ثقافيه

النجوم العرب وغزة… تظاهر وتجاهل

نقاد هاجموا فنانين بعد مواقفهم السلبية تجاه ما يدور في القطاع

هيام بنوت صحافية 

ناشطون تداولوا صورة لمحمد رمضان رفقة أحد اللاعبين الإسرائيليين (أ ف ب)

تفاوتت مواقف الفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه ما يحصل في غزة ما بين من سارع إلى الإعلان عن إرجاء أو إلغاء حفلاته تضامناً مع سقوط المدنيين الأبرياء، بينما عمد البعض الآخر إلى إعلان تضامنه الرمزي من خلال نشر صور له وهو يرتدي الكوفية أو مشاركة صور وفيديوهات لأطفال غزة.javascript:false

وهناك من عبر عن رأيه من خلال منشورات تشجب ما يتعرض له المدنيون العزل، بينما تداول آخرون فيديوهات تدعو إلى التوقف عن قتل الأطفال ومجموعة ركزت على إصدار أعمال غنائية مصورة تعكس الوضع المأسوي.

وفي المقابل استمر فنانون آخرون في ظهورهم على السوشيال ميديا كما كانوا يفعلون قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري مستعرضين صوراً وفيديوهات من حياتهم اليومية أو نشاطاتهم الفنية المختلفة.

لكن كيف يرصد النقاد في الوطن العربي إطلالات الفنانين عبر السوشيال ميديا منذ هجوم “حماس” حتى الآن.

تفاوت في المواقف والمشاعر

الناقد روبير فرنجية يشير إلى وجود تفاوت في مواقف ومشاعر الفنانين اللبنانيين عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه ما يحصل، إذ يقول “عندما نرصد حركة بعض النجوم نشعر وكأنهم في أفضل أحوالهم ويعيشون في عالم آخر من خلال نشر صور لهم وهم يستجمون على الشواطئ الغربية أو وصفات لبعض المأكولات شهية أو صور من حفلاتهم وأعمالهم الدرامية”.

وفي حديثه إلى “اندبندنت عربية” يقول فرنجية، “لكن الغالبية من الفنانين تعاطفت مع أبرياء غزة من بينهم جورج خباز الذي يصور عملاً عالمياً وفرحته بهذا العمل لم تمنعه من التعبير بشكل متواصل شجباً واستنكاراً ووجعاً لارتكاب المجازر في حق الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، وكذلك عمار شلق الذي كسر الحداد على والده وحزنه عليه بنشر تعليقات غاضبة، وكذلك باسم معضم وباسم مغنية وليال نعمة، وغيرهم من النجوم”. ويوضح أن الحسابات الإلكترونية كشفت عن تعاطف وتفاعل مع الأبرياء ومن طالب بإبعاد الكأس المرة عن لبنان ولا يهمه ما يحصل في غزة، مردفاً “هناك أصوات عبرت عن ذلك بشكل واضح باقتباس كلمات الراحل أنسي الحاج (من يقتل طفلاً لا يعود إنساناً)، فقتل الأطفال مرفوض حتى بالنسبة إلى الأعداء فكيف إذا كان الطفل هو من بلد عربي شقيق”.

إلى ذلك انتقد فرنجية الحضور الفني الخجول للدعوى التي وجهتها النقابات الفنية الثماني تضامناً مع أبرياء غزة، بقوله، “حضور النجوم لم يكن كافياً ولم نر إلا 12 اسماً من نجوم الصف الأول في مجالات الغناء والتمثيل والتلحين، وهذا أمر معيب ومحزن، بينما جمعت التظاهرات في بعض الدول العربية أقطاباً في الفن، لأن قتل الأطفال يرعب كل الأمهات والآباء”. وتابع “الأمر نفسه ينسحب على التضامن مع الصحافيين والإعلاميين الذين استشهد أولادهم أو أهلهم في غزة وما رأيناه لم يكن كافياً على الإطلاق”.

غياب مدو لنجوم سوريا

الناقد والصحافي وسام كنعان انتقد غياب نجوم الدراما السورية على مواقع التواصل الاجتماعي الذين فضلوا الاحتجاب على التعبير عن مواقفهم من المجازر التي تحصل في غزة، قائلاً “خلافاً للعادة غاب نجوم الدراما في سوريا عن تصدير الموقف التضامني والمشكلة أنهم كانوا قد عودوا الناس على تصدر المشهد والإسراع في إظهار الموقف عندما يتعلق الأمر بأية قضية إنسانية، ولكنهم هذه المرة غابوا ولم ينددوا بالمجازر في حق المدنيين الأبرياء وبجريمة قتل الأطفال في المستشفيات التي هزت الضمير الإنساني في كل العالم على رغم محاولة بعض الإعلام طمس معالمها”. وتابع “هذا الغياب وضعهم في مأزق كبير وواضح وانتقادات شديدة وصل بعضها إلى حد التخوين والصمت المطبق على الجرائم والدم، فهناك فنانون لم يطالبهم أحد بالتعبير عن موقفهم على السوشيال ميديا لأنهم في الأساس بعيدون عنها ولا يملكون حسابات خاصة بهم عليها، ولكن الفنانين القريبين من الإعلام والحاضرين بغزارة على مواقع التواصل غابوا هذه المرة ولم يعبروا عن مواقفهم تجاه ما يتعرض له الشعب الأعزل في غزة، وهو ما أوقعهم في مشكلة حتى لو كان السبب خوفهم على مصالحهم، والتي لا أظن أنها يمكن أن تتأثر في حال تضامنوا مع الأبرياء”.

