الرسالة أن الرئيس ترامب وصف إيران بأنها تمثّل تهديداً رئيسياً للدول العربية، إذ سعى الأول من خلال استراتيجية إيران فوبيا، إلى تحريك الدول العربية لدفع تكاليف حكومة بلاده، وقال الرئيس الأمريكي أيضاً في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس النيجيري “إننا لم نعد نريد أن نستمر في القيام بدور شرطي العالم، حيث إنّ أمريكا أنفقت منذ قرون مبالغ طائلة لتكون شرطي العالم، وهذا لا ينبغي أن يكون أولوية لنا، نريد الحفاظ على أنفسنا وإعادة بناء بلدنا”.
وقد أشار ترامب في هذين الموقفين إلى نقطتين: الأولى، استرجاع التكاليف التي اُنفقت على أمن الدول الأخرى، والثانية إعادة هذه التكاليف للاستفادة منها في مجال الاستثمار في أمريكا، وإعادة بناء البلد، وهو ما أعلن عنه ترامب أيضاً خلال حملته الانتخابية إذ قال إن أولويته هي أمريكا.
لقد أدرك ترامب جيداً التنافس والعداء العقيم وعديم الفائدة بين إيران والسعودية، وحاول من نقطة الضعف هذه، أن يحقق هدفه، أي استرجاع الـ 7 تريليون دولار التي كانت أمريكا قد انفقتها كما تزعم في الشرق الأوسط، وذلك من خلال زيادة وضع الحطب على نار العداء الإيراني السعودي، بدعوى ضمان أمن السعودية والدول الحليفة لها ضد التهديد الإيراني.
ولكن من الملاحظ أن ترامب نفسه يعترف بأن هذه التكاليف لم تؤدِ إلى أي إنجاز، وهذا الاعتراف بحدّ ذاته يشير إلى أن مزاعم الرئيس والمسؤولين الأمريكيين حول تهديد إيران لأمن الدول العربية هو كذب وافتراء، وأن مشكلتهم الأمنية تكمن في أماكن أخرى، حيث لا يمكن للقوات الأجنبية حلّها، وسيكون القضاء على هذه التهديدات ممكناً من خلال قادة الدول العربية نفسهم.
وقال الرئيس باراك أوباما قبل نهاية ولايته كرئيس للحكومة الأمريكية، وتحديداً في سياق لقاءاته المختلفة مع زعماء الدول العربية ومنها قمة كامب ديفيد، إن القادة العرب يجب ألّا يتوقعوا أن ترسل أمريكا قوات إلى بلادهم متى ما واجهتهم مشكلات، وقال إن مشكلة هذه الدول هي وجود جيش من الشباب العاطلين عن العمل الذين يُساقون إلى الجماعات المتطرفة ومن ثم يصبحون تهديداً لغيرهم نتيجة لعدم توفر سبل العيش الكريم وعدم المشاركة السياسية إضافة إلى انعدام الحريات المدنية لديهم.
ولكن بطبيعة الحال فقد اعترف أوباما بهذه الحقيقة، ولكنه لم يشر إلى الحقيقة الثانية، وهي أنّ التهديد الخارجي الرئيسي لهم يتمثّل بوجود الكيان الإسرائيلي الغاصب الذي يحتل الأراضي الفلسطينية ويتوسع في ذلك وكذلك احتلال أجزاء من الأراضي المصرية والأردنية والسورية واللبنانية وتهديد الأماكن المقدسة للإسلام بما في ذلك القدس والمسجد الأقصى، واتباع سياسة تقسيم دول المنطقة، بما في ذلك سوريا والعراق، وتوسيع نفوذهم من النيل إلى الفرات، حيث أصبحت إسرائيل بذلك التهديد الرئيسي للدول العربية، ومن الغريب في هذا الصدد للسعودية، أنها وبدلاً من القضاء على هذه التهديدات، نراها تمد يد العون والصداقة إلى الكيان الإسرائيلي وتجعل من إيران عدوّاً رئيساً لها لتكمل طريقاً لا نهاية له سوى انهيار أموال البلد وثرواته هي ومن معها من حلفاء، وخلق فوضى في الداخل.
ألم يحن الوقت لهذه الدول لإعادة تعريف تهديداتها الأمنية والتعرف عليها، وسدّ الطريق أمام سوء تصرف ترامب ونتنياهو لتدمير المنطقة، وجرّ الدول العربية إلى الفتنة وسرقة ثرواتهم؟