مقالات

‏مدينتي ليلاً

يسكُنها غراب وتطوف حول أزقتها أعقاب
السجائر
 
الموتى كان لهم نصيب في هذه الليلة
هم دائماً يعانقون الضوء في الديانات القديمة
 
أما أنا ..
كانت أميال الساعة تعلكني ثم تبصقني جثة
هامدة في مقبرة الدقائق
 
الشقوق التي في جدار غرفتي تراقب فنائي
هي فرحة تريد التخلص من نظراتي الساذجة
 
السقف يضاجع أحلامي ويمني للعنكبوت نسج
خيوطه لذاكرة مهجورة قبل المطر كي لا يبللني
التساقط وييقظ أنفاسي
 
لأنهُ يعرف أني من مواليد الطين والشعور بالماء
داخل صدر مجوف يعني نهر لذلك كان يخشى
النافذة أن تهب
فـ تعزف رئتي ناي حزين يحيي الدخان الملتصق
بشفاه الفقراء
 
تعود هذه المدينة ..
مع نعيق ذاك الغراب الوحيد وسرباً أخر من الخفافيش ..
 
مع هذا الشؤم وحدها أمي من مزقت صورتها القديمة وخرجت من تحت الأنقاض بوسادتي
 
جلست تحدثني وهي تحمل أخوتي الصغار
كنت فرحاً لكن ابتسامتي كانت باردة لم تجلب
معها المدفئة التي كنا نجتمع حولها
 
كانت الغرفة قارسة وهي تقص لي ذكرياتها الى
أني اشاهد اخوتي وهم يرتجفون
 
أتذكر جيداً أبي كان حينها في اطار جميل
لم يترجل ألي هذه المرة أيضاً لأنهُ في الصورة بعيد
 
أشعلت روحي لعل المدينة تحترق دخنت سجارتي على الأرصفة مع المتسولين وعدت لها أحمل علبة حليب
 
بكت ومعها أخوتي يتساقطون دمع
مددت يدي أمسح عنها الدمع شعر أخوتي بالدفء
 
عانقتني حتى فقدت الضوء من شدة التحديق بخيالها
هكذا أستيقظت صباحاً ووجدت الغراب وعلبة
سجائري وكل المدينة إلا أمي التي عادت بين
أدراج صورتها المطلسمة تحت وسادتي
!
علي أل الطمطوم