عبد الخالق الفلاح
يمر العراق بوضع متردي لم يشهد مثيل له في تاريخه الحديث، وعلى كل الأصعِدة.لقد حان الوقت لكي يفهم سياسيوا العراق أننا بحاجة الى سياسة متوازنة معتدلة ذكية بعيدة النظر، هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى، أن لا مصلحة للبلاد في إثارة الحساسيات مع أحد، والادراك بحقيقة أن البلاد غير بعيدة عن سطوة النفوذ الأميركي إطلاقا،وهذا ما تحدث عنه رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي اننا نحقق فيما اذا كان للامريكان دور في تصدير النفط العراقي من فيشخابور ( اي خارج اطار العلاقات الدولية و الحكومة الاتحادية ) وبقيمة لا تتجاوز العشرة دولارات للبرميل الواحد عن طريق عملاء لهم في تركيا اي لصوص تحت الوصاية . و القيادة الامريكية الجديدة وخاصة الرئيس الامريكي دونالد ترامب صحيح هو قليلة الخبرة في السياسة ولكن من الاوساط التجارية ويعرف اهمية النفط الاستراتيجية جيدا ويحيط بعلاقات متطورة مع اوساط الصناعات النفطية العالمية وتسعى الولايات المتحدة الامريكية للسيطرة على اركان الاقتصاد العالمي لأهداف اقتصادية وسياسية واستراتيجية ، وفي مقدمة هذه الاركان الطاقة ومصادرها مثل النفط ومشتقاته عن طريق ايجاد حلفاء لها تؤمن من خلالها السيطرة على منابع النفط وطرق امداده ووصوله,لاسيما بعد احداث 11 سبتمبر2001
لذا من أجل مصلحة البلاد العليا أن توضع العلاقة مع هذه القوة العظمى في أبعادها وإطارها الآني والإستراتيجي الصحيح بما من شأنه خدمة مصالح البلاد العليا ومستقبل العراقيين وتحديد انشطتها حفظا للسيادة واستقلال البلد بدون مزايدات وشعارات فارغة وتشنجات وسعي لكسب سياسي رخيص على حساب مستقبل البلاد، طالما أن مصير جيلنا والذي قبله قد تمت استباحته من قبل السابقين. إن الولايات المتحدة الأميركية تتحمل مسئولية أخلاقية وتاريخية في عدم مساعدة العراقيين كونهم الذين فتحوا الباب على مصراعيه ليدخل هذا البلد في التيه الانكسار والتردي وفي الخروج من النفق المظلم الذي هم فيه أن مساعيها بجلب الاستقرار للعراق كان وهم وعبث حيث “أدت إلى تنصلها من الاهتمام بقضايا أخرى مهمة مثل حقوق الإنسان، والحريات وأعطت الفرصة للسلطويين من أجل أن يتعاطوا مع منهج يختلف عن كثير من متطلبات الحرية والديموقراطية”
فمنذ الغزو الأمريكي – البريطاني عام 2003 بات التوتر العرقي والطائفية عنصراً أساسياً في سياسة العراق، وذلك في حركة استقطاب وتجاذب بين جماعات المجتمع لم يألفها العراقيون من قبل تحت شعار فرق تسد . وهذا ما يفسرّ الجرائم المرعبة التي ارتكبت كالقتل والاختطاف وتدمير الممتلكات التي انتشرت بين المجتمع العراقي في فترات مختلفة رغم انخفاض مستواها في الوقت الحالي . وحان الوقت للمطالبة بالتعويضات من واشنطن جراء الدمار الذي سبّبته على روح الانسان ومن تلوث الهواء والماء والتربة، تدمير الأراضي الزراعية، البنية التحتية، شبكات المياه، الصرف الصحي، محطّات الطاقة الكهربائية. وحتّى الآن، بعد ان تم تجاهل تلك المطالب من قبل المجتمع الدولي. يشكل هذا معياراً مزدوجاً لا يطاق ولايمكن تقبله. كما يجب ان يفهم بان التنمية السياسية هي زيادة المساواة وقدرة النظام السياسي وتمايز البنى السياسية وهي النظام المتطور سياسيا و الذي يواجه بنجاح الضرورات الوظيفية لكل نظام سياسي ،و عملية بناء الديموقراطية. ان عملية التنمية السياسية تتطلب بشكل جوهري إشباع المطالب ومعالجة المستجدات، وتعبئة الموارد البشرية والمادية لغرض أجراء التحولات الكبرى في المجتمع، وتأسيس بنى اجتماعية سياسية مؤهلة تسانده وتؤدي وظائفها بشكل سليم .واعداد الخطط الاستراتيجية بخبرات تخصصية كفوءة بعد غياب الرؤية الاستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الماضية وغياب وضوح الرؤية السياسية والاقتصادية التي تستوجبها تنمية الاقتصاد الوطني وتغيير بنيته الاقتصادية وبنية الدخل القومي والمرتبطة عضوياً بالإيديولوجية الباهتة والصفراء التي يحملها المسؤولون عن الحكومة وملفها الاقتصادي والاجتماعي. وهي الرؤية التي تركز على توقيع المزيد من عقود النفط لمزيد من التنقيب والاستخراج والتصدير لتتعمق الطبيعية الريعية النفطية والاستهلاكية والخدمية وغير الإنتاجية للاقتصاد الوطني العراقي وليزداد انكشافه على الخارج من خلال التصدير والاستيراد