أمراض القلب والأوعية الدموية وخطرها على مريض السكري…

1

 
 
يصل عدد المصابين بالسكري اليوم إلى 387 مليون مريض، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 592 مليوناً في عام 2035. إذ يعتبر السكري من الأمراض التي تنتشر سريعاً، خصوصاً في أيامنا هذه مع كل التغيرات التي طرأت على الحياة مقارنةً بالماضي، بدءاً من النظام الغذائي غير الصحي الذي يرتكز على الأطعمة السريعة التحضير الغنية بالدهون والوحدات الحرارية.
هذا إلى جانب نمط الحياة الذي يعتمد على الركود وقلّة ممارسة النشاط الجسدي. هذه العوامل ساهمت في انتشار السكري أكثر فأكثر. وتكمن الخطورة الكبرى على مريض السكري في أمراض القلب والأوعية الدموية المسؤولة عما يقارب 50 في المئة من حالات الوفاة لدى مرضى السكري من النوع الثاني.
إذ يتضاعف خطر الإصابة بهذه الأمراض لدى مريض السكري بنسبة ضعفين إلى 4 أضعاف، مما دعا إلى تطوير العلاجات الهادفة، لا إلى خفض معدلات السكر في الدم فحسب، بل العمل على مضاعفات المرض وتحديداً أمراض القلب والأوعية الدموية التي تشكل الخطر الأكبر على مريض السكري.
 
 
د. منذر صالح الاختصاصي في أمراض الغدد الصماء والسكري والدهنيات: نمط الحياة السائد اليوم سبب أساسي في هذا الانتشار الواسع لمرض السكري من النوع الثاني
 
– ما أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بالسكري في أيامنا هذه؟
من الواضح أن التغيرات الكثيرة والمستمرة التي طرأت على نمط حياتنا ساهمت في ارتفاع معدلات السكري. فقد اجتمعت عوامل عدة ساهمت في ذلك، بدءاً بالنظام الغذائي الذي أصبح غنياً بالدهون والوحدات الحرارية نتيجة الإفراط في تناول الأطعمة الدسمة والوجبات السريعة التحضير.
فمما لا شك فيه أن النظام الغذائي اليوم بعيد كل البعد عن النمط الصحي الذي كان سائداً في السابق والذي يعتمد على الطهو بشكل خاص. من جهة أخرى، تراجعت معدلات ممارسة الرياضة أو أي نشاط جسدي وأصبح الإنسان أكثر ميلاً إلى حياة الركود، خصوصاً مع انتشار الأجهزة الالكترونية. وبالتالي، من الطبيعي أن تتزايد معدلات السكري أكثر من السابق وبشكل متسارع.
مع الإشارة إلى أن معدلات انتشار السكري في لبنان هي أقل من الخليج، ومع ذلك تعتبر مرتفعة. وتزيد المشكلة سوءاً مع قلّة الوعي والنقص في تثقيف المرضى.
فأكثر من نصف مرضى السكري يجهلون إصابتهم. كما أن نسبة كبرى من المرضى تنقصهم الثقافة اللازمة حول مضاعفات المرض، ولا يتبعون نمط الحياة الصحي الذي تتطلبه حالتهم.
 
– إلى أي مدى ثمة علاقة ما بين الإصابة بالسكري وأمراض القلب؟
يتضاعف خطر الوفاة الناتجة من أمراض القلب والأوعية الدموية بما يعادل 4 أضعاف لدى مرضى السكري. ويموت واحد من كل مصابَين بمرض السكري حول العالم بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.
إذ ثمة علاقة وثيقة بين السكري وأمراض القلب والشرايين التي تعتبر المسبب الأول للوفاة لدى مرضى السكري من النوع الثاني، وتشكل خطراً أساسياً عليهم بما أن الخطر لديهم مضاعف، إضافة إلى خطر الإصابة بأمراض الكلى التي تصيب مرضى السكري بنسبة 10 إلى 20 في المئة. أيضاً يواجه المريض خطر الجلطات الدماغية بمعدل زائد.
 
– ما الذي يساهم في زيادة الخطر على مريض السكري هنا؟
ثمة عوامل عدة تلعب دوراً في ذلك، ولكن يبقى سوء إدارة المرض وضبطه بالشكل المناسب المشكلة الأساسية هنا. وقد تبين أن تفاعل عوامل خطر مرض السكري من النوع الثاني يفرض تطبيق نهج شامل لإدارة هذا المرض المزمن تجنباً للمخاطر والمضاعفات.
من هنا فإن العلاجات الحديثة تركز، لا على خفض معدل الغلوكوز في دم المريض فحسب، بل على توفير الحماية للقلب عبر خفض خطر الوفاة المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية وبنسبة 38 في المئة. لكن يبقى نقص المعرفة حول أمراض القلب والأوعية الدموية وخطرها على مريض السكري مشكلة أساسية لا بد من التصدي لها.
 
