في 25 تشرين الأول/أكتوبر، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة [غير مُعلنة] إلى سلطنة عُمان، هي الأولى التي يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي منذ أكثر من عشرين عاماً. ووفقاً لبيان مشترك صدر بعد الزيارة، بَحث نتنياهو والسلطان قابوس “سُبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، وناقشا عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك والتي تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.
وستوفر الإشارة إلى عملية السلام غطاء دبلوماسياً للسلطان قابوس من انتقادات دول أخرى في العالم العربي، بناء على الأثر الذي أحدثته زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في وقت سابق من هذا الأسبوع. إلا أن مضمون الحوار ربما ركز على “تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة من خلال إبراز الخبرات الإسرائيلية في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد”، على حد تعبير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وفي أخباره المسائية، بث التلفزيون الحكومي العُماني شريط فيديو عن الزيارة يظهر فيه السلطان – الذي سيبلغ من العمر ثمانية وسبعين عاماً في الشهر القادم، والذي لا يتمتع بصحة جيدة – وهو مفعم بالحيوية ولكنه ضعيف. وعرّف قابوس على نتنياهو أربعة من كبار مستشاريه، هم: وزير ديوان البلاط السلطاني خالد البوسعيدي، ووزير المكتب السلطاني سلطان النعماني، ووزير الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبد الله، ورئيس جهاز الاتصالات والتنسيق بالمكتب السلطاني منذر سعيد، الذي تتركز مهامه على الاستخبارات الخارجية. وضمّ وفد نتنياهو رئيس “الموساد” يوسي كوهين، ورئيس “مجلس الأمن القومي” مئير بن شبّات ومدير وزارة الخارجية يوفال روتيم.
وتعود آخر هذه الزيارات إلى ما قبل مطلع القرن الحالي. ففي عام 1994، سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق رابين إلى سلطنة عُمان، كما استضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة شمعون بيريز، وزير الدولة العُماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي، في القدس بعد عام من ذلك التاريخ. وفي عام 1996، اتفق البلدان على إنشاء مكتبين تمثيليين تجاريين متبادلين، حيث قام بيريز رسمياً بافتتاح المكتب الإسرائيلي في مسقط. ورغم قيام عُمان بإغلاق ذلك المكتب بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، إلا أنها استمرت في السماح للممثلين الإسرائيليين بالبقاء في السلطنة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت العلاقات الاستخباراتية والأمنية غير المعلنة بين الحكومتين وثيقة للغاية. وكما هو الحال مع دول خليجية أخرى، تسمح مسقط ببيع منتجات إسرائيلية غير قابلة للتعريف داخل عُمان.
وبالنسبة لإسرائيل، تُظهر الزيارة أن نهج نتنياهو الإقليمي يؤتي ثماره، الأمر الذي يمكن أن يُثْبت أنه مفيد داخلياً إذا أُجريت الانتخابات القادمة في المستقبل القريب كما هو متوقع. كما تُبيّن دور مسقط كقناة خلفية محتملة مع إيران، ربما فيما يتعلق بسوريا. وبالنسبة إلى قابوس، قد يساعد الاجتماع في درء الانتقادات عن علاقاته مع طهران واستعداده للتساهل في نقل الأسلحة الإيرانية إلى المتمردين الحوثيين في اليمن. بالإضافة إلى ذلك، يُلمح الاجتماع إلى أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ليستا المسارين الإقليميين الوحيدين للدبلوماسية الإسرائيلية. وبالنسبة لواشنطن، يمثل الاجتماع خطوة أولى جيدة أخرى على الطريق الطويل لإحياء عملية السلام.