فرزين نديمي
في 22 أيلول/سبتمبر، وبعد عام من التكهنات، عرضت إيران أحدث صاروخ باليستي لها في إطار العرض العسكري السنوي “أسبوع الدفاع المقدس”. وقد صاحبت عملية كشف النقاب لقطات فيديو قديمة تُظهر أنه يجري اختبار الصاروخ.
ويحمل الصاروخ الجديد اسم “خرمشهر” – تيمناً بالمدينة الواقعة جنوب غرب إيران التي لطالما كانت رمزاً للمقاومة الوطنية ضد الغزو الأجنبي – وهو ذو مرحلة واحدة ويبلغ طوله 13 متراً، ويصل نطاقه إلى مدى 2,000 كيلومتر ويتمكن من حمل رأس حربي يبلغ وزنه 1,800 كيلوغرام، وينفصل في مرحلة الطيران الأخيرة ويمكن أن يحمل رؤوس حربية ذات توجيه فردي أو متعدد. ووفقاً لقائد «القوة الجوية الفضائية في الحرس الثوري» الإيراني العميد أمير علي حاجي زاده، بات نظام الصواريخ في المراحل الأخيرة من التطوير.
ويبدو بوضوح أن الصاروخ يتمتع بعرض أكبر من النماذج الإيرانية السابقة، ربما من أجل استيعاب نظام دفع جديد ووقوداً سائلاً بكميات أكبر في هيكل أقصر. وتشير تركيبة الصاروخ الخالية من زعانف التوجيه إلى اعتماد نظام جديد للضبط والتوجيه. والأهم أنها تتيح لإيران خيار نقل الصاروخ في الصحاري الحارة والمناطق الجبلية الباردة داخل حاويات مناولة، مما يوفر مرونة عملانية متزايدة ويساهم في توفير بيئة مناولة يمكن مراقبتها بشكل أفضل.
وبالتالي، يمكن وضع صاروخ “خرمشهر” على منصات قاذفات إطلاق (TEL) متحركة إلى حدّ أكبر ومتعددة المحاور مشابهة للآليات الصينية الأصل التي تستخدمها كوريا الشمالية. ولم يعلن الإيرانيون بعد عن إنشاء منصات قاذفات إطلاق جديدة مصممة وفقاً للطلب، لكن من المعروف أنهم طوروا مؤخراً عدة هياكل محلية عالية الأداء يمكن تعديلها لنقل صواريخ باليستية ثقيلة على الطرق الريفية. وقد تم كشف النقاب عن أهم تصميم، وهي الشاحنة التكتيكية الثقيلة “ذو الجناح” 10×10، في أيار/مايو 2014 وتردّد أن حمولتها قد تصل إلى 30 طناً، على غرار وزن الإطلاق التقديري لصاروخ “هواسونغ -10″، وهو النسخة الكورية الشمالية الأقرب لصاروخ “خرمشهر”.
وسيشكّل نظام نقل الحركة العائق الأبرز أمام منصات قاذفات الإطلاق الصالحة لجميع المسارات، لكن ربما تمّ إيجاد حل لهذه المشكلة المحتملة في 12 أيلول/سبتمبر، عندما أبرمت شركة “إيران خودرو” الحكومية لصناعة السيارات اتفاقاً مع شركة “دايملر” الألمانية لتوزيع الشاحنات من طراز “مرسيدس” عالية الأداء في الجهورية الإسلامية. ووفقاً لموقع “خودرو” الإلكتروني، سيسفر الاتفاق الثاني الذي سيتم توقيعه في الشهر المقبل عن مشروع مشترك لإنتاج المركبات الثقيلة في إيران، بما فيها شاحنات “أكتروس”. كما يجري قسم تصنيع المحركات التابع للشركة “إيران خودرو ديزل” مفاوضات مع شركة التكنولوجيا الألمانية العملاقة لإنتاج محركات الديزل الكبيرة في إيران. وحالياً، تفتقد إيران إلى الدراية الفنية لتصميم محركات مماثلة عالية الأداء بمفردها، ولكن التصاميم الألمانية الحديثة التي تتمتع بكفاءة كبيرة ستكون مثالية لاستخدامها في منصات قاذفات الإطلاق الخاصة بالصواريخ وناقلات الدبابات وزوارق الدوريات/الصواريخ المحلية. وخلال العرض العسكري الذي أُقيم الأسبوع الماضي، تمّ تحميل جميع أنظمة الصواريخ على شاحنات مصنوعة في الخارج، حيث جرى تغطية أي علامات تدل على مكان الصنع والطراز بعناية.
مؤشرات على تلقي مساعدة من كوريا الشمالية؟
كما هو مبين أعلاه، يبدو صاروخ “خرمشهر” مماثلاً لصاروخ “هواسونغ -10″/”موسودان”/” بي أم 25″ الكوري الشمالي من دون رأسه الحربي. ومنذ عام 2005، صدرت عدة تقارير حول تسليم بيونغيانغ عدداً كبيراً من صواريخ “هواسونغ -10” إلى إيران. ووفقاً لوثيقة “ويكيليكس” من عام 2010، اشتبهت مصادر المخابرات الأمريكية بأن طهران استوردت الصاروخ من أجل وضع يدها على نظام دفع عالي الأداء، على الرغم من أنه لم يكن قد تم بعد اختبار صاروخ “هواسونغ -10” في ذلك الوقت.
وعندما كشفت كوريا الشمالية النقاب عن الصاروخ في عام 2010، كان يُعتقد أن طوله يبلغ حوالي 12 متراً وعرضه 1.5 متراً. وعندما أجري الإطلاق التجريبي للصاروخ في عام 2016، قُدِّر أن حمولته تتراوح بين 1,000 و1,250 كيلوغرام ومداه الأقصى يتراوح بين2,500 و 4,000 كم، مما يجعله صاروخ باليستي متوسط المدى.
وفي 11 تموز/يوليو 2016، أجرت إيران أول اختبار تجريبي لصاروخها من طراز “خرمشهر”، ويبدو أنه سقط بعد وقت قصير من انطلاقه من المنصة. وقد تمّ مجدداً اختبار الصاروخ في 29 كانون الثاني/يناير 2017، وأفادت بعض التقارير أنه اجتاز مسافة 1,000 كيلومتر. وإذا كان صاروخ “خرمشهر” بالفعل نسخة معدلة عن صاروخ “هواسونغ -10″، فقد يكون هذا الأمر مثيراً للقلق نظراً إلى التقارير التي أفادت بأن الصاروخ الكوري الشمالي يستخدم نفس المحرك الموجود في الصواريخ الحالية الباليستية العابرة للقارات التي تمتلكها كوريا الشمالية.
ومن غير المعروف ما إذا كان الصاروخ الذي اختُبر في لقطات الفيديو الإيرانية التي عُرضت الأسبوع الماضي عندما تم كشف النقاب عنه، ينقل أي حمولة، ولكن إذا كان فعلاً قادراً على حمل رأس حربي يصل وزنه إلى1,800 كيلوغرام، فسيتيح ذلك لطهران نظرياً تطوير حمولة نووية كبيرة نسبياً تلائم نظام الصواريخ. وعلى الرغم من أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 يحظر على إيران تطوير صواريخ ذات قدرة نووية، يبدو أن صاروخ “خرمشهر” يتطابق مع ذلك الوصف، بالإضافة إلى كونه خطوة واضحة نحو اكتساب قدرة موثوقة على تطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات.