العراق «المحايد» يتجه إلى تعليق التعاملات المالية مع روسيا
إزالة جدارية كبيرة لبوتين وسط بغداد… وقنصلية موسكو بالبصرة تفتح باب التطوع للقتال في أوكرانياالأحد – 3 شعبان 1443 هـ – 06 مارس 2022 مـ رقم العدد [ 15804]
احتجاج ضد الهجوم الروسي على أوكرانيا أمام مقر الأمم المتحدة في إربيل يوم 27 فبراير الماضي (رويترز)بغداد: فاضل النشمي
يتفاعل معظم العراقيين مع الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، لكن تفاعلهم لا يشبه ربما الاهتمام الذي تبديه شعوب أخرى بالحرب الدائرة هناك. إذ إن العراقيين، وعلى امتداد أكثر من أربعة عقود، اختبروا معظم فظائع الحروب، ويدركون تماماً مآسيها وما تخلفه من موت وخسائر وفرار للسكان من منازلهم بعيداً عن جحيمها وويلاتها.
ومن هنا، فإن اتجاهات غير قليلة تدين الحرب والخطوات التي أقدم عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتتعاطف مع أوكرانيا وشعبها. هذا على المستوى الشعبي، أما على المستوى الرسمي، فلا تبدو السلطات العراقية مؤيدة للحرب، لكنها وبحكم ظروف البلاد والتعقيدات المرتبطة بمسارها السياسي، تمارس قدراً من «الحياد»، ومحاولة تجنب أي أضرار محتملة تسببها المواقف السياسية. وفي هذا الإطار، امتنع العراق، على المستوى الدبلوماسي، أول من أمس، عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي «يطالب روسيا بالتوقف الفوري عن استخدام القوة ضد أوكرانيا». غير أنه وعلى المستوى الاقتصادي، أظهر البنك المركزي العراقي قدراً أكثر جرأة حين اقترح على الحكومة عدم إبرام أي عقود جديدة، وتعليق التعاملات المالية مع روسيا عقب فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على موسكو.
وقال البنك في وثيقة رسمية صادرة عنه وموجهة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، «نود إعلامكم أنه بسبب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، قامت وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على مؤسسات مالية واقتصادية روسية، لغرض الحد من قدرات روسيا في الحرب». وأضاف أنه وبهدف «حماية النظام المالي العراقي، فإننا نقترح التريث في الوقت الحاضر في إبرام أي عقود حكومية مع الجانب الروسي، والتريث في تحويل أي مدفوعات مالية من خلال النظام المالي في روسيا».
وعلى الرغم من الغموض الذي يحيط بموقف الحكومة من مقترح البنك المركزي، إلا أن المرجح التزامها بذلك، لخشيتها من العقوبات الأميركية. وسبق أن التزمت بغداد بعدم التعامل المالي مع طهران في القضايا التي لم تحصل فيها استثناءات أميركية، مثل شراء الطاقة والكهرباء والغاز من الجانب الإيراني.
وتتولى شركات روسية تنفيذ مشاريع استثمارية في العراق في مجالات النفط والطاقة في جنوب البلاد وشرقها، إلى جانب استثمارات نفطية روسية في إقليم كردستان. ولدى روسيا أيضاً اتفاقات وتعاملات تتعلق بالتجهيزات والمعدات العسكرية مع بغداد.
لكن الموقف الرسمي المتحفظ عن الحرب والموقف الشعبي العام الرافض لها، لم يمنع بعض الاتجاهات المتماهية مع وجهة النظر المناهضة للغرب والقريبة من إيران من تأييد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد ظهر ذلك جلياً من خلال إقدامها على وضع جدارية له في منطقة الجادرية ببغداد، وقد ذيلت الصورة بعبارة «أصدقاء الرئيس». وأثارت الصورة موجة غضب وانتقادات عديدة في مواقع التواصل الاجتماعي، ضد الجهات التي عمدت إلى وضعها، ما دفع مجموعة من الشباب إلى القيام بإزالتها. وتقول مصادر حكومية إن السلطات الأمنية وجهت قواتها بمنع رفع صور الرئيس الروسي في الأماكن العامة.
وفي خبر يبدو أنه يندرج ضمن «البروباغندا» الدعائية التي تمارسها موسكو لكسب الحرب، أعلنت القنصلية العامة لروسيا الاتحادية في البصرة (جنوب العراق)، الخميس، عن استمرارها بتلقي طلبات التطوع من مواطنين عراقيين للانضمام إلى صفوف الجيش الروسي للمشاركة في حرب أوكرانيا. وقالت القنصلية في بيان إنها «مستمرة بتلقي طلبات الانضمام إلى صفوف القوات المسلحة الروسية التي تقوم بعملية عسكرية ضد النظام النازي في أوكرانيا المدعوم من طرف أميركا وحلفائها من (دول) الناتو». وأضافت: «وبهذا الصدد نود إبلاغكم أن القوات الروسية لديها القوة الكافية لحل هذه المشكلة. نشكركم على التفاهم والتضامن معنا». وتستبعد مصادر في البصرة أن تكون هناك رغبة من المواطنين العراقيين في التطوع فعلاً للمشاركة في الحرب إلى جانب روسيا.
من ناحية أخرى، يوجد في أوكرانيا أكثر من 5 آلاف مواطن عراقي، فيهم نسبة عالية من الطلبة الذين يدرسون في جامعاتها. وقامت السفارة العراقية لدى أوكرانيا، الاثنين الماضي، بمفاتحة 27 جامعة ومعهداً أوكرانياً يدرس فيها طلبة عراقيون، وطلبت منها إبداء المزيد من الرعاية والاهتمام بهم، وتسهيل منحهم إجازات دراسية اضطرارية في حال تأزم الوضع الأمني. لكن طلاباً اشتكوا من أن أوضاعهم سيئة هناك، ويتحدث بعضهم عن مقتل وإصابة عراقيين اثنين هناك نتيجة الحرب.
وفي إجراء آخر، قالت السفارة العراقية لدى أوكرانيا، عبر موقعها الرسمي، إنها «خولت القائم بالأعمال صلاحية منح سمات دخول سريعة إلى العراق للمواطنات الأوكرانيات المتزوجات من عراقيين وأبنائهم».