الحجي الغاضب
نوئيل يلدالم أتوقع منه ذلك. أوقف سيارته الـ”سني” المصابة بالبهاق في عرض الشارع ليعيق مرور السيارة الحمراء ثم فتح الباب وترجل حاملاً مظلة شمسية بيضاء لا أعرف لماذا هي في سيارته ثم هجم بها على الشاب الذي في سيارة الجيب مع بنت جامعية هشة الروح مثل بسكويت “ويفر”. كان الحجي يرتدي دشداشة عسلية ولحيته التي احتلها الشيب ترفرف من شدة اهتزاز رأسه. أعتقد أن عملية الكر التي قام بها أتعبته لهذا لم يقدر على الالتفاف وحاول إدخال شمسيته من شباك الطالبة “الهشة” التي رفعت كتبها لصد هذا الاختراق. تصاعدت غيرة الشاب فنزل من سيارته لتهدئة الحجي إلا أنه أطلق عليه الشتائم ومسح به الإسفلت.ترجلت أنا أيضاً من التوك توك ليس للتدخل وإنما خوفاً من أن تنقلب هذه العجلة التي كانت تهتز كقشرة بصل من شدة صراخ الحجي. وأنا في التوك توك رأيت كيف كان الشاب يحاول تخطي الحجي لبطء قيادته وكان يطلق عليه رشقات متتالية من (الهورن) إلا أن الحجي كان يناور بصعوبة وكأنه تعرض لهجوم نيزكي من عبثية سير السيارات حوله.يقول أبو حسين وهو شرطي مرور يشبه بطوله الفارع وشاربه الذي على شكل مكنسة “الخوص” شرطياً رأيته في فيلم عراقي أبيض وأسود، إن العصبية والانفعال هما السبب الأساس في حدوث المخالفات، وإن أصحاب السيارات تزعجهم التحديات أكثر مما يردعهم القانون. وعندما سألته عن سبب حدوث مشاجرات في أعقاب الحوادث البسيطة “صفن” بوجهي وقال: الشعب حالته النفسية تعبانة حجي.الحجي صاحب المظلة لم يهدأ وللأمانة كان الشاب مؤدباً ولم يرد على الشتائم التي سال رذاذها من فم الحجي الغاضب. كان الشاب الذي يسوق التوك توك ينظر إلى المشهد بشماتة. فجأة التفت الحجي الغاضب ليجدني أمامه ولأن شعري فيه شيب قليل اعتبرني حجياً مثله وهم بطلب شهادتي عن المخطئ إلا أنه لمح التوك توك فتراجع. شعرت بإهانة كبيرة فصحت بالحجي: أنت المخطئ حجي.التفت الحجي إلي بوجه متجمر وحرك مظلته نحوي قائلاً: حجي استأجر سيارة تاكسي أولاً وبعدها قل رأيك.