ثقافيه

رحيل الشاعر الكويتي عبدالعزيز البابطين

جامعات عدة منحته الدكتوراه الفخرية تقديراً لعطائه المميز في خدمة الثقافة والإبداع الأدبي

جراح القزاع مراسل من الكويت

الأديب والشاعر الكويتي عبدالعزيز البابطين أحد أبرز رواد الحركة الثقافية والإنسانية في الكويت (اندبندنت عربية)

فقدت الساحة الكويتية اليوم الجمعة الأديب والشاعر الكويتي عبدالعزيز البابطين أحد أبرز رواد الحركة الثقافية والإنسانية في الكويت، تاركاً وراءه إرثاً حافلاً في الوسط الثقافي.

وعن الشاعر الراحل الذي يترأس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، فقد ترأس أيضاً مجلس أعضاء مؤسسة البابطين الثقافية بالاتحاد الأوروبي، كما أنه عضو في عديد من المجالس والجمعيات والروابط الناشطة في مجالات مختلفة حول العالم.

تكريم عالمي

حاز البابطين على أكثر من 14 شهادة دكتوراه فخرية عربية وأجنبية من قبل عدد من الجامعات المرموقة، تقديراً من دوائرها لجهوده في المجال الثقافي والعمل الخيري الإنساني ونشاطه الداعم للسلام وحوار الثقافات، كما نال عديداً من الأوسمة الرفيعة والدروع والجوائز، تقديراً لما قام به من جهد في ميدان الثقافة في المحافل العربية والدولية.

الثقافة والسلام

لم يكتف الشاعر الفقيد بدعم الثقافة من موقعه ضمن الهوية الثقافية العربية، كونه أحد الرواد الكويتيين في هذا المجال، بل رسخ رؤيته التي تحمل الثقافة والأدب والشعر، وترجمها أمام المجتمع الدولي في موقف يخلده التاريخ المعاصر في فكر المثقفين والأدباء والشعراء في العالم.

رحم الله الصديق الكريم الشاعر عبدالعزيز البابطين.
حزين على فراقك يا صديقي وسأفتقد الجلوس والسفر معك.
رجل عصامي بنى نفسه بنفسه، وكوّن ثروة جعلها تحت رجليه ليرقى عاليًا.
كنت طيبا متواضعًا محبا للشعر والأدب والعلم.
مئات الطلبة من دول عديدة في العالم درسوا على حسابك، وأياديك الخيرة… pic.twitter.com/rLlS9kkwMq— سعد بن طفلة العجمي (@Saadbintiflah) December 15, 2023

غرس الراحل شجرة السلام المهداة باسم الشعب الكويتي المعطاء رسالة سلام ومحبة منه إلى البشرية جمعاء في مركز الشرق الأوسط بجامعة أكسفورد، في حفل حضره شخصيات عربية وعالمية في الثاني من (حزيران) عام 2016.

اهتم الأديب الكويتي بإبراز اللغة العربية وتكريس وجودها كلغة أساسية من اللغات العالمية بخطوات جادة، لتعريف العالم بالثقافة والتاريخ العربي، داعياً إلى اكتشاف اللغة الفصحى وأهميتها في التعايش مع الآخر والتسامح، ومد جسور المحبة والسلام بين الشعوب.

أسرة أدبية

ولد عبدالعزيز سعود البابطين عام 1936 في دولة الكويت، من أسرة أدبية تهتم بالثقافة، وكان منذ طفولته لديه اهتمام واسع بالثقافة والأدب والشعر العربي تأثراً بوالده وأخيه.

وفي أحد اللقاءات الصحافية تحدث عن تفجر قريحته الشعرية منذ صغره، فقال “لقد بدأ هاجس الشعر معي مبكراً عايشته صغيراً، وشجعني عليه ما كنت أستمع إليه من قصائد الشعراء في ديوان أخي عبداللطيف، وظل الشعر يكمن بين جوانحي إلى أن تفجرت هذه الموهبة بنظم أول قصيدة وأنا فتى يافع، ثم نمت هذه الموهبة، ومع مرور الوقت وكثرة قراءتي للشعر في دواوين الشعراء، أصبحت متمكناً من هذا الفن الرائع، ونظمت كثيراً من القصائد العمودية”.

وعن ذكرياته علق الشاعر الراحل “لكن نظمي هذه القصائد هو قبل هذه السنوات بكثير، وكنت أحتفظ بها لنفسي، ولم أكن أرغب في نشرها، وكان هناك حلم يراودني وهو من أعز أحلامي وأكثرها إلحاحاً منذ أن أدركت القيمة الكبرى للشعر في بناء الأمة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، هذا الحلم هو إيجاد مؤسسة تعتني بالشعر العربي، وتحتفي بالشعراء العرب”.

