على متن حاملة المروحيات الفرنسية “ديكسمود”، الراسية في مرفأ العريش المصري، يتلقّى نحو 100 جريح من قطاع غزة العلاج، من إصابات جراء قصف إسرائيلي.
ووصلت الحاملة إلى المكان قبل شهر لمعالجة جرحى فلسطينيين أصيبوا في الحرب المتواصلة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وحُوّلت حاملة المروحيات الرمادية اللون والضخمة إلى مستشفى، وهي مجهّزة بقسمين للجراحة، وقسم لمعالجة الحروق الخطرة، وأجهزة سكانر ومختبرات تحاليل.
ويمكن للسفينة استيعاب نحو 40 جريحاً يهتم بهم 70 طبيباً وممرضون مدنيون وعسكريون.
بترت رجل ماهر اليسرى فيما تعرضت قصلة الساق لكسر، خلال قصف طال منزله في رفح عند الحدود مع مصر، على ما تروي والدته شيماء الحجازي في قسم الاستشفاء الخفيف على متن السفينة الحربية، حيث يرقد جرحى تحت خيام. وكتب ماهر (10 سنوات) اسم نجم كرة القدم الفرنسي كيليان مبابي بالأسود على الجص، الذي لفت به رجله.
ويؤكد ماهر النحيل البنية أنه يشعر “بتحسن كبير” منذ بدأ علاجه على متن ديكسمود. لكنه يقول “شعرت بخوف كبير لدى وصولي الى السفينة لرؤية بزات عسكرية”، ظنا أنه “عند الإسرائيليين”.
على مسافة قريبة منه، يلعب أطفال آخرون يجلسون في كراس متحركة، بالكرة، مع معالجين ارتدوا سترات بيضاء أمام مجموعة من الأمهات والنساء المصابات. تنهار جريحة خطت ندبات كثيرة وجهها، باكية مستذكرة عملية قصف في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، قضى فيها 17 فرداً من عائلتها في وسط غزة.
ترسو السفينة الفرنسية منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) في ميناء العريش المصري، على بعد حوالي 50 كيلومتراً من معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر.
وكانت أول سفينة غربية ترسل لمعالجة سكان غزة، على ما أكدت وزارة الجيوش الفرنسية. وقد انضمت إليها منذ ذلك الحين سفينة إيطالية.
وقال وزير الجيوش الفرنسي سيبستيان لوكورنو الذي زار السفينة بمناسبة رأس السنة “نجري مباحثات مع عدد من الدول في أوروبا لا سيما مع شركائنا البريطانيين والألمان أو دول أخرى لنرى كيف يمكننا الاستمرار في هذه المهمة”.
وسبق لغالبية الجرحى أن تلقوا العناية في قطاع غزة، حيث لحقت أضرار جسيمة بالقطاع الاستشفائي جراء الحرب الحالية.
ويقول أحد أطباء الأطفال إن الأطفال يصلون إلى ديكسمود وهم “محبطون جداً”، لكن “مع مرّ الأيام نرى أن البسمة تعود إلى محياهم، ويستعيدون حياة طبيعية ويبدأون تناول الطعام”.
ويضيف “نحن نخرج من منطقة الأمان التي نعهدها، أمام إصابات حرب وحروق خطرة وأطفال مبتوري الأطراف وكسور معقدة مع أجهزة تثبيت خارجية”.
ويوضح الطبيب “نجحنا في توفير بيئة هدوء وراحة لهؤلاء الجرحى على متن السفينة خلال الفترة التي يبقون فيها معنا قبل أن ينتقلوا إلى مستشفى مصري أو بلد عربي يتكفّل بحالتهم”.
واندلعت الحرب بعدما شنّت حماس هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأوّل) أودى بحياة نحو 1140 شخصاً معظمهم مدنيّون، وفق حصيلة لوكالة فرانس برس تستند الى بيانات رسميّة. وردّاً على ذلك، تعهّدت إسرائيل “القضاء” على الحركة الفلسطينيّة، وهي تقصف بلا هوادة قطاع غزّة حيث لا يزال هناك 129 شخصاً رهائن من بين حوالي 250 شخصاً اختُطِفوا خلال الهجوم من داخل إسرائيل.
وأسفر القصف الإسرائيلي على قطاع غزّة والذي يترافق منذ 27 أكتوبر (تشرين الأوّل) مع عمليّات برّية، عن مقتل 21822 شخصاً على الأقلّ، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحّة التابعة لحماس.