عالمية

الإطار التنسيقي يفشل في كسب التأييد لإخراج القوات الأميركية من العراق

هل تعيد القوى الشيعية سيناريو الثلث المعطل لكسر النصاب في جلسات البرلمان؟

مؤيد الطرفي مراسل عراقي  

جانب من اجتماع لجنة الأمن والدفاع النيابية بالبرلمان العراقي، الإثنين 12 فبراير الحالي (صفحة البرلمان العراقي على فيسبوك)

فشل “الإطار التنسيقي” الذي يمثل الأحزاب الشيعية في العراق في حشد التأييد النيابي اللازم لإخراج القوات الأميركية من العراق، بعد حضور أقل من 90 نائباً (من أصل 329)، جلسة البرلمان التي عُقدت السبت الماضي، وقاطعها النواب السنة، والكرد، وكذلك أكثر من نصف النواب الشيعة، مما يظهر حجم الانقسام الكبير بين الكتل السياسية بشأن إخراج القوات الأميركية من العراق.
ويأتي عقد الجلسة بعد طلب مقدم إلى رئاسة مجلس النواب موقعاً من 100 نائب بإخراج القوات الأميركية من العراق. ولم يتمخض عن الجلسة إلا إحالة الطلب على لجنة الأمن والدفاع لمناقشته، ودعوة الحكومة إلى تنفيذ قرار مجلس النواب الرقم 18 لعام 2020، المتعلق بإخراج القوات الأجنبية وإنهاء مهمتها في العراق.

لوبي شيعي لكسر النصاب

وأثارت مقاطعة النواب السنة والكرد استياء بعض النواب الشيعة، فهددوا باتخاذ مواقف سياسية تجاه الكتلتين المذكورتين رداً على مقاطعة جلسة إخراج القوات الأميركية.
وقال النائب عن “الإطار التنسيقي: مصطفى سند، في منشور على قناته الرسمية على “تليغرام”، “تم تشكيل لوبي من بعض النواب الشيعة لكسر نصاب جلسات اختيار رئيس مجلس النواب التي يتجاوز حضورها الـ 300 نائب، كما سيتم منع أي تعديل بالموازنة من شأنه رفع حصة الإقليم الذي سترسله الحكومة بتعديل الجداول”.
وهدد النائب فالح الخزعلي في منشور على موقع “إكس”، بالإبقاء على نائب رئيس البرلمان الحالي محسن المندلاوي، رئيساً لمجلس النواب حتى نهاية هذه الدورة، وقال “على القوى السياسية السنية التي تخلفت عن المضي بتشريع قانون إخراج القوات الأميركية من العراق، ألا تفكر في رئاسة البرلمان. مثلما كسروا النصاب سنكسر رئاسة المجلس”.

لا يشعرون بالأمان

من جهته، بيّن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن “الأكراد والسنة لا يشعرون بالأمان بالتعاون مع القوة المتشددة من الإطار التنسيقي، فيما أن الأخير جامع لقوى متناقضة”. وأضاف الفيلي أن “إخراج القوات الأميركية من العراق بحاجة إلى تفاهم وليس استعمال وسائل الضغط والابتزاز ومحاولة تخوين الآخر”، مشيراً إلى أن “النواب الشيعة الذين حضروا جلسة البرلمان التداولية لإخراج القوات الأميركية من العراق، لا يتعدون الثلث، وهم يشكلون 20 في المئة من الحضور. ولذلك لا يمكن لهذه النسبة أن تتهم 80 في المئة من مجمل عدد نواب البرلمان بالخيانة والخنوع، في وقت يحتاج هذا الأمر للذهاب إلى حوار وتفاهم وتغليب المصلحة الوطنية”.
وعن غياب الأكراد والسنة من جلسة التصويت، قال الفيلي “إن الأكراد والسنة لا يشعرون بالأمان في التعاون مع القوة المشددة بالإطار التنسيقي، وهذا برز بوضوح في طريقة الخلاف اللفظي العنيف تجاه الأكراد ودفع مستحقاتهم”. وعن غياب السنة بيّن أن “هناك بعض الملفات التي تحتاج إلى معالجة حتى يتم الوصول إلى رؤيا وطنية، منها عودة السكان المهجرين السُنة إلى مناطقهم”، موضحاً أن “خروج الولايات المتحدة من العراق ليس مسألة عدم الثقة وإنما هناك خشية من السنة والأكراد من عودة داعش إذا رفعت الولايات المتحدة الحماية عن قوات قسد، وكذلك الخشية من أن تطاول العقوبات الأميركية العراق”. ولفت إلى أن “بعض القوى السنية والكردية لا تريد أن يتحول العراق إلى ساحة للالتهام من بعض الدول الإقليمية”.

