تقرير امريكي يتحدث عن “ديمقراطية العراق” المخيبة للآمال
2021-07-24
رسم معهد “أوبن ديموكراسي” (الديمقراطية المفتوحة) صورة قاتمة عن العراق قائلا إن الديمقراطية على النمط الغربي فشلت في العراق، مما تسبب بقيامة اقتصاد بائس وحكومة غير فعالة، والمزيد من المعاناة للعراقيين.
عراق الفقر والظلم
وأوضح المعهد الأمريكي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان عراق العام 2021 ما يزال يعاني من الفقر والظلم وصدمة الخسارة الكبيرة في الأرواح والعيش مع الخوف اليومي، ويعاني العراقيون من إحساسهم بالعجز و الهزيمة والإذلال.
واشار التقرير الى انه منذ بداية العام قتل 330 مدنيا بينهم 27 طفلا، مضيفا ان مرصد “احصاء الجثث في العراق” وثق حتى الآن أكثر من 208.800 حالة وفاة بالقتل لمدنيين منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العام 2003، غالبيتها حدثت بعد ان اصبح العراق ديمقراطية في العام 2005.
واشار التقرير الى ان الحكومات المنتخبة ديمقراطيا في العراق، وبدعم من التحالف الاميركي البريطاني الذي غزا واحتل العراق، قتل حتى الآن في إطار “الحرب على الإرهاب ” اكثر من اربعة الاف مدني من خلال القصف والهجمات لسحق التمرد، مضيفا أن قوات الشرطة والميليشيات التي تدعمها، قتلت مئات المتظاهرين في جميع انحاء العراق، فيما سمحت الحكومات العراقية بقتل الاف اخرين في غارات جوية شنتها قوات التحالف والقوات التركية او الميليشيات المدعومة من ايران مثل الحشد الشعبي.
الانتخابات المزورة
وذكر التقرير؛ أن العراق نظم أول انتخابات برلمانية في ديسمبر/كانون الأول العام 2005، فيما كان لا يزال تحت الاحتلال الأمريكي والبريطاني، وكان من المقرر ان تجري الانتخابات الخامسة في يونيو/حزيران الماضي، لكنها تاجلت حتى منتصف اكتوبر/ تشرين الاول، لان مفوضية الانتخابات طلبت مزيدا من الوقت لتنظيم “انتخابات حرة ونزيهة”.
وبرغم ذلك، اضاف التقرير، ان الانتخابات العراقية منذ بدايتها، شابها أعمال عنف وتزوير واحتجاجات.
وتابع انه في 22 ديسمبر/كانون الأول العام 2005 ، أي صدور النتائج الاولية للانتخابات، طالبت قوى سنية وشيعية بتدقيق دولي في الشكاوى المتعلقة بتزوير الانتخابات، وهددت بمقاطعة البرلمان الجديد، كما اندلعت تظاهرات كبيرة في جميع أنحاء العراق حيث قال متظاهرون ان الانتخابات زورت لصالح الائتلاف الديني الشيعي الرئيسي. وتظاهر ما يصل الى 20 ألف شخص في بغداد وتظاهر اكثر من الفي شخص في الموصل منتقدين الدور الايراني في الانتخابات، في حين تلى اعلان النتائج تفجير سيارات مفخخة وهجمات على مسؤولين أميركيين وعراقيين.
خراب غير متوقع
واشار التقرير الى انه منذ ذلك الوقت، وصل اربعة رؤساء وزراء الى السلطة في العراق، بالاضافة الى ثلاثة رؤساء، وبرغم ذلك، لم ينجح اي منهم في الاستجابة للمطالب المشروعة للشعب العراقي المتمثلة بانهاء الفساد، ورفع مستوى المعيشة، وخلق فرص عمل للعدد المتزايد من الشباب والمتعلمين، وتوفير الأمن.
واعتبر التقرير؛ أن “الخراب الذي لحق بالعراق لم يكن غير متوقع، اذ ان النظام الديمقراطي النيوليبرالي الذي فرضته الولايات المتحدة وحلفاؤها على البلاد لم يكن ليؤدي إلى نتائج ديمقراطية على النمط الغربي، او النتائج المتوقعة في دولة متقدمة”، موضحا أن الدول المتقدمة على غرار بريطانيا والولايات المتحدة “لا تواجه أي تهديد حقيقي بحرب كبرى، وتتمتع بالازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي والاجتماعي”. وفي المقابل، فان “العراق كان – ولا يزال – دولة ضعيفة”.
وأوضح التقرير؛ انه بين عامي 2003 و 2020، كانت الثوابت الوحيدة القائمة تتمثل بالعنف الطائفي والارهاب والفقر وانتشار الاسلحة والجريمة وعدم الاستقرار السياسي والانهيار الاجتماعي والشغب والفوضى والفشل الاقتصادي.
ديمقراطية بلا أمن
وتابع التقرير؛ أنه رغم اعلانه دولة ديمقراطية، الا ان العراق يفتقر إلى الأمن.
واشار الى انه على غرار ما يسمى بالدول “المحررة والديمقراطية” الأخرى، مثل افغانستان او ليبيا، فقد تزامنت مع هذه التهديدات الامنية الداخلية والمحلية جنبا الى جنب مع التهديد الذي تشكله الجهات الخارجية والدمار النيوليبرالي الذي جلبته على البلاد.
وخلص التقرير الى القول؛ إن القرن الحادي والعشرين، شهد إنشاء ديمقراطيات جديدة من خلال الحرب، في أفغانستان والعراق، بعد غزوتي العام 2001 و 2003، او من خلال الثورات الشعبية التي سميت “الربيع العربي” منذ العام 2011، وتمت الإطاحة بدكتاتوريين وانظمة استبدادية وجرى تأسيس ديمقراطيات برلمانية.
وعلى الرغم من ذلك، قال انه التقرير أنه بعيدا عن الوصول الى “نهاية التاريخ” لفوكوياما، فقد “تسبب السعي خلف التحول النيوليبرالي من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، باقتصاد بائس ودولة فاشلة”.
وذكر التقرير ان “المتظاهرين الذين يحملون العلم العراقي يطالبون بوطنهم، الذي تنتهك فيه حكومتهم حقوقهم الانسانية وتفشل في توفير الفرص أو الضمانات الاجتماعية والصحية والتعليمية لأبناء الوطن”.
وختم التقرير بالقول إنه “بينما تفتح قوات الأمن وشرطة مكافحة الشغب النار على العراقيين باستخدام الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، يستمر الناس بالتظاهر”، مضيفا أن “الاعتقاد كان بان العراق من دون ديكتاتورية سيصبح دولة قوية وديمقراطية ليبرالية، على غرار تلك الموجودة في ما يسمى العالم المتقدم”.
لكن العراق، بحسب ما خلص “اوبن ديموكراسي”، اصبح “اكثر ضعفا واقل امنا”، مضيفا أنه “لا يمكن تحقيق الديمقراطية الليبرالية بهذه السهولة، سواء من خلال الحرب او من خلال التغيير الثوري”. واستبعد التقرير أن تخلق الانتخابات المقبلة تغييرا، لان الوضع الأمني يجعل المشاركة السياسية صعبة، ويتسبب بشكوك حول الشرعية، وأنه في ظل غياب المحاسبة، فان الإحساس بالعدالة يكاد يكون مستحيلا.