اعترافات صناع داعش.. وأوهام سنوات التغيير

1

أكرم القصاص

اعتراف قطر بتمويل التنظيمات المسلحة فى سوريا وليبيا، الذى جاء على لسان حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر السابق، محاولة للهروب إلى الأمام، والتأكيد أن الدور الذى قامت به قطر، ولا تزال، تم بمعرفة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتنسيق الكامل مع تركيا ودول أخرى.. وهو اعتراف كاشف وليس منشأً، لكنه يمثل سابقة فى العلاقات الدولية، أن تعترف دولة بدورها فى تخريب دول أخرى، استنادا لوجود شركاء.

قطر هذه المرة تبدو عازمة على توريط شركائها فى صناعة الإرهاب، أمريكا وتركيا وبعض دول أوروبا.. لكن أهم ما تكشفه هذه الاعترافات أنها تسقط الكثير من الأوهام عن التغيير فى العالم العربى أو رغبة دول مثل أمريكا أوباما فى دعم التحول الديمقراطى، بينما كانوا يتعمدون صناعة حرب أهلية وزرع تنظيمات إرهابية.. وحتى هؤلاء الذين كانوا يعارضون بشار الأسد أو يرفعون مطالب مشروعة بالتغيير، سوف يصدمهم أن يكتشفوا أنهم كانوا مجرد أوراق لعب، تم استعمالها لتدمير سوريا وليس لدعم التغيير، بل إن اعترافات قطر تكشف بلا أى التباسات حقيقة الدور الذى لعبه دعاة سلفيون مثل محمد العريفى، وغيره هنا ممن كانوا يطلقون فتاوى تدعو الشباب للجهاد والسفر إلى سوريا وإلقاء أنفسهم فى التهلكة أو الانضمام لتنظيم داعش ليقتلوا الأبرياء.

كان العريفى وزملاؤه يجولون أوروبا والعالم ليستمتعوا بأموال ربحوها من فتاوى تسفير الشباب لموتهم وموت غيرهم. وكيف حولت قطر الربيع العربى من دعاوى سلمية للتغيير إلى بحار من الدم وملايين اللاجئين والغرقى.

الاعتراف القطرى على لسان حمد بن حاسم تأكيد على دعم وتمويل الإرهاب فى سوريا والعراق وليبيا، وبالطبع علاقة مباشرة بالإرهاب فى مصر، وهو ما أعلنته مصر مبكرا.. وحذرت منه العالم، ويبدو أن شركاء قطر لم يأت دورهم للحديث.. لكن هناك أوراقا كثيرة تكشفت. .وطبيعى أن تسعى الأطراف، التى شاركت فى صناعة داعش والقاعدة إلى محاولة حماية قطر، حتى لاتنجر معها اطرافا دولية ساهمت فى تدمير دول، وزرع تنظيمات إرهابية.

وحتى بعد تراجع أردوغان أمام الأدلة الروسية بضلوعه فى شراكة مع داعش، فإن تركيا لا تزال تمثل جزءا مهما من خطط الحرب، التى تم إشعالها فى المنطقة،، وهناك مسئولية لدول مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا عن كل هذا، وهناك بالفعل اعترافات من ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا السابق، بأن حلف الأطلنطى أخطأ عندما هدم النظام فى ليبيا من دون تقديم أى خطط للتغيير، وغادر تاركا ليبيا بلا دولة، نهبا للتنظيمات الإرهابية وتجار السلاح ومهربيه عبر العالم، والهجرة غير الشرعية.

اليوم تقف أوروبا أمام هجمات إرهابية يتوقع أن تتسع وتتكرر، تتواصل عملية التعتيم على علاقة أجهزة هذه الدول بنشأة داعش وغيرها من تنظيمات إرهابية أصبحت تضرب وتفجر فى أوروبا.. فضلا عن تدفق المزيد من اللاجئين على أوروبا.. كل هذا يبدو جزء من تفسير الصمت الأوروبى، خاصة داخل أجهزة الاستخبارات والمؤسسات البرلمانية والأمنية تجاه إثارة قضية المسؤولية عن الإرهاب وحقوق الملايين، التى ضاعت بسبب حرب متعمدة.
هذه الدول ترفض مد الخيط على آخره فى نشأة وانتشار الإرهاب وتسفير شباب يتوقع أن يعود منه آلاف يمثل كل منهم قنبلة تهدد أوروبا. حال رفعت هذه الأجهزة أيديها عن الإرهابيين، مثلما جرى مع الأفغان والقاعدة مابعد هزيمة السوفييت.

التعليقات معطلة.