مقالات

بين الواقع والمأمول: ما أهداف زيارة نائب المبعوث الأممي الى اليمن؟

 
بقلم : حميد رزق
 
وصل نائب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن معين شريم (فلسطيني الجنسية) إلى العاصمة صنعاء مطلع الشهر الجاري وناقش مع حكومة الانقاذ في صنعاء جهود إحياء المسار السياسي والعودة إلى طاولة المفاوضات.
 
رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد الذي عرف بمواقفه المتشددة تجاه الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة حرص هذه المرة على لقاء معين شريم ليبلغه رسائل عديدة لـ “دول التحالف” والمجتمع الدولي، وصلت لأول مرة حد التهديد بقطع الملاحة الدولية في البحر الاحمر.
 
الصماد خاطب نائب المبعوث الأممي: “هم يمرون ـ اي السعودية ودول الخليج ـ من مياهنا ببواخرهم وشعبنا يموت جوعاً، وإن أرادوا أن نعود إلى طاولة المفاوضات نحن جاهزون ومستعدون للتفاهمات وسيجدون منا ما لم يجدوه في الماضي، ليس تنازلاً وإنما حرصاً على حقن دماء الشعب وعلى أمن واستقرار المنطقة”.
 
نائب المبعوث الاممي أكد من جانبه “ألا حل للأزمة اليمنية سوى الحل السياسي، وإنه عازم على التحرك في حال حدث إعلان سياسي من جانب صنعاء باتجاه التفاهمات..”.
 
بعيدا عن لغة الصماد التصعيدية ودبلوماسية نائب المبعوث الأممي ثمة قراءات مختلفة لزيارة شريم الى اليمن، فالزيارة تأتي بعد أسابيع من مصرع الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي عولت عليه “دول التحالف” والامم المتحدة ليلعب دور الطرف الثالث بما يؤدي الى إضعاف جبهة “انصار الله” في صنعاء لصالح السعودية والامارات، على ان يكمل صالح استدارته نحو دول التحالف والإنقلاب الكامل على “أنصار الله” في وقت لاحق (وهو ما تم في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر 2017) غير إن السيناريو السابق فشل بشكل سريع ومفاجئ ما خلط الاوراق أمام الاطراف الاقليمية والدولية بما في ذلك الامم المتحدة التي وجدت نفسها وجها لوجه مع “أنصار الله” كفريق وحيد وقوي يتصدر المشهد في صنعاء..
 
بعد مصرع الرئيس السابق علي عبد الله صالح سادت توقعات لدى دول ما يسمى بالتحالف والاوساط الدولية بحدوث تداعيات عسكرية وتمردات قبلية تؤدي في النهاية الى اضعاف جبهة “أنصار الله” وحلفائهم في صنعاء، وكانت النتيجة ايضا مخيبة للآمال، فكان الخيار الأخير وهو الاعتراف بالامر الواقع وارسال نائب المبعوث الدولي الى صنعاء ليس بغرض البحث عن ممكنات المفاوضات والتسوية التي لا تبدو قريبة وانما من اجل تثبيت مناصفة الوفد الوطني الممثل لصنعاء (إحياء الانقسام بين أنصارالله والمؤتمر)، وقد ذكر احد اعضاء المجلس السياسي في “أنصار الله” ان زيارة نائب المبعوث الأممي تهدف إلى إعادة تجديد صبغة الشرعية الأممية على تشكيلة الوفد الوطني كما كانت، مناصفة خلال الجولات التفاوضية السابقة، وذلك تفويتا لمساعي المجلس السياسي الأعلى في صنعاء لتوحيد فريق التفاوض، الامر الذي سينعكس قوة في الموقف بمواجهة فريق هادي وحكومة الرياض.
 
القوى الوطنية في صنعاء بات لديها حساسية كبيرة من دور الأمم المتحدة وموظفيها ويبدو ان شخصية معين شريم هي الاخرى خضعت لدراسة وتقييم لدى “أنصار الله” وشركائهم من خلال تجربته “غير المشجعة ” في ليبيا فقد وصفته وسائل اعلام ليبية بأنه مهندس الميليشيات المسلحة والفوضى في هذا البلد، كما اتهمه ناشطون ليبيون بكونه سبباً في استمرار المأساة الليبية. وهذا سبب اضافي يقلل من أهمية زيارة شريم إلى صنعاء ويجعل جدية الامم المتحدة فيما خص البحث عن حلول سياسية للأزمة اليمنية، محل شك كبير في صنعاء التي باتت تتعامل بريبة كبيرة مع تحركات موظفي الامم المتحدة، وهي التحركات التي كانت تتزامن مع تصعيد عسكري أو محاولات لشق صف القوى الوطنية من خلال التلاعب بالنسب المقترحة لتمثيل القوى الوطنية في الجولات التفاوضية.
 
وكما كان اسماعيل ولد الشيخ عاجزاً عن ايجاد ثغرة حقيقية في الازمة اليمنية، فنائبه معين شريم لن يأتي بجديد وستظل الحرب هي خيار السعودية والامريكيين لاسقاط اليمن والسيطرة عليه وهو الامر الذي لم يتحقق برغم مرور اكثر من 1000 يوم على إعلان ما يسمى “عاصفة الحزم” في السادس والعشرين من شهر آذار/ مارس 2015 م .
 
يذكر ان معين شريم عُين نائبا للمبعوث الأممي إلى اليمن في أيلول/ سبتمبر الماضي، وذلك بعد إعلان رئيس المجلس السياسي الاعلى في اليمن صالح الصماد “عدم الترحيب” بالمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد.

admin