يتلخص الموقف الأمريكي التقليدي المعلن تجاه القضية الكوردية منذ تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه في كانون الثاني/يناير ببقاء العراق دولة موحدة وعدم تقسيمه إلى أجزاء. ولكن الإشارات الصادرة من مستشاري البيت الأبيض تدل بوضوح على ان واشنطن لن تقف في وجه عملية الاستفتاء بل ستدعمه وستقبل بنتائجه رغم التصريحات المتكررة حول ضرورة الحوار بين بغداد وأربيل.
إدارة ترامب أعلنت منذ البداية انها “تحترم شعب إقليم كوردستان ونضاله من أجل الاستقلال” وامتنانها لدور قوات البيشمركه في محاربة تنظيم داعش وتحرير الموصل، وقالت على لسان سام يونو، عضو لجنة ترامب الاستشارية لشؤون الشرق الأوسط، انها لن تقف في طريق استقلال الكورد طالما كان هناك اتفاق بين إقليم كوردستان وحكومة العراق مشيرا إلى ان الإدارة الأمريكية تنوي منح الكورد دورا خاصا في المنطقة.
وأعلنت إدارة ترامب مرارا بانها ستناقش دور كوردستان في الشرق الأوسط ولكنها لم تعلن قطعيا نتائج هذه المناقشات مما يشير إلى ان هناك نتائج غير معلنة لأسباب من اهمها عدم اغضاب الحلفاء في المنطقة بما في ذلك تركيا والعراق، ووصلت استنتاجات العديد من المحللين إلى ان واشنطن قد منحت الضوء الأخضر بالفعل لعملية الاستفتاء والانفصال وقالوا انها ستتدخل في وقت متأخر ليس من أجل وقف مسار الاستقلال، بل لإجراء مفاوضات بين حكومة بغداد والكورد على بعض القضايا مثل مصير مدينة كركوك، وهناك اشارات تدل على موافقة ضمنية بين الكورد وواشنطن على احترام أمريكي ودولي لنتائج الاستفتاء والاعتراف بالتطلعات الكوردية مقابل تأجيل اعلان استقلال الدولة.
وأوضح محللون ان الإدارة الأمريكية ربما قد تكون منقسمة تجاه قضية الاستفتاء والدولة الكوردية، فالبيت الأبيض متعاطف جدا مع التطلعات الكوردية في حين تضغط وزارة الخارجية في اتجاه معاكس.
وأشار الخبراء إلى معطيات تؤثر على اتجاه القرار الأمريكي في نهاية المطاف بخصوص القضية الكوردية، إذ أعلنت موسكو انها تؤيد الاستفتاء وتراه تعبيرا عن طموحات الشعب الكوردي، وبدورها لا تريد واشنطن التخلف عن هذا المسار كما تحرك اللوبي الإسرائيلي بقوة في الولايات المتحدة لدعم إقامة دولة كوردية مستقلة في أجزاء من العراق، وكان بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، قد حث وفدا من الجمهوريين في الكونغرس على تأييد إقامة الدولة الكوردية قائلا انهم شجعان موالون للغرب ويتشاطرون قيمه على النقيض من العرب.
وطلب وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس من بارزاني خلال اجتماع سابق تأجيل الاستفتاء حول استقلال كوردستان العراق قائلا ان النقطة التي تود الولايات المتحدة التركيز عليها الآن هي هزيمة «داعش» والتخلص من الأشياء التي تصرف الانتباه عن محاربة التنظيم، ولكن القادة الكورد قالوا ان بارزاني لم يتراجع عن الاستفتاء خلال محادثاته مع المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم تيلرسون وماتيس والجنرال جوزيف فوتيل رئيس القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية.
وحاول الكورد من جهتهم طمأنة عسكر الولايات المتحدة بالقول ان اعلان الاستقلال لن يؤثر سلبا على حملة محاربة تنظيم «داعش» مع إشارات إلى ان الاعلان، في الواقع، قد يمنح الكورد سببا للقتال.