هذه أخطر 5 أسلحة كيميائية في العالم
في نوفمبر 7, 2021
المستقلة /- أفادت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية بأن أزمة السنوات الثلاثة في سوريا (منذ بداية خروج مظاهرات في منتصف شهر مارس (آذار) عام 2011 في مدن سورية عديدة مطالبة بإطلاق الحريات، وإخراج المعتقلين السياسيين من السجون، ورفع حالة الطوارئ، وارتفاع سقف المطالب تدريجيًّا مع الوقت حتى وصل إلى المطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد بالكامل) أدَّت إلى طفرة جديدة من الاهتمام بالأسلحة الكيميائية.
وتتطلب الأسلحة الكيميائية، التي غالبًا ما يُشار إليها باسم «قنبلة الرجل الفقير»، لأن تكلفتها منخفضًا نسبيًّا، ويمكن أن تسبب آثارًا نفسية وجسدية خطيرة، من أبرزها الاضطراب والخلل الحيوي.
وجاء ذلك في مقال، نُشِر لأول مرة في عام 2014، للكاتبة دينا إسفندياري، باحثة مشاركة في برنامج عدم الانتشار ونزع السلاح النووي في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، والتي أوضحت أن الأسلحة الكيميائية الحديثة أُدخِلت خلال الحرب العالمية الأولى في محاولة للحد من مأزق حرب الخنادق (حيث تحتمي القوات في خنادق عسكرية من نيران العدو الخفيفة، وتكون في مأمن إلى حد كبير من مدفعية العدو). لكن الأسلحة الكيميائية تخضع لأنماط التضاريس والطقس.
ونظرًا إلى أن الذخائر أضحت أكثر دقة الآن، بدأت الميزة التكتيكية للأسلحة الكيميائية في التآكل. واليوم، تتسبَّب الأسلحة الكيميائية في نشر الرعب أكثر من الإسهام في تحقيق الانتصارات على الأرض. كما أن طبيعتها العشوائية وعدم القدرة على التنبؤ، إلى جانب آثارها الرهيبة في بعض الأحيان، تجعلها أسلحة تخويف فعَّالة.
وفيما يلي خمسة من أسوأ الأسلحة الكيميائية:
السلاح الأكثر سمية: ڤي إكس (VX) أو غاز الأعصاب
توضح الكاتبة أن ڤي إكس ينتمي إلى مركبات الفسفور العضوي، ويُصنَّف على أنه مادة مُشِلَّة للأعصاب لأنه يؤثر في انتقال النبضات العصبية في الجهاز العصبي. كما أنه عديم الرائحة والمذاق في شكله النقي، ويظهر سائلًا باللون الزيتي البُني.
وقد طُوِّر ڤي إكس في المملكة المتحدة في أوائل خمسينيات القرن الماضي، ويتميز بفاعلية من نوع خاص لأنه عامل ممتد التأثير: يصبح بطيء التبخُّر بمجرد إطلاقه في الغلاف الجوي. وفي ظل الظروف الجوية العادية، يمكن أن يستمر ڤي إكس لعدة أيام على الأسطح، بينما يمكن أن يستمر لأشهر في الظروف الشديدة البرودة. كما أن «بخار ڤي إكس أثقل من الهواء»، مما يعني أنه عند إطلاقه، «سوف يهبط إلى المناطق المنخفضة عن سطح البحر ويؤدي إلى زيادة خطر التعرُّض فيها». وهذه الخصائص تجعل من ڤي إكس سلاحًا مفيدًا في منع الدخول إلى المنطقة أو الوصول إليها.
تضيف الكاتبة قائلةً: وڤي إكس أيضًا عامل سريع المفعول؛ إذ قد تظهر أعراضه بعد ثوانٍ فقط من التعرُّض له. وتشمل هذه الأعراض سيلان اللعاب وانقباض حدقة العين وضيق في الصدر. وكما هو الحال مع غازات الأعصاب الأخرى، يعمل ڤي إكس عن طريق التأثير على إنزيم (أستيل كولين إستراز أو acetylcholinesterase) الذي يعمل بمثابة «مفتاح إيقاف» للغدد والعضلات في الجسم.