اقرأ المزيد
  • مطالبات بإنهاء مهمة “التحالف” عقب مقتل قيادي في “كتائب حزب الله” العراقي
  • تغريم النواب العراقيين المتغيبين هل يعيد للمجلس حيويته؟
  • رئيس “الحشد الشعبي” يطالب بانسحاب التحالف الدولي من العراق


وأكد المتحدث ذاته أنه “لم يستجد شيء على الموقفين الكردي والسني حيث أنهما لم يصوتوا في 15 يناير(كانون الثاني) 2020 لمصلحة خروج القوات الأميركية”، مشيراً إلى أن “التصويت تم بوجود الصدريين الذين جمعوا أكثر من 160 صوتاً، فيما فشل الإطار التنسيقي في جمع 77 نائباً، مما يُظهر أن هناك مخاوف من قبل بعض قوى الإطار من تداعيات إخراج القوات الأميركية مما منعهم من التصويت”، لافتاً إلى أن “الإطار التنسيقي جامع لقوى متناقضة في ما بينها كان يجمعهم سابقاً إيقاف مشروع مقتدى الصدر”.

الشيعة ووحدة القرار

من ناحية أخرى، أشار مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل إلى “عدم وجود وحدة في القرار السياسي بين الأحزاب الشيعية أو بين قوى الإطار التنسيقي”. وأضاف أنه “لا يمكن الحديث عن وحدة القرار السياسي على صعيد الأحزاب الشيعية أو ضمن تحالف الإطار التنسيقي لأن هناك تبايناً عميقاً بين الأحزاب الشيعية الراديكالية المتحالفة مع الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وكذلك الفصائل الموجودة في الإطار التنسيقي”.
واعتبر فيصل أن “هناك تبايناً بين الأحزاب الشيعية والفصائل المسلحة في المقاومة الإسلامية الرادكالية والدليل أنه حضر في مجلس النواب 82 نائباً شيعياً، فيما وقّع على وثيقة الدعوى إلى جلسة البرلمان التداولية في شأن إخراج القوات الأميركية، 100 نائب. كما أن عدد النواب الشيعة يتجاوز الـ 198 نائباً”.

اللجوء إلى الدبلوماسية

ولفت فيصل إلى أن “الفشل في عقد الجلسة دعا نائب رئيس مجلس النواب إلى عرض اللجوء إلى الدبلوماسية من أجل إيجاد حلول للعلاقات مع الولايات المتحدة والعودة إلى اتفاق الشراكة الاستراتيجية معها المصوّت عليه في مجلس النواب”. وأضاف “نحن أمام تطور جديد في موقف الإطار التنسيقي، في الذهاب نحو خيار الدبلوماسية وليس خيار الحرب من أجل إيجاد حلول وللوصول إلى اتفاق وتوافق عبر المفاوضات مع التحالف الدولي للخروج من العراق في ظل جدول زمني مع الاحتفاظ بعلاقات مدنية مع دول الجوار والتحالف الدولي مع استمرار العلاقات والتنسيق بين العراق والولايات المتحدة”.