 
بروفيسور أنطوان سركيس الاختصاصي في أمراض القلب: لا يكفي خفض معدل السكر لحماية المريض بل يجب حمايته من مضاعفاته أيضاً
 
– ما سبب هذه العلاقة بين السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية؟
تبدو العلاقة بين السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية معقدة، ففيما يعتبر السكري عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، تبدو حالات كارتفاع ضغط الدم والسُمنة أكثر شيوعاً لدى مرضى السكري، وهي أيضاً من عوامل الخطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
من هنا أهمية العمل على خفض خطر هذه العوامل لحسن إدارة مرض السكري، وعلى تحسين دراية المريض بالطرق التي تسمح بتجنب مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وتحقيق أفضل النتائج في علاجها.
 
– هل يعتبر الخطر على الحياة مضاعفاً إذا اجتمع مرض السكري مع أمراض القلب والأوعية الدموية؟
يعتبر السكري مرضاً قاتلاً إذا ترافق مع ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول. كما يشكّل السكري عامل خطر على الشرايين والقلب والكلى، وبالتالي تعتبر هذه مشاكل مترابطة يزيد خطرها إذا ترافقت مع بعضها البعض.
في حالات ارتفاع الضغط، يرتفع خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بشكل ملحوظ فيزيد الخطر بمعدل 8 مرات أكثر. وبالنسبة إلى السكري، فلمعالجة المرض، لا بد من معالجة المشاكل الناتجة منه في الوقت نفسه. فلا يكفي خفض معدل السكر لحماية المريض، بل يجب حمايته من مخاطره أيضاً. وهنا تظهر أهمية العلاجات الجديدة التي تعمل على الحد من مخاطر المرض ومضاعفاته.
 
– إلامَ يهدف العلاج الجديد؟
يهدف العلاج الجديد، وهو دواء «سينجاردي» الذي يجمع هيدروكلوريد أمباغليفلوزين وميتفورمين إلى الحد من مضاعفات السكري من النوع الثاني على القلب والأوعية الدموية وخفض خطر الوفاة الناتج منها بنسبة 38 في المئة وتوفير المزيد من الحماية للمرضى مع خفض مستوى الغلوكوز في الدم وخسارة الوزن والحد من ارتفاع ضغط الدم لديهم.
ويُعطى هذا الدواء بشكل حبّة واحدة. كما يمكن وصف هذا الدواء المستخدم لإدارة السكري من النوع الثاني لمرضى القلب الذين يواجهون خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية حيث يقدّر عدد الوفيات الناجمة عنها في لبنان بحوالى 47 في المئة.
كما أنها السبب الرئيس لدخول المستشفيات. لكن لا بد من التشديد على أهمية التغيير في نمط الحياة، سواء كنظام غذائي أو لجهة ممارسة الرياضة إلى جانب العلاج لمزيد من الفاعلية وللاستفادة بشكل أفضل بهدف ضبط المرض.
 
بين السكري وأمراض القلب
 
• يعتبر السكري من النوع الثاني الأكثر انتشاراً وهو يشكل ما لا يقل عن نسبة 85 إلى 95 في المئة من مختلف حالات السكري.
 
• أكثر من 387 مليون شخص حول العالم هم اليوم مصابون بالسكري، ومن المتوقع أن يصل الرقم إلى 592 مليوناً في عام 2035.
 
• في عام 2014، سجّلت 4،9 مليون حالة وفاة بين مرضى السكري، والسبب الأبرز فيها هو أمراض القلب والأوعية الدموية.
 
• نسبة 50 في المئة من حالات الوفاة بين مرضى السكري ناتجة من أمراض القلب والأوعية الدموية.
 
• يزداد خطر الإصابة بفشل القلب بمعدل 3 أضعاف لدى مرضى السكري، وبالتالي يزداد خطر إصابتهم بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
 
• يتضاعف خطر إصابة مريض السكري بأمراض القلب والأوعية الدموية بمعدل ضعفين إلى 4 أضعاف.
 
• يواجه مرضى السكري زيادة في حالات الإصابة بالسُمنة وارتفاع ضغط الدم مقارنةً بغيرهم، مما يؤدي إلى زيادة خطر إصابتهم بأمراض القلب والأوعية الدموية.

التعليقات معطلة.