ومع إيقاف عمل الإنزيم، تعمل جزيئات ڤي إكس على تحفيز العضلات باستمرار، لهذا يحدث تشنُّج في هذه العضلات، ثم يبدأ الإنهاك في التسلل إليها. ويحدث الموت عند استنشاق ڤي إكس بسبب الاختناق أو فشل القلب. وبينما يمكن التعافي من التعرُّض لغاز ڤي إكس، فإن الكميات الصغيرة منه يمكن أن تكون قاتلة.
غاز السارين المُستخدَم مؤخرًا
أشارت الكاتبة إلى أنه في سبتمبر (أيلول) 2013، أكدت الأمم المتحدة وقوع هجوم بالأسلحة الكيماوية الشهر الماضي استُخدِمت فيه صواريخ مصمَّمة خصيصًا، لنشر غاز السارين فوق الضواحي التي يسيطر عليها المتمردون في العاصمة السورية. وصرَّح الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن هذا كان «أهم استخدام مؤكد للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين منذ أن استخدمها صدام حسين في مدينة حلبجة عام 1988».
والسارين (المعروف أيضًا باسم جي بي) هو غاز أعصاب متطاير ولكنه سام. وقطرة واحدة منه بحجم رأس الدبوس تكفي لقتل إنسان بالغ بسرعة. والغاز عبارة عن سائل عديم اللون والرائحة في درجة حرارة الغرفة، ولكنه يتبخر بسرعة عند تسخينه. وبعد انتشاره في الهواء، ينتشر السارين في البيئة بسرعة ويشكل تهديدًا فوريًّا ولكن تهديده قصير الأمد. وعلى غرار ڤي إكس، «تشمل أعراضه الإصابة بالصداع، وسيلان اللعاب، وانسكاب الدموع، يليها شلل تدريجي في العضلات» والموت المحتمل.
وقد طُوِّر غاز السارين في عام 1938 في ألمانيًا عندما كان العلماء الألمان يبحثون عن مبيدات حشرية. واستخدمته طائفة أوم شينريكيو (طائفة دينية يابانية) في هجوم عام 1995 على مترو أنفاق طوكيو. وبينما تسبب الهجوم في إحداث حالة من الذعر الجماعي، قتل الغاز 13 شخصًا فقط لأنه تناثر في صورة سائلة. ومن أجل زيادة عدد الضحايا إلى أقصى حد ممكن، لا يجب أن يكون السارين في صورته الغازية فحسب، بل يجب أن تكون جزيئاته صغيرة بما يكفي بحيث تُمتَص بسهولة من خلال بطانة الرئتين، لكن جزيئاته ثقيلة بدرجة كافية بحيث لا يمكن إخراجها مرةً أخرى من داخل الرئتين.
وليس من السهل تحويل السارين إلى سلاح. كما أن جودة الغاز مهمة أيضًا. وغاز السارين (وغاز ڤي إكس) عرضة للتحلل، خاصة إذا لم يكن نقيًّا. على سبيل المثال، كانت مدة صلاحية غاز السارين في العراق تتراوح من عام إلى عامين. وفي حين أن المنتجات المتحللة تظل سامة، فإنه لا يمكن استخدامها في صورة أسلحة.
وعلى الرغم من أن مخزون الأسلحة الكيماوية في سوريا كان يتقادم بمرور الزمن، وعلى الأرجح تدهورت الغازات الكيميائية تدهورًا كبيرًا، فإن السارين المُستخدَم في الهجوم على ضواحي الغوطة في 21 أغسطس (آب) 2013 كان أعلى جودة من ذلك المستخدم في هجوم طوكيو عام 1995، أو في مدينة حلبجة العراقية. ومع ذلك، لا تزال تلك الغازات بعيدة كل البعد عن السارين الذي تنتجه الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.
غاز الخردل الأكثر شعبية
ألمحت الكاتبة إلى أن هذا الغاز يُعرف أيضًا باسم خردل الكبريت، واسم هذا الغاز مشتق من علامته التجارية الخردل الفاسد أو من رائحة الثوم والبصل. وينتمي إلى مجموعة الغازات المولِّدة للبثور (أو المُنفِّطات) التي تعمل على استهداف العين والجهاز التنفسي والجلد، وتسبب في البداية تهييجًا في الجسم ومن ثم تسمِّم خلايا الجسم.
