كارثة “ابن الخطيب” تعيد فتح ملف “المستشفيات المتلكئة” في بغداد
رجح مراقبون أن الفساد والإهمال كانا السبب الرئيس في عدم إنجاز المشاريع الطبية
مؤيد الطرفي مراسل عراقي الثلاثاء 27 أبريل 2021 23:47
قسم العناية الفائقة في مستشفى ابن الخطيب في بغداد بعد الحريق (أ ب)
أعادت كارثة “مستشفى ابن الخطيب”، جنوب العاصمة العراقية بغداد الحديث مجدداً عن مشاريع المستشفيات الحكومية الجديدة التي لم تُنجز لأسباب مختلفة منذ أكثر من عقد من الزمن، على الرغم من توافر الإمكانات المالية لإنجازها خلال هذه الفترة الطويلة.
ويبدو أن الفساد والإهمال كانا السبب الرئيس في عدم إنجاز مستشفيات حكومية جديدة، بعدما بدء العمل بغالبيتها في بغداد منذ عام 2008 ولم ينتهِ حتى الآن بتنفيذ واحدة منها على الأقل، للمساهمة في تخفيف الزخم الكبير من قبل المواطنين على المؤسسات الصحية المتهالكة التي يعود بناء بعضها إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ما أدى الى تراجع خطير في تقديم الخدمات الطبية إلى الشرائح المتوسطة والفقيرة.
ومن أبرز هذه المشاريع المتلكئة منذ عقد من الزمن، “مستشفى القوات المسلحة” وسعته 400 سرير، وسط بغداد، و”مستشفى ابن سينا التعليمي” 600 سرير و”مستشفى الحرية” بـ 400 سرير و”مستشفى الشماعية” 400 سرير و”مستشفى الشعب” 200 سرير و”مستشفى الفضيلية” 200 سرير و”مستشفى النهروان” 200 سرير و”مستشفى الحسينية” بـ 200 سرير و”مستشفى المعامل” بـ 200 سرير.
ولعل حادثة الحريق الكبير الذي اندلع ليل 24 أبريل (نيسان) الحالي، في “مستشفى ابن الخطيب” المخصص لعزل المصابين بفيروس كورونا، الذي راح ضحيته 82 شخصاً و110 مصابين، قد حرّك الملف مجدداً، ودفع البرلمان العراقي إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة تداعيات الحادث والوضع السيّء الذي تعاني منه المستشفيات العراقية عموماً. وألزم البرلمان وزارة المالية توجيه التخصيصات اللازمة لإكمال المستشفيات التي وصلت إلى مراحل متقدمة في عموم المحافظات وعدم التحجج بأعذار غير مقبولة.
مشكلات متعددة
ودعت “هيئة النزاهة الاتحادية” في تقرير لها بشأن تقصي الحقائق عن أسباب عدم إنجاز هذه المستشفيات، إلى تخصيص الأموال اللازمة في الموازنة العامة لاستكمال تنفيذ عقود المستشفيات ذات نسب الإنجاز المُتقدِّمة أو قيد الإنشاء، محذرةً من أن بقاءها على حالها من دون إتمامها يسبّب بزيادة نسب اندثارها وصعوبة معالجتها.
وبيّن التقرير أن كثرة ملاحق العقود الموقّعة مع الشركات المنفّذة بهدف إنجازها أو إضافة تعديلات على المشاريع بالمجمل، أثّرت سلباً في البنود الأصلية للعقود، ما أسهم في زيادة مُدَد إنجاز المشاريع لسنوات طويلة وزيادة تكلفتها، مشدداً على ضرورة إشراف وزارة التخطيط على تنفيذ عقود المستشفيات.
ورصد التقرير الذي سُلِّم إلى مجلس الوزراء العراقي وجود “تلكؤ واضح في عمل معظم الشركات المنفّذة للمستشفيات وعدم إنهاء أعمالها ضمن المُدد المحددة لها في العقود المبرمة بينها ووزارة الصحة أو المحافظات”، مبيّناً أن غالبية تلك المشاريع بدأت قبل الأزمة المالية وتوقفت عام 2015، ما أدى إلى وجود نسب اندثار عالية في بعضها، خصوصاً تلك التي لم تصل إلى نسبة 30 المئة من أعمال إنجازها.
وكشف التقرير عن وجود قضايا جزائية لدى دائرة التحقيقات في الهيئة تخص مستشفيات سعة 400 سرير لتحديد أسباب التأخير والأشخاص المتسببين ببطء إنجازها، لافتاً إلى أن التلكؤ والتأخير أجبرا المواطنين المرضى على مراجعة المستشفيات الأهلية لتلقّي العلاج.
الأموال والابتزاز
وأشار عضو لجنة النزاهة النيابية في مجلس النواب كاظم الشمري إلى أن الأزمة الاقتصادية التي مرّ بها العراق خلال الحرب مع تنظيم “داعش” والابتزاز الذي مارسته جهات عدة، كلها عوامل عرقلت إنجاز مشاريع المستشفيات لفترات طويلة، داعياً إلى محاسبة المتسببين بهذا الأمر قبل استئناف العمل من جديد.
ورأى الشمري أن على الحكومة العراقية الشروع بإكمال المستشفيات التي وصلت إلى نسب متقدمة، لا سيما أن “مستشفيات عدة وصلت إلى نسب إنجاز من 50 في المئة وما فوق”. وأضاف أن “الهدف الأساس من عرقلة بعض الجهات لتنفيذ هذه المستشفيات هو ضمان وتسهيل إنشاء مستشفيات أهلية في بغداد بهدف الربح على حساب المواطن العراقي البسيط”، لافتاً إلى أن “بعض الجهات استخدم الموضوع انتخابياً وعرقل المشاريع من أجل ألا يُحسَب لجهة سياسية معينة”.
وبحسب “هيئة استثمار بغداد”، فإنها رخّصت إنشاء 17 مشروعاً صحياً، غالبيتها لمستشفيات أهلية في مختلف الاختصاصات خلال السنوات القليلة الماضية أُنجز معظمها.