عالمية

الغموض يكتنف ظاهرة «الأجسام المجهولة» في سماء أميركا الشمالية

طائرة تحلق في سماء ميشيغان صباح الاثنين تزامناً مع الحديث عن إسقاط جسم مجهول رابع (رويترز)واشنطن: رنا أبتر

لا يزال الغموض يكتنف ظاهرة الأجسام المجهولة التي يجري إسقاطها في سماء أميركا الشمالية على مدى الأيام الماضية، بينما لم يستبعد مسؤول عسكري أميركي نظرية قدومها من الفضاء.
فبعد إعلان قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية (نوراد) إسقاط «جسم طائر مجهول» فوق بحيرة هورون في ولاية ميشيغان الأميركية يوم الأحد، تعالت الأصوات المنتقدة للإدارة الأميركية، في غياب أي معلومات متعلقة بطبيعة هذه الأجسام.
وتعد حادثة يوم الأحد الثالثة من نوعها خلال أسبوع، والرابعة من نوعها منذ حادثة إسقاط «منطاد التجسس الصيني» في الرابع من فبراير (شباط). وجلّ ما قالته قيادة الدفاع في بيانها عن الحادثة الرابعة، أن الجسم تم إسقاطه: «بتوجيه من الرئيس (جو) بايدن، وبناء على توصيات وزير الدفاع أوستن والقيادة العسكرية»، أما عن أسباب الإسقاط، فقال البيان إنه شكّل «خطراً على الملاحة الجوية المدنية»، وإن فريقها «يعمل على جمع الحطام ومعرفة المزيد عنه».
وكأن هذا الغموض لم يكن كافياً، فأتى تصريح آخر على لسان قائد «نوراد» الجنرال غلين فانهيرك ليصب الزيت على النار، قال فيه: «نطلق عليها اسم (أجسام) وليس (مناطيد) لسبب»؛ مشيراً إلى أن الجيش لم يتمكن حتى الساعة من «تحديد ماهية الأجسام الثلاثة، وكيفية تحليقها، ومصدرها». ولم يستبعد فانهيرك نظرية «الكائنات الفضائية» أو نظريات أخرى.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول عسكري آخر لم تذكر اسمه، قوله إن الجيش «لم يجد أي دليل على أن هذه الأجسام فضائية».
والمفارقة في حادثة الإسقاط الرابعة، هي أن أعضاء الكونغرس هم الذين أعلنوا عنها هذه المرة، متذمرين من غياب أي معلومات أو إحاطات من قبل أعضاء الإدارة الأميركية لإبلاغهم بتفاصيل العمليات، وطبيعة الأجسام.
وقال السيناتور الجمهوري ستيف داينز، إن «غياب التواصل من الإدارة الأميركية لدى إغلاق المجالات الجوية وعمليات الإسقاط فوق ألاسكا وكندا، أمر غير مقبول». وتابع داينز: «إن أولوية الإدارة هي أمن الشعب الأميركي وسلامته، واطلاعه على هذه التفاصيل هو جزء أساسي من هذه المسؤولية. الرئيس بايدن مدين للأميركيين بتقديم تفسير فوري وكامل. فمن دون هذه المعلومات سيعتمد الشعب والإعلام على التسريبات والتخمينات ومعلومات مغلوطة من حكومات أجنبية».
ولم تَسلَم الإدارة من انتقادات الديمقراطيين لها، فبعد أن أعرب هؤلاء عن دعمهم لبايدن في مقاربته مع المنطاد الصيني، بدا امتعاضهم واضحاً بعد عمليات الإسقاط الثلاث فوق ألاسكا ومونتانا وميشيغان. وطالبت النائبة الديمقراطية عن ولاية ميشيغان إليسا سلوتكن، الإدارة الأميركية، بتقديم إحاطة شاملة للكونغرس في هذا الملف. فقالت في تغريدة على «تويتر»: «ما دامت هذه الأشياء مستمرة في المرور فوق الولايات المتحدة وكندا، فسوف أستمر في المطالبة بحصول الكونغرس على إحاطة كاملة، استناداً إلى التحقق من الحطام». وقال كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات جيم هايمز: «لدي تحفظات كثيرة على عدم مشاركة الإدارة للمعلومات التي بحوزتها معنا».
وهاجمت السيناتورة الجمهورية مارشا بلاكبيرن البيت الأبيض، واصفة الأحداث الأخيرة بـ«عمليات الغزو المتعددة للمجال الجوي الأميركي» ومطالبةً بالشفافية والمحاسبة.
أما السيناتور الجمهوري ماركو روبيو -وهو عضو في لجنة الاستخبارات التي تتلقى إحاطات سرية دورية- فقد أكد أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها رصد أجسام مجهولة في الأجواء الأميركية؛ مشيراً إلى أن حوادث من هذا النوع «تحصل منذ أعوام»، وغرّد قائلاً: «الساعات الـ72 الماضية أظهرت للعلن ما كان يحصل لسنوات: وجود أجسام طائرة مجهولة في الأجواء الأميركية المحظورة».
وبينما يستعد أعضاء مجلس الشيوخ لتلقي إحاطة مغلقة يوم الأربعاء من قبل أعضاء الإدارة الأميركية حول «الأجسام المجهولة الطائرة»، تحدثت مساعدة وزير الدفاع ميليسا دولتن عن ازدياد عدد الأحداث الجوية منذ إسقاط المنطاد الصيني، فرجحت أن يعود السبب إلى مزيد من المراقبة للأجواء، قائلة: «على ضوء إسقاط منطاد التجسس الصيني السبت الماضي، بدأنا التدقيق في أجوائنا استناداً على العلو المناسب، وحسّنا من راداراتنا، وهذا ما يفسر ربما الازدياد في الأجسام التي وجدناها الأسبوع الماضي».
في غضون ذلك، نفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي الاتهامات الصينية بأن الولايات المتحدة أرسلت «مناطيد عدة» إلى مجالات الصين الجوية خلال العام الماضي. وقال كيربي في مقابلة مع شبكة «إم إس إن بي سي» الأميركية: «هذا غير صحيح. نحن لا نقوم بذلك. هذا غير صحيح بتاتاً. نحن لا نرسل مناطيد إلى الصين».
وجاء رد كيربي بعد تصريحات للمتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وين بين، قال فيها: «منذ العام الماضي، خرقت المناطيد الأميركية على علو مرتفع الأجواء الصينية أكثر من 10 مرات، من دون موافقة الصين».
وتدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في الأسابيع الأخيرة، على خلفية قرار واشنطن مطلع فبراير إسقاط المنطاد الذي تشتبه في أنه للتجسس، في حين شددت الصين على أن أهدافه كانت مدنية.