رحم الله الشاعر #عبدالعزيز_سعود_البابطين وتغمده بواسع رحمته. وتبقى مؤسسة البابطين الثقافية الأثر والشاهد على عطاء وسيرة رجل أسهم من خلال مبادراته في الحراك الثقافي العربي.

خالص العزاء لأسرته ولعائلة البابطين الكريمة

#عبدالعزيز_البابطين_في_ذمة_الله pic.twitter.com/EMLiGycEqK— سعود السنعوسي (@saud_alsanousi) December 15, 2023

وحينها بين أن القصيدة بالنسبة إليه متعة فنية عالية حتى وهي تتشكل وتتهيأ للحضور، فحالة الإبداع في الآداب والفنون أمر يصعب وصفه، لكنه جميل وممتع، والكلمة هي الفكر عندما يتجسد وهي هبة الله للبشر، ميزهم بها عن سائر المخلوقات بخاصة في عالم الشعر الجميل اللامتناهي.

وبدا البابطين متأسفاً على ما واجهته اللغة العربية الفصحى في الماضي من تحديات وأخطار كبيرة، مشيراً إلى أنها تواجه في وقتنا الحاضر بعض الأخطار منها ما نراه في الإعلانات والشوارع وواجهات المحلات التجارية وانتشار الأسماء غير العربية عليها، خصوصاً مع وجود الجاليات كثيرة العدد في أقطار الخليج العربي، وكذلك من أوجه هذه الأخطار ما تقوم به كثير من الأسر من إجبار الأبناء ودفعهم إلى التعلم وإتقان اللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية.

وترك عبدالعزيز البابطين ثلاثة دواوين هي “بوح البوادي” عام 1995، و”مسافر في القفار” عام 2004، و”أغنيات الفيافي” عام 2017.

إنجازات خالدة

أسس رائد الحركة الثقافية في دولة الكويت بعثة سعود البابطين الكويتية للدراسات العليا عام 1974، إضافة إلى عقد عدد كبير من الدورات التعليمية والتدريبية للغة العربية والشعر العربي سواء داخل دولة الكويت أو خارجها، وكذلك تأسيس مراكز للدراسات العربية والإسلامية في كثير من البلدان الغربية.

وأنشأ البابطين مركز حوار الحضارات الذي أصبح له كبير الأثر الطيب في الحوار بين الشرق والغرب، إضافة إلى كراسي عبدالعزيز سعود البابطين للدراسات العربية، التي أسس منها كثيراً كمراكز تعلم اللغة العربية في الجامعات والكليات في أوروبا.

اقرأ المزيد
  • رحيل الشاعر الدبلوماسي السعودي عبدالله أبوراس
  • طالب الرفاعي يكتب قصصا بطعم الرماد… وبلونه

والراحل من الرواد والمثقفين العرب الذين واكبوا التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في عصر المعلومات، وأدخل الثقافة العربية لغة وأدباً وشعراً متداولاً فيها وعليها، وحرص على الاستفادة من هذه التقنيات في خدمة البحث العلمي ونشر الثقافة في أرجاء المعمورة، وحرص على أن تكون المؤسسات الثقافية التي أنشأها تستخدم أحدث التقنيات الحديثة لتقديم أفضل الخدمات لزائريها أو للمطلعين على مواقعها على شبكة الإنترنت، والاستفادة من هذه التقنيات في وصول المعلومات إلى المستفيدين منها بأسرع وأيسر الطرق.

وله جهود كثيرة في مجال الثقافة متمثلة في إنشائه عديداً من الجهات، منها جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، ومكتبة البابطين المركزية للشعر العربي، ومراكز الترجمة والتحقيق، وغيرها من الجهات، إضافة إلى إهداء الكتب الوثائقية والأدبية لعديد من الجهات التعليمية والخدمية، مجموعات كبيرة من الكتب أسهمت في نشر الثقافة وتنمية المعرفة على النطاقات المحلية والإقليمية والعالمية، إلى جانب دعمه عديداً من الناشرين والمكتبات حرصاً منه على دعم حركة النشر سواء إقليمياً أو عالمياً.

ونعى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت الأديب عبدالعزيز البابطين، مشيراً إلى أن “الراحل من أبرز رجال الثقافة والشعر في المشهد الكويتي والعربي وتقلد مناصب في عدد من المؤسسات التعليمية والأدبية في الوطن العربي، ومنح من عدد من الجامعات العربية والعالمية شهادات الدكتوراه الفخرية، تقديراً لعطائه المميز في مجالات خدمة الأدب والثقافة والإبداعات الشعرية”.

وفي السياق أيضاً نعاه عدد من رواد الوسط الثقافي والأدبي الكويتي والعربي فور علمهم برحيله.