وعمل هذا الغاز مروِّع وبطيء على نحو خاص. وعندما يتعرض له الجلد، فإنه يصاب بالاحمرار والاحتراق لبضع ساعات قبل ظهور بثور كبيرة مسبِّبة ندبات وألمًا شديدًا. وتنتفخ العيون وتسكب الدمع مدرارًا وربما تصاب بالعمى بعد ساعات قليلة من التعرُّض لهذا الغاز، وعند استنشاقه أو بلعه، يعاني الضحايا من العطس وحشرجة في الصوت، وسعال يخرج معه دم، وآلام في البطن، والقيء.
لكن التعرُّض لغاز الخردل ليس قاتلًا على الدوام. وعندما استُخدِم الغاز لأول مرة في الحرب العالمية الأولى، قتل 5% فقط من أولئك الذين تعرضوا له. ومن ثم أصبح سلاحًا كيميائيًّا شائعًا – استخدم في كل من الحربين العالميتين الأولى والثانية وأثناء الحرب الأهلية في اليمن والحرب العراقية الإيرانية – بسبب خصائصه.
وإلى جانب آثاره الفيزيائية الرهيبة، غاز الخردل مستقر كيميائيًّا وثابت للغاية. وبخار الغاز أثقل ست مرات من الهواء ويبقى بالقرب من الأرض لعدة ساعات. وهذا جعله مفيدًا على نحو خاص لملء خنادق العدو وتلويثها. ويظل بخار الغاز سامًّا لمدة يوم أو يومين في ظل الظروف الجوية المتوسطة، ومن أسابيع إلى شهور في ظل الظروف شديدة البرودة. وعلاوةً على ذلك، يمكن زيادة ثبات الغاز عن طريق زيادة «تكثيفه»: إذابته في مذيبات غير متطايرة. ويتسبب في مشكلات كبيرة عند محاولة الحماية ضده وإزالة التلوث الناجم عنه والعلاج منه.
وإنتاج غاز الخردل سهل نسبيًّا، عند وجود سلائف أو مركبات أولية جاهزة منه. كما يحتفظ غاز الخردل بجودته لمدة طويلة. على سبيل المثال، لا تزال الذخائر الألمانية المُستخدَمة في الحروب العالمية تُستخرَج دوريًّا في بلجيكا، ولا تكاد توجد فيها غازات متحللة.
ويُجبِر غاز الخردل قوات العدو على ارتداء معدات حماية كاملة، مما يضعف كفاءتها. لكن الملابس الواقية لا تنفع دائمًا. والأقنعة الواقية من الغازات، على سبيل المثال، غالبًا ما تكون غير كافية. وخلال الحرب العراقية الإيرانية، تسرب غاز الخردل من خلال الأقنعة عندما اخترقت لُحَى الشباب الإيرانيين (التي يُطلقونها لأغراض دينية) سدادة القناع. ويخترق غاز الخردل الملابس أو الأحذية أو المواد الأخرى بسهولة.
غاز الفوسجين: الأخطر
تضيف الكاتبة قائلة: حتى يومنا هذا، يُعد غاز الفوسجين أحد أخطر الأسلحة الكيميائية الموجودة على وجه الأرض. وقد استُخدِم لأول مرة مع غاز الكلور في 19 ديسمبر (كانون الأول) 1915، عندما أسقطت ألمانيا 88 طنًّا منه على القوات البريطانية، مما تسبَّب في مقتل 120 شخصًا وإصابة 1069 آخرين. وخلال الحرب العالمية الأولى، كان غاز الفوسجين سببًا في مقتل 80% من جميع الوفيات التي ماتت بسبب غازات كيميائية. وعلى الرغم من أنه ليس سامًّا مثل السارين أو غاز ڤي إكس، فإن صناعته أسهل بكثير، مما يجعله في متناول الجميع.
