مقالات

صنعاء تتجاوز انقسام عمودي بعد مقتل صالح.. مزيد من الفشل السعودي الإماراتي.. وما بحوزة السعودية من المؤتمر العام ضعيف وغير مؤثر

طالب الحسني
لم تفلح السعودية والإمارات في تحويل مقتل صالح إلى انشقاق عمودي في الجبهة الداخلية التي صمدت طوال قرابة ثلاثة أعوام أمام التحالف الذي تقوده للعدوان على اليمن ، مرة جديدة تؤكد جهلا كبيرا باليمن وبطبيعة تشكيلاته وتركيبته القبلية والسياسية المعقدة والبيسطة في آن واحد ، انتظرت السعودية أن ينشق قيادات عسكرية وقبلية وسياسية كانوا محسوبيين على صالح وعلى المؤتمر الشعبي العام وان تستمر ما سمته انتفاضة صنعاء التي لم تحصل من الأصل ، تجاهلت ان دعوة صالح الأخيرة للتحرك ضد أنصار الله وهي الدعوة التي قتلته بعد نهاية مشوار طويل امتد لأكثر من 35 عاما لم تلقى استجابة من احد بما في ذلك أركان حزبه السياسيين الذين يشاركون في حكومة الإنقاذ الذي يرأسها عبد العزيز بن حبتور عن حزب صالح ، مرة اخرى تثبت السعودية انها تقود حرب دون استراتيجية ودون أفق ودون تقديرات دقيقة وواقعية لحركة انصار الله وتحالفها السياسي والقبلي الصلب ، ومرة جديدة أيضا تهدي السعودية والامارات انتصارا كبيرا للجبهة الداخلية في صنعاء بتدابيرها الكارثية
هذا الحرب العدوانية التي تقودها السعودية والخطاب السياسي والإعلامي المستفز المصاحب لها والقتل بالجملة وتدمير كل شيء في اليمن والحصار الذي أوصل اليمن لان تكون أكبر ازمة في العالم والنظرة الفوقية كفيلة بأن تجعل كل شيء يقف في وجهها ويتحالف مع أي حامل سياسي وعسكري يواجه العدوان الخارجي الذي قتل وجرح خلال هذه الحرب قرابة 40 الف انسان
صالح كسب تاييدا جماهيريا كبيرا عندما كان في جبهة مقاومة للسعودية ، والخروج من هذا الصف كان انتحارا كبيرا فضلا عن أن الدعوة إلى المصالحة ومد اليد إلى السعودية بعد تلك المجازر التي ارتكبتها كانت صادمة ومخيبة للقاعدة الشعبية للمؤتمر الشعبي العام ، وبالتالي كان مقتلة اعلان تحول كبير باتجاه حركة انصار الله وقيادات المؤتمر التي ظهرت في اليوم الثالث من مقتل صالح مع رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد ، يفسر هذا الامر إعلان العفو العام كأبرز مؤشر أن الذين استجابوا لإنقلاب صالح كانوا بعدد الأصابع
الأكثر حماقة أن السعودية والتحالف الذي تقوده واجه هذا الفشل بإرتكاب سلسة مجازر بحق المدنيين وقصف صنعاء بعشرات الغارات واستهدف القصر الرئاسي والبرلمان والمؤسسات الحكومية وقدم الذين أعلنوا تأييدهم لإنشقاق صالح بانهم مجموعة من التأبين وأعلن اغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية ومزيد من الخنق الإقتصادي وكأن المطلوب هو المزيد من القتل والتدمير والتجويع ، بينما كانت حركة انصار الله أكثرا ذكاء فذهبت إلى قصف قصر اليمامية بصاروخ بركان اتش تو وهو الصاروخ الذي أكدت الخارجية الأمريكية خلال بيان الأدانة انه وصل بالفعل إلى هدفه
ما بحوزة السعودية والإمارات من المؤتمر الشعبي العام غير مؤثر ولو بقدر بسيط على الجبهة الداخلية في صنعاء التي تتشكل الآن بعد مقتل صالح بخارطة سياسية جديدة تشبه إلى حد كبير ما كان يؤسسه الشهيد الراحل الرئيس ابراهيم الحمدي ( السعودية متهمة بشكل رئيسي بتصفيته في اكتوبر 1977) خلال الثلاثة الأعوام من حكمه الذي كان قائما على ايقاف تدخل السعودية ووصايتها على اليمن والمضي نحو الإعتماد على الذات والإكتفاء الداخلي وتحرير الإقتصاد ، ولا يبدو نجل صالح الذي يقيم في الإمارات متحمسا لقيادة المؤتمر لعدة أسباب أبرزها تعاطي هادي ورئيس حكومته بن دغر كقيادة وحيده للمؤتمر الشعبي العام بإعتبارهم كانوا من كبار قيادت الحزب طوال الفترة الماضية فالأول أي عبد ربه منصور هادي كان نائبا لرئيس الحزب بينما كان أحمد بن دغر الأمين العام المساعد قبل أن تنقل الأمانة العامة إلى عارف الزوكا الذي قتل مع صالح ـ وهذا الإنقسام من الصعب معالجته على المدى القريب وبالتالي فإن المؤتمر الشعبي العام بثلاث منصات الأولى في الرياض والثانية في أبو ظبي والقاهرة والثالثة وهي الأقوى في العاصمة صنعاء وهذه الأخيرة مستمرة في التحالف مع أنصار الله وجزء رئيسي في حكومة الإنقاذ الوطني التي تدير الجزء الأكبر من المحافظات اليمنية ويسكن في هذه المحافظات الغالبية العظمى من الشعب اليمني