سوريا.. من جنيف الى فيينا وسوتشي والفشل يستمر

1

ابراهيم شير
من قبل ان يبدأ مؤتمر سوتشي الروسي للتسوية السورية، يمكننا القول انه قد دفن، فمع رفض 40 فصيلا مسلحا الحضور الى المؤتمر اضافة الى رفض المعارضة التي تهيمن عليها الرياض، بات المؤتمر بدون فاعلية جدية على الارض ونفس الامر ينطبق على مخرجاته. موسكو حضرت للاجتماع بدقة عالية وارادت بحسب المطروح الهيمنة على القرار في سوريا، لذلك سمعنا انه يدور الحديث عن دستور جديد اعد في سوتشي وسيقدم في المؤتمر اضافة الى تحديد المرحلة الانتقالية ومن ثم الانتخابات وسط معلومات عن وجود ضغوطات على دمشق لتقديم تنازلات كبيرة للطرف الاخر، لذلك ربما تنفس المؤيدون للدولة السورية الصعداء برفض المعارضة المشاركة، لانها المرة الاولى التي تتطابق فيها مصالح الطرفين بقرار احدهما.
ربما قرار المعارضة بعدم المشاركة في سوتشي، يكون هزة لموسكو لتعلم ان رهاناتها في سوريا، على بعض التيارات والفصائل كانت خاطئة، وان الميدان هو الحاسم الاول والاخير. وقد نست موسكو انه عندما قام الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن، من وراء طاولة الاجتماعات وجلس وجها لوجه مع الزعيم الشيشاني سليم خان يندرباييف، في تسعينيات القرن الماضي كيف قام الاتحاد الروسي ولم يقعد فوق رأس يلتسن، بالرغم من ان موسكو كانت منهزمة في ذلك الحين في الشيشان، فكيف تطلب الان من دمشق تقديم تنازلات كبيرة للمعارضة المنهزمة في الميدان؟
العملية السياسية في سوريا باتت اكثر تعقيدا منذ اي وقت مضى، وبالرغم من كثرة المؤتمرات حول الازمة السورية، الا ان الحلول الجدية باتت غائبة بشكل ملموس، فالدولة السورية مثلا لا تقبل العودة لنقطة الصفر ولكن بنفس الوقت تقبل بتعديل دستوري ومشاركة المعارضة في الحكم وانتخابات تشريعية ومن ثم رئاسية يشارك فيها الرئيس بشار الاسد، اما المعارضة فطلبها الاول والاخير هو رحيل الرئيس الاسد عبر جدول زمني، وهذا المطلب هو شرط خارجي من قبل الولايات المتحدة والسعودية وتركيا وقطر، اي رباعي الازمة السورية.
مؤتمر سوتشي سيأتي بعد ايام من مؤتمر فيينا الذي فشل بطبيعة الحال، وهو الذي اعتبرته فرنسا اخر الحلول في سوريا، وفشله هذه المرة بسبب ورقة خارجية من واشنطن وباريس ولندن والرياض وعمان والتي فرضت على المؤتمر الدولي والمعارضة، ليقوموا بتقديمها للحكومة السورية، التي رفضتها جملة وتفصيلا باعتبارها مسعى لافشال مسار جنيف وسوتشي، ولم تختلف مخرجات فيينا عن نتائج مفاوضات جنيف التي تراوح مكانها، ولم يحدث اي خرق يذكر، وجلساته تشبه لقاءات التعارف لان المواضيع معروفة والمواقف محفوظة سابقة، وكأن انجازات الميدان الاخيرة لغة صماء لا يسمعها الحاضرين، فالدولة السورية سيطرت خلال الفترة الاخيرة على مناطق واسعة وانحسرت مواقع المعارضة في جيوب ببعض المحافظات وفي ادلب، ورغم ذلك بقيت مواقف المعارضة نفسها.
المعارضة السورية يمكننا القول انها عاجزة عن انتاج او القبول اي مقترح للحل في سوريا، ومؤتمر فيينا لم يمنح المعارضة اي دفعة للمفاوضات، وبات اجتماع فيينا اشبه بجولة جديدة من جنيف، بالرغم من التحذيرات بانه اخر الحلول وقول المبعوث الاممي ستيفان دي ميستور بان المفاوضات في مرحلة حرجة، الا ان جميع ما سبق لم يمنع فشل المؤتمر والعودة لدوامة جنيف او البحث عن مدينة اخرى ربما يكون داخلها الحل، او لنزهة جديدة لكلا الوفدين والتعرف على مدن جديدة.
جنيف وفيينا والان سوتشي، هي مؤتمرات محكوم عليها بالفشل مالم يمارس الحزم او يقبل احد الاطراف التنازل للاخر، وهنا لا اقصد الاطرف السورية، بل الدولية اللاعبة على الساحة السورية. كثرة الاجتماعات والمعاناة السورية واحدة ايمنا كانت سواء في دمشق او في الغوطة او في الرقة او كفريا والفوعة وحتى في ادلب، لذلك بات من الضروري وضع حد لهذه الدوامة المحلية والدولية.

التعليقات معطلة.