والفوسجين مادة كيميائية صناعية تُستخدَم في تصنيع البلاستيك والمبيدات الحشرية. ويصنَّع عن طريق تعريض مركبات الهيدروكربون المُكلوَرة لدرجات حرارة عالية. بمعنى آخر، يمكن صنعه في المنزل عن طريق تعريض الكلوروفورم للأشعة فوق البنفسجية لبضعة أيام.
والفوسجين غاز خانق يهاجم أنسجة الرئة. وتتمثل الأعراض الأولية المحتملة لاستنشاقه في السعال والاختناق وضيق الصدر والغثيان والقيء في بعض الأحيان، وتحدث هذه الأعراض بعد مرور دقائق من التعرُّض له. وقد تبدو هذه نتائج سريعة، ولكنها في الواقع تعني أن الضحايا يستمرون في استنشاقه حتى تظهر الأعراض. ويمكن أن تحدث تأثيرات متأخرة لمدة تصل إلى 48 ساعة بعد التعرُّض.
ليست فقط قنبلة انشطارية أو هيدروجينية! تعرف على أنواع أخرى من القنابل النووية
وفي درجة حرارة الغرفة وضغطها، يكون الغاز عديم اللون تقريبًا وتنبعث منه رائحة كرائحة عشب مقطوع حديثًا بتركيزات منخفضة. والغاز غير قابل للاشتعال ويتبخر عند تسخينه فوق ثماني درجات مئوية؛ مما يجعله متطايرًا. لكن كثافة بخاره تزيد على ثلاثة أضعاف كثافة الهواء، مما يعني أنه يظل منتشرًا في المناطق المنخفضة عن سطح البحر، بما في ذلك الخنادق.
غاز الكلور: الأكثر سهولة من ناحية الحصول عليه
أفادت الكاتبة أنه في يونيو (حزيران)، أعلن مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) أن «عوامل تهيج الرئة مثل الكلور، قد استُخدِمت بصورة منهجية في عدد من الهجمات» في سوريا بعد أن تعهَّد الأسد بالتخلي عن أسلحته الكيميائية. وأدَّى ذلك إلى إثارة شكوك حول مدى قيمة الصفقة الأمريكية الروسية بشأن نزع الأسلحة الكيميائية السورية.
والكلور مادة كيميائية صناعية متوفرة بسهولة ولها عديد من الاستخدامات السلمية، بما في ذلك تبييض الورق والقماش، وصنع المبيدات الحشرية والمطاط والمذيبات، وقتل البكتيريا في مياه الشرب وأحواض السباحة. إن الكلور النموذج المثالي لمادة كيميائية إشكالية ذات استخدام مزدوج. ولم يظهر الكلور في إعلان الأسد المبدئي عن مخزون الأسلحة الكيميائية في أكتوبر (تشرين الأول)، ولم يُنزَع مع بقية الأسلحة الكيماوية السورية الشهر الماضي. وعلى الرغم من طبيعته ذات الاستخدام المزدوج، لا يزال استخدام الكلور بوصفه سلاحًا كيميائيًّا محظورًا بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية (CWC).
وغاز الكلور لونه أصفر مائل إلى الأخضر، وله رائحة قوية تشبه مادة التبييض. وعلى غرار الفوسجين، الكلور غاز خانق يعوق التنفس ويتلف الأنسجة في الجسم. ويمكن ضغطه وتبريده بسهولة وصولًا إلى الحالة السائلة بحيث يمكن شحنه وتخزينه. وينتشر الكلور بسرعة ويبقى قريبًا من الأرض لأنه أثقل من الهواء. وعلى الرغم من أنه أقل فتكًا من العوامل الكيميائية الأخرى، فإن الكلور خطير لأن من السهل تصنيعه وإخفاءه.
غازات مكافحة الشغب
تختتم الكاتبة مقالها بالقول: وعلى الرغم من عدم حظره بصورة صارمة من قِبل اتفاقية الأسلحة الكيميائية (لا ينطبق ذلك على تطبيق القانون المحلي)، استُخدِمت غازات مكافحة الشغب في كثير من الأحيان وكانت لها آثار مدمرة. وتشمل آثارها المؤقتة البكاء، رَمْش العيون الذي لا يمكن السيطرة عليه، والحرقان في الحلق، والعطس، والسعال، والقيء، والعمى المؤقت في بعض الأحيان.