ومضى في حديثه، “المشكلة ليست في من تضامن ومن لم يتضامن، بل في القتل الوحشي الذي يتعرض له الأبرياء وسحق الأطفال والشيوخ والنساء، وأعتقد أن الإعلامي المصري باسم يوسف أحرج الجميع وقلب الطاولة في مقابلته مع الإعلامي بيرس مورغان واستطاع أن يؤثر في الرأي العام العالمي وحقق 15 مليون مشاهدة خلال 24 ساعة، مما دفعهم إلى حجب الحلقة، فأعاد نشرها على شكل مقاطع على حساباته”.

اقرأ المزيد
  • حكايات مصريين مشردين في شوارع غزة بانتظار الإجلاء
  • على رغم تشكيك بايدن… منظمات دولية تعتبر عدد القتلى في غزة موثوقا
  • العدوان على غزة والهجوم على الخليج
  • ضغوط على زعيم “العمال” البريطاني بعد موقفه من حرب غزة

وقال كنعان أيضاً، “هذا يعني أن من يكون صاحب رأي ومؤثراً ولديه جمهور يجب أن يكون حاضراً بقوة بلغته الأم أو بلغات أخرى، وهناك عدد كبير من الفنانين يجيدون التحدث بطلاقة باللغة الإنجليزية يقيمون في أوروبا ودول المهجر، ولكننا لم نسمع لهم حساً واحداً ومن عبر منهم كان تعبيره غير مفيد وخجول جداً”.

وفي المقابل، أشاد الناقد السوري ببعض الفنانين الذين لم يتوانوا عن القيام بدورهم على أكمل وجه، موضحاً، “صفاء سلطان ووفاء موصللي وشكران مرتجى وفاتح سلمان ومحمد زهير رجب، وغيرهم، واكبوا ما يحصل عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى إن سوزان نجم الدين شاركت في تظاهرة حاشدة شارك فيها عدد كبير من اليهود أمام الكونغرس في الولايات المتحدة لوقف الحرب والمجازر في غزة وإحقاق العدل والسلام للفلسطينيين، ونشرت فيديو مؤثراً عن التظاهرة، كما أعادت نشر أغنية قديمة لها عن غزة مع أنها ليست مطربة من أجل أن توصل الرسالة بطريقة فنية”.

أما المثال الحي والكبير والمهم جداً للفنان وطريقة تضامنه فعبرت عنها المغنية والبروفيسورة والباحثة دلال أبو آمنة التي تقيم في الناصرة، وهي صاحبة مشروع “يا ستي” الذي يوثق الأراضي الفلسطينية الأراضي تاريخاً وجغرافية ووجوها من خلال سيدات عاصرن نكبة عام 1948.

بين السلبية والإيجابية

الناقد المصري طارق الشناوي انتقد بداية إيقاف بعض النشاطات الفنية في مصر، قائلاً “على المستوى الرسمي وتعاطفاً مع ما يجري في غزة ألغت الدولة ممثلة بوزارة الثقافة الأنشطة السينمائية والغنائية بداية من مهرجان الموسيقى العربية ثم مهرجان القاهرة السينمائي، ومن بعده مهرجان الجونة السينمائي، مع أن هذه الأنشطة يمكن أن تكون أدوات لإيصال صوت الفنان”. واعتبر أن خطوة الإلغاءات “تعتبر سلبية وليست إيجابية في التعاطي مع الحدث لأن كل المطربين العرب يجتمعون في مهرجان الموسيقى وهم يملكون رصيداً كبيراً من الأغاني الوطنية، وكان بالإمكان تخصيص جزء من فعالية فنية خاصة بفلسطين وبقطاع غزة لإيصال الرسالة”.

وقال الشناوي، “الإلغاء مسألة ليست إيجابية، والفنان المصري محمد سلام الذي تراجع في اللحظة الأخيرة عن السفر إلى الرياض لتقديم مسرحية (زواج اصطناعي) معلناً انسحابه تعاطفاً مع غزة لا أراه تعاطفاً إيجابياً، بل إن التعاطف الحقيقي يكون بعرض المسرحية والتبرع بنصف أجره لأهالي غزة، وما فعله يمكن أن يدفع باقي الممثلين للسير على خطاه، بينما مباريات كرة القدم لم تتوقف والجماهير في المدرجات هتفت تضامناً مع فلسطين، ووضع اللاعبون شارات سوداء ووقفوا دقيقة صمتاً حداداً على الضحايا، وهذا يعد تعاطفاً إيجابياً”. وذكر، “من الواضح أن الفنانين تأثروا بإلغاء الدولة للأنشطة الفنية واعتبروه موقفاً صائباً، ولكنه للأسف موقف خائب فيه لمحة هرب من المواجهة ونظرة دونية إلى الفن، والإيجابية تكون بإعلان الرأي من خلال الفن”.

أما فيما يخص مواقف الفنانين على السوشيال ميديا فيرى أن كل موقف يعبر عن ثقافة صاحبه، “مثلاً يسرا بثقافتها وتاريخها عرفت كيف تتوجه إلى الرأي العام من خلال فيديو يجمعها بمجموعة من الفنانين يدعون إلى إيقاف قتل الأطفال، وارتدت زينة زي الدفاع الوطني الذي يقوم بإيصال المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح، ونقيب الفنانين أشرف زكي وجد على المعبر عند فتحه، لكن هناك فنانين مشوشين كمحمد رمضان الذي أطل على السوشيال ميديا وطالب الجيوش العربية بفتح النار في حين أن قرارات الحرب تصدر عن أعلى سلطة في البلاد بناءً على دراسة ووقائع، بخاصة أن هناك اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل”.