شعب علم العالم

1

 
 
د.أسامة نورالدين
 
لا يوجد شعب في العالم يشبه الشعب الفلسطيني المناضل، الذي يرفض الانصهار في الكيان الصهيوني والتنازل عن أرضه ومقدساته، بالرغم من كم الإغراءات التي يتعرض لها والصفقات التي تعرض عليه، والضغوط التي لا تنتهي من أجل كسر إرادته ودفعه للقبول بم يملى عليه، فهو يفضل العيش في ظل حصار غاشم لمدة تزيد عن عقد ونصف من الزمن على أن يتخلى عن الأرض، وهو في ذلك يختلف عن غيره من شعوب العالم التي صهرتها الحروب وقضت عليها الصراعات، فأين الهنود الحمر وغيرهم من شعوب العالم التي فُقدت تحت نير الاحتلال وانصهرت في المجتمعات الجديدة؟
إن الشعب الفلسطيني يأبى إلا أن يضرب أروع الأمثلة في الكفاح ضد الاحتلال ورفض التخلي عن المقدسات، فأبناؤه محكوم عليهم في السجون الصهيونية لسنوات تفوق أعمارنا الطبيعية، والآخرون يكافحون من أجل البقاء، ورغم ذلك لم نجده يستجدي أو يضعف، وذلك لأن المعركة بالنسبة له مختلفة، فهي ليست معركة من أجل الأرض ولا إقامة الدولة وحسب، بل هي معركة من أجل العقيدة والمقدسات الإسلامية التي يسعى الاحتلال الصهيوني لهدمها وإقامة هيكله المزعوم على أنقاضها.
وللأسف الشديد لا يفهم العدو الصهيوني ولا شركاؤه الغربيون حقيقة الشعب الفلسطيني، فيظنون في غفلة من الزمن أنهم شعب كأي شعب، وأن إغراءه بالمال وببعض الصفقات المشبوهة كفيل بأن يجعله يتخلى عن الأرض والمقدسات، بل وأن يترك فلسطين بكاملها ويذهب إلى أي دولة أخرى في العالم مقابل المال.
ولكن من ينظر إلى مسيرات العودة ووقفة الشعب الفلسطيني إلى جانب قياداته السياسية والنضالية وتضحياته التي لا تتوقف كل يوم بل وكل ساعة في مواجهة العدو الصهيوني، ليعلم أنه شعب مختلف، وأن مثل هذا الشعب لا تجدي معه تلك الصفقات الزائفة التي تستهدف القضاء على القضية الفلسطينية وسلب الشعب الفلسطيني حقوقه وحرياته.
إن الصراع في فلسطين ليس وليد اليوم ولا الأمس ولا حتى القرن الحالي أو الفائت إنه صراع يمتد لقرون طويلة ضحى في سبيله عشرات الآلاف من المسلمين، وهناك الآلاف بل الملايين الآخرون لديهم الاستعداد لاستكمال مسيرة النضال من أجل تحرير الأرض وعلى رأس هؤلاء الشعب الفلسطيني الذي يحمل راية الكفاح على كتفه في مواجهة ليس العدو الصهيوني وحسب، وإنما الغرب بكامله وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية التي خالفت كل الأعراف والاتفاقات والمواثيق الدولية وقامت بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس من أجل القضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية.
ويجهل هؤلاء جميعا حقيقة الشعب الفلسطيني الذي يعيش والقدس في قلبه ويدافع عنها بروحه وماله وكل ما يملك، ففلسطين ليست أميركا والشعب الفلسطيني ليس الهنود الحمر، وما يتعرض له وما يتحمله سيظل وسام شرف على جبين الأمة العربية كلها من الشرق إلى الغرب، وسيأتي اليوم الذي يتحرر فيه هذا الشعب البطل من نير الاحتلال الصهيوني، وتعود القدس كما كانت إسلامية ترفرف فوق مآذنها رايات الإسلام خفاقة عالية.

التعليقات معطلة.