مقالات

تباينات ترامب وجينبينج لا تمنع تبادل الهدايا

هيثم العايدي

اقتنص ترامب من الصين صفقات بأكثر من ربع تريليون دولار، وبمجموعة من الاتفاقات تشمل قطاعات متنوعة ما بين الطاقة والسيارات والطائرات والصناعات الغذائية والإلكترونيات، وتستفيد منها شركات كثيرة منها كاتربيلار وجنرال إلكتريك وهانيويل وكوالكوم.
على الرغم من التباينات التي ظهرت بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جينبينج حول مستقبل التجارة العالمية إلا أن هذه التباينات لم تمنع الطرفين من تبادل هدايا لم يسبق لها مثيل بين واشنطن وبكين.
فخلال قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (ابيك) التي استضافتها مدينة دانانج الفيتنامية أظهر الرئيس الأميركي إصرارا على شعار “أميركا أولا” وما ينسحب على ذلك من اتخاذ كل ما من شأنه حماية أسواق بلاده ومنتجاتها والملكية الفكرية لعلاماتها التجارية، في تكريس لأهداف ترامب التي أعلنها منذ حملته الانتخابية والمتمثلة في الحد من العجز التجاري الهائل، وفقدان الوظائف في الولايات المتحدة.
وفي المقابل يصر الرئيس الصيني على التمسك بموجة العولمة وانفتاح الأسواق التي أتاحت للمنتجات الصينية غزو العالم بما فيه الولايات المتحدة لتحقق بكين فائضا تجاريا مع واشنطن بلغ في سبتمبر الماضي 34.6 مليار دولار.
إلا أن هذا التباين لم يمنع الطرفين من تبادل عدد من الهدايا التي تبدأ بالاحترام الذي أبداه الرئيسان لبعضهما ولا تنتهي عند صفقات تجارية تعد الأكبر في تاريخ البلدين.
فقد اقتنص ترامب من الصين صفقات بأكثر من ربع تريليون دولار، وبمجموعة من الاتفاقات تشمل قطاعات متنوعة ما بين الطاقة والسيارات والطائرات والصناعات الغذائية والإلكترونيات، وتستفيد منها شركات كثيرة منها كاتربيلار وجنرال إلكتريك وهانيويل وكوالكوم.
كما قدمت الصين أيضا هدية غير مسبوقة عبر سماحها للشركات الأجنبية بحيازة حصة أغلبية في مصارف وشركات مالية أخرى، وذلك بعد مناشدة ترامب الصينيين إلى توفير بيئة “أكثر إنصافا” للشركات الأميركية.
وبموجب هذا السماح ستتمكن الشركات الأجنبية من حيازة حتى 51% من الشركات المختلطة العاملة في الصين في مجال السمسرة وإدارة الودائع أو المتاجرة بالعقود الآجلة، حيث لم يكن مسموحا للمستثمر الأجنبي حيازة أكثر من 20% من رأسمال مصرف ولا يمكن للمستثمرين الأجانب حيازة أكثر من ربع رأسمال مؤسسة مالية.
كما ستعمل الصين على تخفيف الرسوم الجمركية بصورة تدريجية على واردات السيارات حيث يخضع هذا القطاع لقيود مشددة، إذ يتعين على شركات السيارات الأجنبية تأسيس شركات مختلطة في الصين لا يمكنها حيازة حصة أغلبية فيها.
كما لن يتم إلزام الشركات الأجنبية بمشاركة أسرارها التكنولوجية لكي تتمكن من دخول سوق الصين.
وفي المقابل حصلت الصين على هدية أميركية تتمثل في ولوج بكين لقطاع الغاز الأميركي، حيث تتحالف ثلاث وكالات حكومية صينية، هي “سينوبيك” النفطية العملاقة والصندوق السيادي الصيني “تشاينا اينفستمنت كورب” و”بنك الصين”، مع ولاية الاسكا ومؤسسة رسمية أميركية، من أجل تعزيز استثمار الغاز الطبيعي المسال في الأراضي الأميركية وباستثمار يصل إلى 43 مليار دولار.
ويقوم المشروع على مد خط أنابيب للغاز بطول 1200 كيلومتر ليربط حقولا في شمال الاسكا بالقطب الشمالي، مع إنشاء مصنع للتسييل في الجنوب، يكون محطة يمكن منها إرسال الغاز إلى الصين التي ستحصل بموجبه على تنويع الإمدادات وتأمين مصادرها من الطاقة خصوصا أن عمليات نقل الغاز لن تسلك طرقا بحرية محفوفة بالمخاطر.
وإذا كان التباين في المواقف السياسية والاقتصادية لم يمنع كلا من واشنطن وبكين لاقتناص الفرص فإن في ذلك درسا في كيفية إدارة العلاقات والخلافات وتحقيق أكبر قدر من المنفعة المتبادلة.