فشل الأحزاب السياسية والعودة إلى قانون سانت ليغو
في نوفمبر 28, 2022
د. صلاح الصافي
تعمل الدول الديمقراطية دائماً على استقرار الحياة السياسية فيها بعدة طرق، من أهمها: القانون الانتخابي الذي يجب أن يتصف بالعدالة والثبات، وتنظيم وضعية الأحزاب السياسية لتسهيل تشكيل الحكومات.
تم تغيير قانون الانتخابات نتيجة الضغط الشعبي في انتفاضة تشرين، والذي ألغى قانون سيء الصيت، إلى قانون جديد وهو قانون أعلى الأصوات، والتي جرت عليه انتخابات 2021، حيث هُزمت الأحزاب شر هزيمة، وبعد انسحاب أعضاء التيار الصدري والبالغ عددهم 73 نائباً، وأصبح الإطار هو الكتلة الأكبر، والأخير يمثل غالبية الأحزاب في الساحة السياسية، وهو الذي شكل الحكومة وأصبح له سطوة في البرلمان، صرح السيد المالكي في مقابلة تلفزيونية بأن غالبية الكتل اتفقت على العودة في الانتخابات القادمة إلى قانون سانت ليغو، لنوضح سانت ليغو، وقبلها نقتبس فقرات أهم القانون النافذ الآن:
توزع المقاعد وفقاً لما يأتي :
يكون توزيع المقاعد العامة وفقا لنظام الفائز الأول (رجل أو امرأة (
يتم احتساب عدد الأصوات المدلى بها لكل مرشح ضمن الدائرة الانتخابية .
يعاد ترتيب المرشحين في الدائرة الانتخابية سواء كانوا ضمن قائمة مفتوحة أم منفردة وفقاً لعدد الأصوات الصحيحة التي حصل عليها كل مرشح في الدائرة الانتخابية من الأعلى إلى الأدنى ويعد فائزاً من حصل على أعلى الاصوات) رجالاً أو نساء) .
يتم توزيع مقاعد الدائرة الانتخابية على المرشحين الفائزين بأعلى الأصوات وعلى التوالي) رجل أو امرأة (Loading…
إذا تساوى مرشحان أو اكثر في عدد الأصوات لنيل المقعد الأخير يتم اللجوء إلى القرعة بحضور المرشحين المتساوين في الأصوات أو مخوليه ، بعد ذلك نذهب بنظرة إلى سانت ليغو المراد تشريعه من قبل الأحزاب:
سانت ليغو (Sante Lague) هو نظام لاحتساب الأصوات ابتكر في السويد سنة 1910 للتقليل من العيوب الناتجة عن عدم التماثل بين عدد الأصوات المعبر عنها وعدد المقاعد المتحصل عليها، هذا العيب الذي تستفيد منه الأحزاب الكبيرة على حساب الصغيرة منها، وقد طبقت هذه الطريقة في صورتها الاولى في النرويج والسويد عام 1951، إذ تستعمل الأعداد الفردية (1، 3 ، 5 ، 7 ، …) كمقسوم عليها.
رغم إن طريقة سانت ليغو ابتكرت عام 1910، إلا أن العراقيين لم يعرفوا هذا الاسم إلا حين مارسوا الإنتخابات، وأجريت عليه تعديلات كثيرة، عند كل عملية انتخابية، مما إثار جدلاً واسعاً في الشارع السياسي العراقي بين مؤيد ورافض.
ففي عام 2014 اعتمدت صورة معدلة لقانون سانت ليغو، بقاسم انتخابي 1.4 بعد إن كان 1.7 في الانتخابات التي سبقتها، ثم أصبح 1.9 في انتخابات عام 2018، مما أضاع على القوائم والكتل الصغيرة فرصة الوصول الى البرلمان والمشاركة في العملية السياسية، حيث كان وجودها واضحا في الدورة التي سبقتها.
التعديل العراقي على “سانت ليغو” رفع القاسم إلى 1.7 أو 1.9 وذلك كما يعتقد محللون وخبراء – بهدف حرمان القوائم الصغرى من عدد أكبر من المقاعد لتكون هذه المقاعد من نصيب القوائم الكبرى، وهذا يعكس عقلية الساسة العراقيين في الكتل الكبرى الاستمرار بالطريقة اللصوصية القديمة برفع العامل القاسم قليلا لتصعيب وصول القوائم الصغيرة الى البرلمان وحصولها على مقاعد تستحقها.
القوى والأحزاب الكبيرة ستسعى الى عودة قانون سانت ليغو إلا أنه سيواجه رفضاً برلمانياً وشعبياً وحتى قضائياً لأن قرار المحكمة الاتحادية أوصى بتعديل القانون وليس باستبداله.
يقيناً أنهم لا يحسبون حساب للجمهور، لكنهم لن يستطيعوا تغيير قانون الانتخابات، لأنهم يعلموا أن الضامن هو التيار الصدري الذي سعى إلى تغيير قانون سانت ليغو وبدعم من معظم الجمهور العراقي، ويقيناً أنهم لا يستطيعون التحرش أو عدم اللامبالاة بهذا التيار الشعبي.
رسالتي للأحزاب السياسية المتصدية للعمل السياسي، استغلوا فرصة حكومة السوداني، عليكم في هذا الوقت لكسب ود الجماهير من خلال تقديم الخدمات ومكافحة الفساد ورفع الظلم والحيف عن الشعب العراقي، وبعد ذلك لا تحتاجون إلى تغيير قانون الانتخابات.