القبض على مدير عام إحدى الوزارات العراقية متلبسا بتلقي رشوة
تنخر ظاهرة الفساد المؤسسات الحكومية وتحولت إلى ثقافة سائدة
غفران يونس صحافية @GhufranYounis1 الأحد 21 مارس 2021 21:25
العقوبات القانونية الحالية لم تعد كافية للقضاء على ظاهرة الفساد في العراق (أ ف ب)
100 ألف دولار هو مجموع المبلغ الذي صادرته قوة من جهاز الأمن الوطني العراقي، عندما تمكنت في كمين من ضبط مدير عام إحدى الوزارات، متلبساً بأخذ الرشوة.
وأظهر فيديو نشره جهاز الأمن الوطني على صفحتيه في “تويتر” و”فيسبوك”، القبض على المدير العام، الذي لم يعلن عن اسمه، والوزارة التي يعمل فيها.
وتنخر ظاهرة الفساد في الدولة العراقية، من المشاريع غير المنفذة، ومزاد العملة، وتهريب النفط، إلى تلف الأموال، كما حدث عام 2018، عندما أعلن محافظ البنك المركزي السابق، علي العلاق، عن تلف 7 ملیارات دينار عراقي (نحو 4.8 مليار دولار أميركي)، بسبب خلل في خزينة بنك الرافدين أدى إلى تسرب مياه الأمطار إليها. وبالتأكيد لا تغيب ظاهرة قبض الرشى في غالبية الدوائر الحكومية، وعلى كل المستويات الوظيفية، من الوزير والمدير العام إلى أصغر موظف.
الأكثر فساداً
احتل العراق على مدى سنوات المراكز الأخيرة في تصنيف منظمة الشفافية العالمية. وفي عام 2020 جاء في المرتبة 160 من أصل 180 دولة.
وقالت المنظمة إن البلد الغني بالنفط يعيش أزمة اقتصادية أجلت أكثر من مرة دفع رواتب الموظفين، وسط اتهامات بنهب المال العام، إذ وصلت قيمة المبالغ المنهوبة منذ عام 2003 إلى 250 مليار دولار، مع غياب تام للمساءلة.
ولا يكتفي العراق بتصدر قائمة الدول الأكثر فساداً، بل إنه سجل عام 2016 أكبر فضيحة في العالم تخص العقود النفطية، بعد تقاضي وزراء عراقيين رشى من شركة “أونا أويل” بلغت قيمتها 25 مليون دولار.
الفراغ الأمني
يوضح الاقتصادي ناصر الكناني أن الفراغ الأمني الذي حدث بعد عام 2003، متمثلاً بحل المؤسسات الأمنية، ولد فراغاً أتاح للصوص سرقة المصارف والدوائر الرسمية والقطع الأثرية وأرشيف دوائر الدولة.
اقرأ المزيد
وأشار إلى أن كرة الثلج المتمثلة بالفساد بدأت تكبر، وبانت آثارها على الاقتصاد الوطني، موضحاً أن بناء مؤسسات الدولة على أساس طائفي ومذهبي سمح بانتشار ظاهرة الرشى، التي تحولت إلى ثقافة سائدة.
ويعدد الكناني 36 مكمناً للفساد في العراق، مثل المنافذ الحدودية، والجمارك، والسجون، ومراكز الاحتجاز، والزراعة، والأسمدة، والأيدي العاملة الأجنبية، والعقود الحكومية، والامتحانات، وملف النازحين، والسلف المالية المصرفية، وشبكة الاتصالات والهاتف الجوال. ويستنتج أن الفساد أصبح منهجاً في السلوك الاقتصادي لأي مشروع يقام في البلاد.
العقوبات القانونية
من جهته، أوضح القانوني علي التميمي أن قانون العقوبات العراقي بمواده 307 و308 و309 و310، كان يعاقب الراشي والمرتشي والوسيط بالسجن لمدة سبع سنوات، لكن هذه المواد عدلت بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 160 لسنة 1983 لتصل العقوبة إلى عشر سنوات.
وقد نص القانون على أن “كل موظف أو مكلف خدمة عامة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية أو منفعة أو ميزة… لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الاخلال بواجبات الوظيفة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين”.
وقال محمد مظهر صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، في سلسلة مقالات نشرت على شبكة الإنترنت، إن تطبيق أحكام قانون العقوبات لوحده لم يعد كافياً للحد من ظاهرة الرشوة في البلاد، بل لا بد أن يقوم المفتشون العموميون بإجراء مسح للوظائف الأكثر تقبلاً للرشى أو الاختلاس في مختلف الوزارات والدوائر، ومن ثم إعادة تنصيب شريحة وظيفية منتقاة لتحل مكانها، وتقدم لها الحوافز المادية والمعنوية.